لا تنتظروا من الانتخابات مستقبلا إلاّ الوهم! قوانين البلاد وراء تعاسة واقعها الديبلوماسيّة الحكيمة هي التي تكفل مصالح الآخر دون التّفريط في مصالح البلاد حوار: أسماء وهاجر تساؤلات عديدة تطرح اليوم ونحن نقترب من الاحتفال بعيد الثورة: ماذا تحقّق وماذا لم يتحقّق؟ وما هي الأسباب وما هي أهم المراجعات التي يجب أن تقام في هذا السياق لتكون لبنة أولى نحو المنشود؟ لماذا لزم الساسة والأحزاب والشعب خطّين متوازيين رغم نزاهة الانتخابات وممارسة الشعب حقّه في اختيار الحاكم؟ لماذا تُوجّه إلى اليوم أسهم النقد للديبلوماسية التونسية التي اعتبرت في حالة سبات وخارجة عن السياق العام وتعيش لخبطة؟ ماذا يقع في كواليس هذا العالم؟ كانت هذه بعض الخطوط العريضة لحوار «التونسية» مع الديبلوماسي السابق فرحات عثمان وهو باحث في علم الاجتماع والعلم السياسي في رصيده العديد من المؤلفات الذي أكد أن المعضلة اليوم في تونس في ترسانتها التشريعية التي أكل عليها الدهر وشرب وأن رأس النظام البائد سقط وبقيت تشريعاته ومنظومته البائدة التي لم تفعل سوى تدعيم القطيعة مع الشباب. ونحن ندخل سنة جديدة يعتبر البعض أن سياسيي اللحظة يبحثون عن نتائج ثورية بتمشّ وبعقلية قديمين، ما هي حسب رأيكم المراجعات الضرورية التي يجب أن تقع حتى لا تبقى الثورة مجرد حدث؟ - الثابت، وهذا لا يخص بلدنا وحده، هو وجود قطيعة بين النخب والشعب؛ ذلك ما أنتجه الأنموذج الذي قامت عليه الحياة السياسية، بما فيها الديمقراطية، وقد أفلست حتى في الغرب بما أنها أصبحت مجرد عمليات انتخابية لا تمثل حقيقة رغبات وطموحات العموم. من ذلك خاصة النظام الحزبي، بأحزابه الكبرى المهيمنة على الحياة السياسية، إذ لم يعد يخدم مفهوم الديمقراطية كحكم للشعب. لقد رأينا باليونان، وأخيرا بإسبانيا، عزوف الناخبين عن مثل تلك الأحزاب للتوجه نحو هياكل صغرى أقرب لشواغل الناس وهمومهم، وهي عموما نتاج المجتمع المدني. لذا، يرى المحللون، وأنا منهم، وجوب المرور إلى نظام جديد يعتمد أكثر على المجتمع المدني، خاصة بالمدن الداخلية والقرى، من أجل ما يمكن تسميته بالسلطة الشعبية أو الديملوكية Démoarchie. فحتى لا تفقد الثورة التونسية روحها، ما جعل منها الحدث الكبير الذي نعت منذ البداية بالانقلاب الشعبي Coup du peuple، لا بد من ترك التقليد الأعمى لما يقع بالغرب واستنباط الجديد، بدءا بلامركزية حقيقية يكون القرار فيها، في كل ما يخص البلديات والجهات، عند أهلها، أي محليا لا مركزيا. وهذا ما يُسمّى ديمقراطية تشاركية. ولعل الفرصة مناسبة لمثل هذه الثورة العقلية باعتماد نظام انتخابي يكون مخالفا لما عملنا به إلى الآن، وذلك باللجوء إلى نظام التصويت على الأشخاص مستندا على علاقة جديدة وجدية تربط بين الناخب والمنتخَب تفرض التزامات على المنتخب حسب خارطة واضحة المعالم ودقيقة من شأنها، إن لم يقع احترامها، أن تُفقد المنتخَب صفته وتعجّل بتبديله برديف يُنتخب معه ثم بانتخابات جديدة إن تواصل تجاهل الالتزامات- وبما أن المجال لا يسمح للتعرض للتفاصيل هنا، وقد بيّنتها في مقالات عدة وهي في مجال ما أسميه بالاقتراع المعقلن على الأشخاص- Scrutin uninominal rationalisé. اشادة بالتجربة التونسية وبانتقالها الديمقراطي الذي توّج بجائزة نوبل في حين أنّ الانتقال إلى ضفة الكرامة ورفع التهميش لم يتحقق بعد. كيف تفسر هذه المراوحة بين صورة ناصعة وواقع تعيس؟ الصورة وإن كانت ناصعة ظاهرا وحقيقة في اعتقادي، فهي حتى الآن على السطح فقط، إذ الباطن يخالف الظاهر، كما نراه اليوم مثلا في التطاحن بين منظمتي الأعراف والشغالين بسبب حفنة من الدينارات. ولا بد لنا ألا نغفل عن الثابت الذي هو الواقع الشعبي التونسي؛ إن كان حقا تعيسا في حياة المواطن اليومية، فهو في نفس الوقت يزخر بقيم تليدة وزخم من تلك العادات والروحانيات التي مكّنت وتمكّن الشعب التونسي من العيش رغم الضنك. قناعتي إذن أن تونس تمثل استثناء بشعبها، لا بنخبها الحالية، هذا الشعب الذي دلّ على ما له من القدر الكبير من الوعي، خاصة بشبابه ونسائه. ولا شك أن هذا، طال الزمن أو قصر، يمكّنه من تحقيق الأفضل، ولعل ذلك يتسارع لو كانت له النخبة السياسية التي يستحقها، إذ نخبنا الفاعلة اليوم أقل ذكاء من عموم الشعب في حكمته التليدة - على أن مثل هذه الحال لا يمكن لها أن تطول إلى ما لا نهاية لأن المقادير تحرس اليوم، وتونس أرض صوفية كما نعلم- فما من شك أن لها وافر الحظوظ للنجاح بما أن الأمور ببلادنا مواتية دون أدنى شك لأجل تشابك مصلحة البلاد مع مصالح البعض ممن يهمّهم نجاح النموذج التونسي وعلى رأسهم الحليف الأول الضروري لتونس ألا وهو الصديق الأمريكي. بقي فقط عليه أن يفهم كما يجب العقلية التونسية، فلو فهمها حقا، لسارع لحمل من يساندهم سياسيا على إبطال قوانين العهد البائد التي تحرم الشعب التونسي من حقه في الحرية على مستوى حياته الشخصية على الأقل في انتظار تطور الأوضاع على بقية الأصعدة. فالترسانة القانونية التي أكل عليها الدهر هي المسؤولة أولا وقبل كل شيء عن تعاسة الواقع التونسي. وطبعا، ليس من الصعب بتاتا، إن توفرت العزيمة السياسية، القطع حقا مع هذا الماضي البغيض، وهو الذي من شأنه اليوم، قبل أي شيء آخر، إعادة الثقة المفقودة بين الشعب وحكامه وإكساب البلاد حقا الصورة الناصعة التي يستحقها. كيف تقيّمون تجربة الائتلاف في التعايش والحكم؟ إن أهمّ ما يميّز الوضع الحالي هو استدامة القطيعة بين الشعب والنخبة الحاكمة، بما أن الائتلاف الحاكم تم على حساب ما كان ينتظره الشعب من تغييرات ضرورية تبطل على الأقل القوانين الجائرة الموروثة من العهد البائد، وحتى من عهد الاحتلال، حتى تُصبح المنظومة القانونية التونسية موافقة للحقوق والحريات التي جاء بها الدستور. لزاما علينا هنا، بعد التذكير أن الدستور لم يكتسب شاكلته الحالية إلا بفضل العمل الدؤوب للمجتمع المدني، أن نهيب بالجمعيات حتى تواصل النضال لأجل حقوق الشعب المشروعة، على أن هذا يقتضي أن تغيّر من نمط هذا النشاط مما يضمن الفاعلية والنجاح، وذلك مثلا بفرض حقها في عرض مشاريع قوانين جريئة على مجلس النواب في ميدان الحقوق والحريات؛ فهي الوحيدة اليوم التي لها أن تخرج البلاد من جمودها. لها إذن أن تعرض المشاريع وأن تدافع عنها أمام الشعب فتعرضها على النواب لتبنيها مستعينة بالسلطة الرابعة التي لا غنى اليوم عنها في العالم وفي تونس خاصة. بذلك نبني ما أسمّيه ما بعد الديمقراطية Postdémocartie. هناك من يعتبر أن ضعف المعارضة اليوم هو نقطة ايجابية لأننا بحاجة إلى الاستقرار والتخفيف من حدة التوتر في حين أن هناك من يعتبر أن ضعف المعارضة وضع الديمقراطية في حالة موت سريري؟ المعارضة الحقيقية زمن ما بعد الحداثة تتمثل في نشاط جمعيات المجتمع المدني، فلا بد لها من العمل، لا فقط رفع الشعارات كما نراها تفعل، ويكون ذلك، كما قلت آنفا، بعرض مشاريع القوانين المتناسبة مع الوضع الاجتماعي. فنحن في تونس نسعى لخلق نموذج جديد قوامه سلطة الشعب وهي في سلطة مجتمعه المدني، هذه هي «الديملوكية»! فعلينا وعلى النخب أن تعلم أن الديمقراطية الغربية أصبحت تسمى ديمقراطية التدجين Démocratie d'élevage وهي غير صالحة لشعبنا الذي يتوق لما هو أفضل. فإما أن يكون النظام السياسي بتونس الجمهورية الجديدة ديمقراطية متوحشة Démocratie sauvage أو أن يصبح الديملوكية أي السلطة الشعبية Démoarchie. تحدثت عن ضرورة وضع مفهوم جديد للإسلام السياسي وتعتبره جزءا من الحلّ في بلدان المغرب العربي. كيف ذلك والحال أن هذا المفهوم يتعرّض لاتهامات عديدة؟ لا مانع للإسلام أن يلج السياسة كما ولجتها المسيحية، بل له الحق أكثر من المسيحية بما أن الإسلام دين دنيا وآخرة، إلا أنه على أهل الدين القيّم التمعن في هذه المقولة التي لا تعني بتاتا الخلط بين الدين والسياسة، بل هي الفصل التام كما عرفته اللائكية. فما يجهله أو يتجاهله إسلاميونا، تماما كغيرهم ممن يتحامل على الإسلام، هو أن الحنفية المسلمة تفصل فصلا واضحا بين العقيدة التي لا تهم إلا الحياة الخصوصية للمؤمن، وهي في علاقة مباشرة مع الله لا واسطة بينهما - إذ لا كنيسة ولا كهانة في الإسلام الصحيح - والدنيا أي السياسة التي حكمها في الشورى، أي أصول السياسة كما عرفتها الحضارة الغربية والتي سبقتها حضارة الإسلام، إذ كانت ما عبرت عنه بحضارة تراجعية Rétromodernité. لقد سبق لي أن قلت إن ديننا لائكي بحق بالمعنى الاشتقاقي للكلمة، وهي تعني ما يخص الأغلبية؛ هذه حال الإسلام. إلا أننا نغلط كبير الغلط إذا اعتقدنا أن ما يخص الشعب هو إسلام متزمت، لأن الإسلام، وكذلك هو في هذه الربوع المغاربية، روحانيات قبل كل شيء، أي ثقافة لا شعائر، لأن الإسلام التونسي والمغاربي صوفي الأبعاد. هذا أيضا ما سميته بالإسلام ما بعد الحداثي، إذ لا يمكن للإسلام أن يكون حداثيا اليوم نظرا لحداثته السابقة للحداثة الغربية. أشرت كذلك إلى تواصل وجود قطيعة بين الساسة والشعب في تونس. نتساءل في هذا الصدد: ماذا قدمت الانتخابات للتونسيين وما هو دورها في التقليص من هذه الهوة؟ الانتخابات لم تعد تأتي بشيء عدا الوهم، فهي توهم بأن الأغلبية تصوّت بينما نرى جليا أن الواقع يختلف عن ذلك تماما. وهذا لا يخصّ بلاد الجنوب وحدها، إذ كذلك الأمور بالغرب حيث تهاوى النموذج الديمقراطي كما بينت سابقا. لذلك، لا يجب الاكتفاء بالانتخابات اليوم، خاصة عندما تتم حسب قانون انتخابي لا يخدم إلا مصالح الأحزاب الكبرى، وهذه الحال ببلادنا. لا بد اليوم من إجراءات عملية شجاعة تهم الحياة اليومية، لذا لا مناص من الاعتماد على الجمعيات ومكونات المجتمع المدني، وطبعا الإعلام النزيه. وبالنسبة لبلدنا، من الحتمي الابتداء بالقطع الواضح مع الماضي في أبشع ما يمثله، أي قوانينه الزجرية التي تفتح الباب لأحكام مهينة للمواطنين تتم، في البعض منها، حسب قوانين الاحتلال التي لا زالت تتحكم في مصير التونسيين. هناك اليوم من يعتبر أن الديبلوماسية التونسية في حالة سبات وأنّه لا وزن لها لأن سيادتها مفقودة ويكفي أن نشير في هذا الإطار إلى تصريحات الديبلوماسي احمد بن مصطفى أن معاهدة الحماية واتفاقية الاستقلال الداخلي سارية إلى اليوم ما رأيك؟ نعم، لقد ولّى العهد الذهبي للديبلوماسيّة كما عرفته وساهمت فيه في الثمانينات، بل وحتى في التسعينات، إذ لم يقع إقصائي جورا من السلك الديبلوماسي إلا في منتصف التسعينات مع بداية السقوط إلى الهاوية التي لا زلنا فيها؛ لكنه لم يندثر نهائيا. فالمؤسف حقا هو أن بلادنا لا تنقصها كفاءات، لكنها مهمّشة أو مظلومة في حقوقها لأجل مصالح قلة يهمها أن تبقى سياستنا الخارجية على حالها اليوم، بما أنها في خدمة مصالح همها ألاّ يتغير أي شيء من شأنه المسّ بمكتسباتها العديدة بتونس. ولا شك أن هذا من المضحكات المبكيات، والديبلوماسي المحنك، مثل أخي أحمد بن مصطفى الذي أحيّيه بالمناسبة، يعلم جيّد العلم أنه لا سياسة ولا ديبلوماسية دون الأخذ بمصالح الآخر؛ على أن الفرق بينه وبين الديبلوماسي الكذوب، هو أن له من الذكاء والفطنة ما يجعل له القدرة البارعة على الحرص أن يكون ذلك في نطاق شراكة حقيقية تضمن من ناحية دوام تلك المصالح لأهلها من باب الواقعية، ولكن دون التضحية بمصالح البلاد الأساسية، وهي أساسا مصالح شعبها المهدورة اليوم. هذه هي الديبلوماسية الحكيمة في نطاق سياسة أسميها بالفهيمة Politique compréhensive، وهي سياسة القيم Poléthique، لا سياسة مصالح آنية لا تدوم ولن تدوم بما أنّه بعد الحداثة هناك زمن الجماهير، وإذا تحركت الجماهير فلا رادع لغضبها دون الخسارة العظمى. في اعتقادكم ما هي العراقيل الحقيقية التي تقف حائلا أمام ارساء ديبلوماسية مغاربية جديدة وفاعلة؟ العراقيل متعددة، وهي موضوعية وذاتية متأتية من كوابل في اللاوعي الجماعي والمتخيل السياسي؛ ولعله بالإمكان تلخيصها أساسا في عدم القدرة على الخروج من نمط ديبلوماسي متهافت أقامه على مقاسه النظام الغربي المتهاوي. أفضل دليل على هذه الحقيقة المرة هو خور غلق الحدود ووهم ضرورته الذي نقبل به ونساهم فيه بينما لا بد من فتح تلك الحدود حتى نقضي على الهجرة السرية وما يتبعها من مصائب وجرائم في التجارة بالبشر، وحتى الإرهاب. نحن بقبولنا نظرة الغرب في حتمية التأشيرة وغلق الحدود لا نقدر على استنباط الجديد، بل ولا على رفض مواصلة العمل بما ينقض السيادة التونسية ويخرق القانون الدولي بممارسة رفع بصمات التونسيين من طرف سلط أجنبية على التراب التونسي. فلو كان في ديبلوماسيتنا اليوم الشيء القليل من الشجاعة لرفضت بعد الثورة