تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيسة اتحاد المرأة ل «التونسية»: العقليات تقصي المرأة التونسية
نشر في التونسية يوم 10 - 02 - 2016


ولّى عهد «التّصفيق»
نأمل في انتهاء ضغوطات الحكومة علينا
حاورتها: خولة الزتايقي
أكدت راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية في حوارها مع «التونسية» على وجود صعوبات أمام الاتحاد، متحدثة عن وضع المرأة في تونس التي قالت إنّها لا زالت مقصاة ومغيبة في مواقع القرار.
الجربي أكدت أيضا على دور الاتحاد في النهوض بالمرأة ومساعدتها وتأطيرها، منبهة إلى أن تونس لم تعد للأسف رائدة في مجال حقوق المرأة مقارنة بدول عربية أخرى. ما هي أهم الصعوبات التي يواجهها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية؟
الاتحاد الوطني للمرأة التونسية قادر على أن يقدم الصورة الحقيقة لما تعانيه المرأة التونسية، ذلك أنه على اتصال بجميع النساء في جميع ولايات تونس، وبالتالي يمكن له أن يحدد أهم الصعوبات التي تعاني منها المرأة التونسية، كما يمكن له أن يقدم الصعوبات التي يعاني منها الاتحاد.
أهم الصعوبات التي يعاني منها الاتحاد هو انعدام السلم الاجتماعي داخل الاتحاد، ذلك أن المستجدات الحاصلة والمستجدة في تونس، لها تأثير على الاتحاد، كلما نتقدم من أجل خلق سلم اجتماعي داخل المنظمة، إلا ويحدث شيء يعيدنا إلى نقطة الصفر، طبعا ما نعانيه من عدم استقرار ليس على مستوى الهياكل، بل على العكس الهياكل تعمل كما يجب، لكن ما نعانيه هو انعدام استقرار نفسي لدى الموظفين العاملين داخل الاتحاد، ذلك أن الاتحاد أصبح يعمل 6 أشهر من أصل 12 شهرا، ويعمل من أجل المرأة لمدة 4 أشهر في السنة، لنجد في آخر السنة أننا خُضنا العديد من المعارك ودخلنا في منعرجات قضائية في العديد من المرات، مع العديد من الأشخاص من حكومة ووزراء وكتاب دولة وموظفين وغيرهم، ونجد أننا قدمنا الإضافة الكبيرة والتي تعتبر عند البعض مستحيلة، طبعا نحن لسنا أفضل من الناس، ولكن الاتحاد عمل بحق، والحقيقة هو أن العديد من النساء يدفعننا للعمل أكثر وأكثر وتقديم المزيد لصالح المرأة التونسية، ذلك أن عددا كبيرا من النساء يأتين إلى الاتحاد ويطلبن يد المساعدة، فتجد نفسك أمام ضرورة تقديم المساعدة لهن، وتكون مضطرا إلى التحرك دون توقف.
أما في المجال الجهوي فالاتحاد يعمل ولم يتوقف يوما عن العمل وتقديم المساعدة إلا في بعض الجهات التي كان نشاطنا فيها محدودا أو محتشما.
ماذا عن مسألة قطع المرتبات عن الموظفين في الاتحاد؟
طبعا المرسوم الصادر وقطع المرتبات عن موظفي الاتحاد كان له تأثير على الاتحاد، لكن للحقيقة، نحن نظرنا إلى الجانب الإيجابي، هذا الأمر دفع بالمؤسسة إلى الاعتماد على نفسها، وحتى تكون لها استقلالية عن الأحزاب وعن الأفكار والمنهجيات التي يمكن لها أن تستقطبك وأن تستغل حاجتك المالية، لخلاص أجور موظفيك أو للقيام بأنشطتك، حتى يمرر أفكاره أو للضغط عليك أو لجعلك نقطة تعبئة سياسية، وهو ما فرض علينا وجوبا الاستقلالية، وطبعا لا يمكن أن تكون لك استقلالية، إن لم تكن لك أموالك الخاصة ومواردك الخاصة، طبعا نحن لدينا مواردنا الخاصة، ومنذ سنوات والاتحاد معتمد على نفسه، وما أريد أن أنبّه إليه هو أن ما يتم ترويجه غير صحيح بتاتا، فالاتحاد يعمل ويعوّل على نفسه وجميع أنشطته من موارده الخاصة ونتيجة عمل هياكله، وقد كان لنا ربما اعتماد على الدولة، وذلك على مستوى البرامج واتفاقيات الشراكة مع كل الوزارات بلا استثناء، وهو ما سهل تنوع مجالات تدخلنا وسهل دخول برامجها حيز التطبيق.
