التونسية (تونس) بدت «النهضة» في التحوير الوزاري الأخير «باقية وتتمدد» بعد أن تعزز حضورها في الفريق الحكومي بحقائب جديدة ...فالحركة التي أبدت طوال الفترة الماضية «قناعة» كبرى بنصيبها في الحكم أحرزت في التحوير الجديد تقدّما أولا بكسبها معركة وزارة الشؤون الدينية التي انتهت بقبول الصيد إزاحة عثمان بطيخ من منصبه وتعويضه بالشيخ الزيتوني محمد خليل القريب من الحركة ثم بتعزيز عدد حقائبها بثلاث وزارات جديدة . «تمدّد» الحركة في الحكم ترجمه أيضا حصولها على حقيبة سيادية وتنصيب عمر بن منصور على رأس وزارة العدل وهو ما أكّد صحّة السبق الصحفي الذي أوردته «التونسية» بعدد 1 جانفي بأن الحركة هي التي اقترحت ودفعت نحو هذا الإسم الذي يجمع المتابعون للشأن العام على نجاحه في إدارة ولاية أريانة . طاقم «النهضة» الوزاري تعزز أيضا بحقيبة إقتصادية تقنية لا تقل أهمية عن الحقائب السيادية وهي وزارة الطاقة والمناجم. فمنجي مرزوق العائد إلى الحكومة سبق له أن شغل في حكومة حمادي الجبالي منصب وزير تكنولوجيا الاتصال. التحوير الوزاري الذي أبقى على زياد العذاري في وزارة التكوين المهني والتشغيل عزّز أيضا تموقع «النهضة» بتعيين نجم الدين الحمروني مستشارا لدى رئيس الحكومة مكلفا باليقظة والاستشراف وهي خطة محدثة صلب مؤسسة الرئاسة. ورغم تأكيد الناطق الرسمي باسم «النهضة» أسامة الصغير على أن تمثيل حزبه صلب الحكومة يبقى دون حجم الحركة الحقيقي التي تستأثر بثلث أعضاء مجلس النواب إلا أنه عبرّ في تصريح ل«التونسية» عن الرضا النسبي للحزب على التحوير الوزاري لافتا إلى أن حزبه مستمسك في توجهه الحكمي بإعلاء المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية . وأفاد الصغير أن الحركة ستواصل مساندة الحبيب الصيد ودعمها حكومته وخياراته بمنحها الثقة للوزراء الجدد على أن تكون الثقة هذه المرة مشروطة بخطاب صريح وواضح من رئيس الحكومة حول برنامجه المستقبلي للحكومة الذي يتطلّب استعجال الإصلاحات الاقتصادية والإجتماعية التي لم تعد تحتمل الانتظار وفق تقديره . واعتبر أسامة الصغير أن حكومة الصيد الجديدة ندائية بامتياز مشيرا إلى أن شرط التوازن في التمثيلية الحزبية غير مهم وأن العبرة بالنتيجة ما دامت مصلحة البلاد تقتضي أكبر قدر من التوافق مؤكدا على أنّ تنحية وزير الداخلية ناجم الغرسلي كانت مفاجأة ... تصريحات الصغير أيدها نائب رئيس مجلس النواب عبد الفتاح مورو الذي شدد على أن حزبه لا يعترض على الأسماء الجديدة التي وردت في التحوير الوزاري وأنها تحظى بموافقة مبدئية من «النهضة» مضيفا أن تمثيلية الحركة في الحكومة لا تهم بقدر ما تعني مردودية الوزراء الذين تم تعيينهم لافتا إلى أن أن رئيس الحكومة هو المسؤول عن سياسة حكومته. وإن تأكد أن كتلة حركة «النهضة» ستبارك حكومة الصيد بتجنيد كتلتها لتسهيل عبور الفريق الوزاري امتحان البرلمان فإنّ الثّابت أيضا أن بصمات الحركة ستكون أكثر وضوحا في الحكم مستقبلا بعد تأكيدها على أنّ منح الثقة للحكومة هذه المرة سيكون مشروطا بنجاعة الصيد في دفع فريقه الحكومي على الإستجابة دون إطالة أو مماطلة لمستحقات المرحلة القادمة. خلاصة المشهد السياسي اليوم أن لا أحد من الأحزاب يريد تحمّل مسؤولية الفشل الحكومي لذلك لا أحد منها يريد أن يأخذ ثقل العمل الحكومي على كاهله لوحده . فالحكم التوافقي الذي انخرطت فيه الأحزاب قناعة أو اضطرارا سيجعل مكونات الائتلاف الحكومي على محك المسؤولية لأن فشلها أو نجاحها في إدارة المرحلة سيكون الفيصل في تحديد نتائجها في الاستحقاقات السياسية القادمة .