مواصلة العمل بالتأشيرة على شاكلتها الحالية وطالبت، كما اقترحته، أن تصبح تأشيرة عبور Visa biométrique de circulation تسلم بصفة آلية ومجانا لكل تونسي لمدة سنة على الأقل مع التمديد التلقائي لنفس المدة عند انتهاء الصلوحية. وبهذا فقط، يكون التعويض المناسب للرفع غير القانوني وغير الأخلاقي للبصمات من طرف سلط أجنبية. إن على حكامنا المطالبة بهذا كحق من حقوق التونسي في حرية التنقل وكسب من مكاسب ثورته التي دلّت على النضج السياسي لمواطنينا. مع العلم أن العديد من أصدقائي الديبلوماسيين الأجانب يستغربون صمت سلطنا في هذا الموضوع. وهناك أيضا امر الديون التي كان لا بد من المطالبة برفعها لمساندة النقلة نحو الديمقراطية، وهي متوجبة دوما في نطاق شراكة أخلاقية جديدة بين أوروبا والبلاد المغاربية، إذ لا مناص من خلق مساحة ديمقراطية متوسطية Espace de démocratie méditerranéenne تفتح الباب لدخول تونس والمغرب العربي آجلا إلى الاتحاد الأوروبي. فالاتحاد متواجد على الأرض المغاربية بفضل سبتة ومليلية، فإما أن ينهي هذا الاحتلال المتعلق بسياسة مهجورة أو أن يقبل بالمغرب وتونس داخل اتحاده. هذا هو المنطق الصحيح الذي لا يناهض المصالح المشتركة بل ينمّيها لمصلحة الجميع! لماذا التوجه العام إلى ربط علاقات مع دول الخليج؟ هل هناك خلفية سياسية لهذا التوجه وماذا يمكن أن يضيف لتونس؟ هناك عقدة عَقَائدية عند أهل الإسلام السياسي تتمثل في ضرورة التوجه نحو الشرق وبلاد الخليج كدليل على أصالة البلاد، بينما أصالتها متجذرة في محيطها المغاربي والمتوسطي. ثم هناك أيضا مصالح مادية لعلها تنتفي إذا عرفنا كيف نحصل على ما يعوّضها من الغرب إذا طالبناه بها من باب التعديل للمصالح المشطة له بأرضنا منذ القدم. ويكون ذلك أيضا لسد باب الإضافة المزعومة والمشترطة لبلاد الخليج التي تعمل على شيطنة الإسلام التونسي ومنع بروز سلطة الشعب بها لما يمكن أن يكون لها من تأثير على شعوب الخليج من توق للحرية والعدالة. هناك من يرى أن أخطاء الديبلوماسية التونسية تعدّدت بعد 14جانفي 2011 وأنها خرجت عن النّهج السليم الذي رسمه الزعيم الحبيب بورقيبة؟ مع خروج العديد من الكفاءات أو إخراجها قسرا من السلك الديبلوماسي أصبحت سياسة تونس الخارجية مرتعا لمن هب ودب، وليس من السهل العودة بها بسرعة إلى الاتزان، فهذا يأخذ من الوقت الكثير عند العمل الدؤوب فما بالك عند التأني أو المماطلة! أنا أعرف جيدا البعض من الساهرين اليوم على حظوظ ديبلوماسيتنا، وأعلم أن منهم المجاهد حقا من أجل إعادة الاعتبار لها ولأهلها، لأن ذلك غير مستحيل بالمرة، فهو يقتضي إعادة الكفاءات ومن خدم البلاد من داخل الإدارة، ومن يواصل خدمتها من الخارج، همه الوحيد مصلحة الوطن العليا ولا شيء آخر، وهذا مما يحسب بحق لتونس مقارنة بسائر الدول العربية الإسلامية، لأن التونسي له، إضافة لعروبته، الكثير من الأمازيغية، والكلمة تعنى الرجال الأحرار؛ مع العلم أن التونسيات أيضا حرائر! كل هذا في مصلحة الشعب التونسي الذي يستحق الكثير من الخير وقد جنى عليه من لا يعرف السياسة ولا يمتهن الديبلوماسية حسب أصولها.