هناك عقلية سائدة وهي أن الاتحاد النسائي كان على علاقة ب«التجمّع» وجزءا من النظام السابق؟
أنا قدمت من خارج الاتحاد ولم تكن لي معرفة أو علم بحقيقة المنظمة، والصورة التي انطبعت في ذهني هي أن هذه المنظمة منظمة تصفيق ومنظمة «التجمع» شأني شأن أي تونسي وأيّة امرأة، لكن للحقيقة ما أريد أن أقوله هو أنه لا علاقة للمنظمة ب«التجمّع» وأن التعاون الواقع بين الاتحاد والدولة كان له أثران الأول إيجابي والثاني سلبي. أما الإيجابي فيتمثل في أهمية أن يكون لك تعاون مع الدولة وعلاقات واتفاقيات، وهو ما يحقق المنفعة للدولة، وللمواطن التونسي والمواطنة التونسية، من خلال الخدمات المقدمة، وفي نفس الوقت يجعل من الاتحاد منتفعا من خلال تسهيل الأمور أمامه ليقوم بمهامه، لكن هذه المسألة تحتوي على جانب سلبي وهو أنه يترك انطباعا أننا تابعون للنظام، في حين أن المنظمة غير تابعة للنظام، بل هي منتمية لمؤسسات الدولة التي تقوم بخدمات لفائدة المرفق العام المتعلق بالمرأة والأسرة والفئات المهمشة والفقيرة والتي ليس لديها إمكانات.
العقلية سابقا كانت تربط الاتحاد بالنظام، ذلك أن الدولة والنظام كانا واحدا، والدولة ورئيس الجمهورية والحزب كانوا واحدا، لم تكن هناك تفرقة بين الدولة كمؤسسة وكهيكل تنظمه القوانين والدستور التونسي والحزب الذي كانت مهمته تسيير الدولة، وهو ما جعل المواطن يعتقد أنه عندما يقوم الاتحاد بعمل ما لفائدة البلاد، فهو يخدم بذلك الجهاز الحزبي، هذا غير صحيح ، فعندما تكون هناك دولة ديمقراطية فيها فصل بين السلط، وفيها فصل بين الحزب الحاكم وبين الدولة ككيان ينتظم تحته الشعب، عندها نعي أننا نعمل من أجل بلادنا وليس من أجل الحزب الحاكم في البلاد، وهذا للأسف، لم يفهمه ولم يعيه الكثير من السياسيين الراغبين في السلطة بعد الثورة، ذلك أنهم أرادوا إعادة نفس الفكرة ونفس التوجه الذي استأنا منه جميعا والذي انتقدونا من أجله، ورغم كل ذلك أرادوا تدجين الاتحاد وجعله وسيلة تخدم أحزابهم، وعندما رفضنا وعبرنا عن رغبتنا في خدمة بلادنا وفي عقد اتفاقيات شراكة وعمل وخدمة الشعب التونسي، رفضوا ذلك وشككوا في وجودنا وشككوا في شرعيتنا، بل وقطعوا الأجور والمرتبات عن موظفي الاتحاد.
ماذا عن المنحة التي يتحصل عليها الاتحاد؟
المنحة ليست من نصيب الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، بل كل المنظمات الوطنية تتحصل عليها، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، واتحاد الفلاحة، بل حتى بعض الجمعيات المحسوبة على المعارضة على غرار «النساء الديمقراطيات» تحصّلت في وقت ما على منحة، هذا لا يقلل من شأنها ولا يزيد، فنحن نأخذ منحة من الدولة لأننا نقوم بعمل كبير تطوعي، ولكن المنحة المقدمة لنا نقدمها نحن بدورنا للأجور، وعندما وصل العلم إلى العديد أن المنحة المقدمة للاتحاد يقع تقديمها في شكل أجور للموظفين وقع قطعها من أجل خلق بلبلة وزعزعة لمنع الاتحاد من العمل والبروز في عدة محطات كبرى.
المرأة ما زالت إلى اليوم حاضرة في النضال، لكنّها غائبة في مراكز القرار؟
المرأة التونسية امرأة ونصف فعلا، لديها وعي وإدراك بمواطنتها وحقوقها وهي متمسكة بأنها لا تقل شأنا عن الرجل، ومتمسكة بتحررها وبعدم تمزيقها، هذا طبعا في قناعتنا التامة، أما على مستوى السلطة، فنحن لم نر شيئا، ولم نتحصل على شيء، على المستوى الوطني، ليس لدينا أي موقع، ومن قبل زمن بن علي وبورقيبة اشتهرت تونس بكونها بلد المرأة وقانون الأحوال الشخصية، لكن اليوم كل شيء تغير، عندما كانت حقوقنا مهددة، كل المسيرات كانت نسائية، عندما هددت مكتسبات الدولة خرجت المرأة للاحتجاج والتحرك، وكأنها ستدافع عن مكتسباتها الخاصة، وعندما تحدثنا عن الفصل الأول من الدستور، تونس برجالها وبنسائها تحركت، 25 جويلية كان نسوي، مسيرة 13 أوت كذلك، لم تكن مسيرة نسائية بقدر ما كانت مسيرة للدفاع عن مكتسبات بلادنا الحداثية والمدنية وليس فقط حقوق المرأة، كما يجب ألاّ ننسى خروج المرأة بعد اغتيال البراهمي وبلعيد وذبح أبنائنا في الجيش، وبالتالي المرأة التونسية واعية واكتسبت حقوقها، وعندما أحست بالخطر خرجت للحفاظ على مكتسباتها المتمثلة أساسا في منع تعدد الزوجات والزواج العرفي، وعندما وجب على المرأة التصويت صوتت بكثافة، ليس لوجود برنامج سياسي واقتصادي، وإنما من أجل مناهضة فكرة تقطع مع حقوقهنّ، من أجل أن تقول لا، ولذلك صوتت النساء لفائدة الباجي قائد السبسي الذي رأوا فيه ضمانة لحقوقهم وامتدادا للفكر البورقيبي الذي يكرس حقوق المرأة.
بالنسبة لمواقع القرار، نجد أنه على مستوى الوزارات، ليس لدينا سوى 3 نساء، الأولى وزيرة نمطية (وزيرة المرأة)، ووزيرة للسياحة وأخرى للثقافة، حتى خطة كاتب دولة وقع حذفها، حضرت في عدد من الاجتماعات للاتحاد العام للاتحادات النسائية العربية، ووجدت أنه حسب الإحصائيات نسبة النساء في المجالس النيابية بعدد من الدول والبلدان العربية مثل الجزائر ومصر والمغرب في تطور ملحوظ ومستمر، بعد أن قطعت أشواطا كبيرة من أجل الالتحاق بتونس، وأخر اجتماع قمنا به السنة الفارطة، للنظر في ما حققته الدول العربية في مجال حقوق المرأة بعد 20 سنة من اجتماع بكين، وجدنا أن بعض الدول تجاوزتنا في هذا المجال، وكنا من الأوائل على مستوى التواجد الحكومي، اليوم لو أني أعلن أن عدد الوزيرات هو 3 فقط، سنجد أنفسنا بعيدا، وبالتالي لم نعد الأوائل في إعطاء المرأة حقوقها، وبالتالي لم نعد الدولة المثال التي يحتذى بها في مجال حقوق المرأة، ليس هناك والية وعدد المعتمدين من النساء انخفض إلى النصف بعد أن كان إبان الثورة 50، قارنوا عدد رئيسات البلديات بعدد رؤساء البلديات، حتى على مستوى التناصف في الانتخابات، لو لم يقع إجبارهم على التناصف بمقتضى القانون الانتخابي ربّما ما وضعوا نساء أصلا في المجلس، وما أنبه إليه هو أن المشكل لا يتعلق بالنصوص، المشكل يتعلق أساسا بالعقليات، فإلى اليوم هناك أصوات تنادي وتقول بأن البطالة بسبب النساء، والعنوسة بسبب النساء، وأن الإجرام بسبب النساء، والخيارات دائما ذكورية، المشكل في العقلية التي ما زالت إلى اليوم ذكورية، ويجب على الجميع أن يعي أن العنوسة ليست في تونس فقط، وأن الوضع الاقتصادي اليوم يفرض على الرجل أن يتزوج من فتاة تعمل، وذلك لغلاء المعيشة وتغير الأحوال وعدم وجود إمكانات تسمح له بالزواج، الوضع في تونس افرز ضرورة خروج المرأة للعمل من أجل بناء منزل يستطاب فيه العيش، ثانيا الواقع المر الموجود في تونس اثبت أن عدم التمكين الاقتصادي للمرأة أثر عليها وعلى الأسرة.
هل ما زلنا نعتبر اليوم أنّ مجلة الأحوال الشخصية مكسب حقيقي للمرأة؟
لمجرد وجود قانون أسرة ما زالت تعتبر مكسبا، ثمة مجتمعات بلا قانون أسرة، ولكن ما يجب التركيز عليه هو هل أن طريقة معالجة مشاكل الأسرة التونسية في مجلة الأحوال الشخصية، تفي بمتطلبات الوقت، مثال مؤسسة الصلح ل أدت أكلها؟ لا طبعا ذلك أن ملفّات القضايا الصلحية تفرّق على جميع القضاة، سواء كان قاضيا عرفيا أو جناحيّا، اليوم يدرس الملف، وغدا يكون الملف عند قاض آخر، وبالتالي لا تكون هناك استمرارية، وبالتالي ليس هناك إمكانية للقيام بالصلح، وعدد القضايا، لا يسمح للقاضي بممارسة الصلح، إضافة إلى وجود العديد من الإشكاليات لم تعالجها المجلة، والمشكل الأكبر هو عدم إدخال أيّة تعديلات عليها منذ سنة 1956، وبدل أن نطالب اليوم بالتنقيح وإعطاء المزيد من الحقوق للمرأة، أصبحنا نبحث عن المحافظة على المكتسب، لم نأخذ بعين الإعتبار الإشكالات التي طرحتها مجلة الأحوال الشخصية وتعصيرها، ولم نعد نطالب بمكتسبات أخرى أو الحديث في مسائل أخرى وطرح قضايا أخرى مثل المساواة في الإرث.
على ذكر المساواة في الإرث، تونس رفعت مؤخرا جميع تحفظاتها على اتفاقية «سيداو»، مع إقرار الدستور التونسي حقّ الضمير، الذي شكّل في حد ذاته تناقضا مع التشريع المستمد أساسا من الشرع الإسلامي، كيف ستتصرف المحاكم في هذا الملف، وكيف سنتجاوز هذا الإشكال؟
دستور تونس يعاني من انعدام الانسجام، الدستور التونسي جاء لترضية عدة جهات، باعتبار أن الحكم كان منقسما على 3 أحزاب مختلفة، ولما وقع الضغط عليهم من قبل المجتمع المدني والنساء التونسيات، وقع تنقيح فصول مع ترك بقيّة الفصول على حالتها، فمن ناحية، نجد أن الدستور ينص على حرية الضمير، ومن ناحية أخرى نجد «لا توارث بين الملل»، كيف سنتصرف هنا؟ وهنا نجد أن القانون يتناقض لا فقط مع الاتفاقية الدولية، وإنما يتناقض مع الدستور أصلا، الإشكال طبعا في التطبيق، وذلك من خلال قيام إحدى النساء مستقبلا، عندما يقع تطبيق قانون الإرث، بالطعن باعتبار أن ذلك مخالف للاتفاقية الدولية، باعتبار أن الاتفاقية الدولية أعلى من القانون، بل يمكن لها أن تطعن في دستورية النص القانوني ذاته، وبالتالي قانونيا، يمكن لها أن تتحصل على نصف الميراث، وبالتالي يكون هناك إلزام بتطبيق القوانين الدولية، حتى لو كانت متعارضة مع الشريعة الإسلامية.
ويمكن تفسير هذا التناقض بكون من قام بالثورة غير الذي كتب الدستور، من قام بالثورة طالب بالحرية والشغل والكرامة، هم حقوقيون، طلبة، منظمات، لم تكن هناك مسألة المساواة بين المرأة والرجل، لم تكن هناك مسألة تعدد الزوجات، بل كان المطلب هو التشغيل، بل أن بعض الانتفاضات قادتها النساء في قفصة وفي غيرها، ولذلك أقول إنّ الانسجام موجود بين الذين قاموا بالثورة وطالبوا بالحرية والكرامة والديمقراطية والشغل، ولم يكن هناك مشكل تعدد الزوجات والتفرقة بين المرأة والرجل، هذا الإشكال جاء به من كتب الدستور، الذي خلقت فيه عدة تناقضات وعدم انسجام بين فصوله.
هل هناك عدد كبير من النساء اللاّتي يطلبن مساعدة الاتحاد؟ وكيف تقدمون لهن يد العون؟
عدد كبير من النساء يتوجهن يوميا للاتحاد لطلب المساعدة، سواء كانت مساعدة مادية أو حتى معنوية، هناك من تطلب فقط مجرد الإصغاء والاستماع لها، وهناك من تطلب المساعدة القانونية، من خلال القيام بالإجراءات القانونية، إن كانت معنفة أو وقع اغتصابها، كما أن عددا من النساء يطلبن فقط مجرد التوجيه، هناك من تأتي من أجل طلب مساعدة مالية عينية، خاصة أنّ الاتحاد كان يقدم في السابق إعانات مالية للمحتاجين، وهو دليل على زيادة حجم الفقر في تونس، الوضع بعد الثورة زاد في حجم معاناة الطبقة الفقيرة.
المشكل أنه ليست لدينا مؤسسات قادرة على استيعاب المحتاجين للمساعدات المالية أو من ليس له سكن، وقد أبرمنا اتفاقية مع وزارة الشؤون الاجتماعية في مؤسسة «الإسعاف الاجتماعي» في محاولة لاستيعاب الأطفال والنساء الموجودين في الشارع، ورغم أننا وقّعنا الإتفاقية في 2014، فإنّنا إلى اليوم لم نحرز تقدما.
ماذا تلومون على الحكومة؟
ما ألومه على الحكومة أساسا، هو أن المرأة التونسية لم تأخذ حظها بالكامل، ومن غير المعقول أننا وإلى حد سنة 2016، ما زلنا نستبعد المرأة ونراها غير قادرة على الإدارة والقيادة وإبداء رأيها، في الوقت الذي برهنت فيه على تفوقها. لماذا لا نرى المرأة في مواقع السيادة؟ ما المانع؟ لماذا لا نجد محامية أو قاضية كوزيرة للعدل؟ أو طبيبة كوزيرة للصحة؟ هل انعدمت الكفاءات النسائية؟ عندما تقلدت النساء رئاسة جمعية أو نقابة القضاة أو نقابة الصحافيين ما الذي حدث، غير التقدم؟ ألم تلد تونس كفاءات نسائية؟ هل لمن نصب من الرجال في مواقع القرار أو في مراكز كبرى أو في وزارات أو حتى كرؤساء مديرين عامين شهادات أو كفاءة أكثر من المرأة؟ هل وجدت تجارب أثبتت فشل المرأة في القيادة والإدارة؟ فقط المشكل هو أن العقلية السائدة اليوم هي عقلية ذكورية، عقلية إقصاء للمرأة رغم الكفاءات الممتازة الموجودة في تونس.
نأسف أن هذه الحكومة لم تشرّك النساء، متناسية أن نصف المجتمع هو من النساء، وأن لهنّ الحق في إبداء آرائهنّ في منوال التنمية والتصور العام للبلاد وبرامج إستراتيجية تهم البلاد.
في الحوار الوطني لم يشارك الاتحاد، ليس باعتباره اتحاد ومنظمة وطنية، ولكن باعتباره ممثلا للمرأة التونسية، والمرأة التونسية كانت تقريبا مغيبة في المشاورات، لم تشارك في اختيارات، ما عدا مع المهدي جمعة الذي قام باستشارة الاتحاد في عدد من التعيينات.
الاتحاد قام وما زال يقوم بعمل جبار، جنّدنا كل نسائنا من أجل مساعدة المرأة في جميع الجهات في تونس، ونحن سنسعى إلى دعم إلى مكانة المرأة والمحافظة على مكتسباتها، ونتمنى أن تنتهي الضغوطات المسلطة على الاتحاد من الحكومة، ويجب التأكيد على أن الدولة في حاجة للاتحاد، الذي يكرّس حداثة تونس ومدنيتها ومبادئ جمهوريتها.
وما يجب التذكير به هو أن الاتحاد الوطني للمرآة التونسية وُجد حتى قبل قيام الجمهورية.
ما هو برنامج عملكم وأنشطتكم في الفترة القادمة؟
لدينا عدة أنشطة، من أبرزها برنامج متكامل لمكافحة الإرهاب، سيكون هناك الوسيط العائلي، سيتم تكثيف الاستشارات والمؤازرة النفسية والقانونية، وهو ما وقع الآن في 3 ولايات، سيتم تكثيف الأنشطة الثقافية، كما سيتم إنشاء الفرق الرياضية النسائية خاصة في المناطق الداخلية، كما سيتم تأطير النساء، كما أنّ هناك برنامجين جديدين، سيتم الإعلان عنهما يوم 8 مارس في احتفالية الاتحاد بمرور 60 سنة على بعثه.. هناك مراكز جديدة لمساعدة المرأة على التمكين الاقتصادي في المناطق النائية والحدودية، وسيتم فتح مراكز جديدة للنساء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.