«حرب» سياسية غير معلنة وخفية بين مؤسس «نداء تونس» و«ابنه الرّوحي» محسن مرزوق الذي اختار أو ربما دُفع إلى الخروج من بيت الطاعة الندائي وجلباب الأب المؤسس والإنهماك في بناء بيته السياسي المستقل المنتظر الإعلان عنه الشهر المقبل. مصادر «التونسية» كشفت أنّ مرزوق دخل كذلك في مشاورات مكثفة مع عدد من الشخصيات الوطنية بهدف تشكيل جبهة سياسية موسعة تكون «رقما صعبا» في المعادلة السياسية المقبلة, بدءا بالانتخابات البلدية التي أعلن الأمين العام المنشق عن حركة «نداء تونس» مؤخرا أن حزبه سيفوز بنتائجها, دون نسيان ارتفاع عدد نواب الكتلة الحرة الذي بلغ 24 نائبا حاليا مع إمكانية تزايد عدد الملتحقين بكتلة المنسلخين من «النداء» قبل حلول موعد الإعلان عن حركة «تونس الحرة», الحزب الجديد لمجموعة مرزوق. وتؤكّد مصادرنا أنّ التحاق عدد من الشخصيات الوطنية «ذات الباع والذراع» السياسي والإقتصادي بحزب مرزوق بات من تحصيل الحاصل, من ذلك مصطفى كمال النابلي, إضافة إلى بعض وزراء من النظام السابق ومسؤولين سابقين بحزب «التجمع». وتشير مصادرنا إلى أنّ المشاورات تجري حثيثة أيضا بين مرزوق وزعيم «الحزب الجمهوري» أحمد نجيب الشابي للغاية ذاتها. وكشفت نفس المصادر أن لقاء جمع أوّل أمس بأحد النزل في العاصمة بين كل من مرزوق والشابي ومنذر بلحاج علي وآخرين للتشاور حول تعزيز الشابي لجبهة الأمين العام السابق ل«النداء» وأنه يتم التنسيق كذلك مع حزب «المبادرة الوطنية الدستورية» للغرض ذاته. خارطة سياسية جديدة من جهة أخرى قالت مصادرنا إنّ مؤسس «نداء تونس» يخطط لإعادة هيكلة الحزب وإبعاد كل القيادات الندائية التي تسببت في الأزمة العاصفة التي شهدها الحزب وأدت إلى إنقسامه, وعلى رأسهم نجله الذي تؤكد مصادرنا أن إبعاده عن المراكز القيادية بالحزب يتم حاليا في هدوء ودون ضجيج, على غرار ما حدث مع مدير الديوان الرئاسي السابق رضا بلحاج الذي أشارت مصادرنا إلى أنه أقيل على خلفية مؤتمر سوسة بتاريخ 9 و10 جانفي الفارط ومحاولته فرض رجلي أعمال في أعلى هرم قيادة الحزب, الأمر الذي أثار استياء وغضب مؤسس «النداء». ذات المصادر أكدت أن عودة بلحاج إلى «نداء تونس» إن حدثت ستكون بصفة مؤقتة ومشروطة بالتحضير للمؤتمر الإنتخابي المقبل. وأضافت مصادر «التونسية» أن رضا بلحاج مطالب بإعداد المؤتمر الانتخابي ل«النداء» في وقت قياسي كشرط أساسي لعودته إلى الحزب. وتابعت مصادرنا بأن السبسي يخطط إلى تغيير شامل في الطبقة السياسية الحالية بجميع امتداداتها من «نداء تونس» إلى قصري الحكومة وقرطاج بوجوه جديدة وغير متداولة إعلاميا, وليست لها طموحات شخصية لتبوّؤ المناصب العليا بالحزب والدولة. وأعقبت أن قائمة الأسماء الجديدة المرشحة لتولي الخطط السياسية المقبلة بدأت تجهز, وأن الصائفة المقبلة ستشهد تغييرا جذريا في تشابكات مكونات الخارطة السياسية في تونس. السبسي: آكل الرجال و أوضحت ذات المصادر أنّ أغلبية ««النهضة»» حاليا في مجلس نوّاب الشعب لن تغيّر شيئا في سياسات الحكم في البلاد, وأن «النهضة» ستبقى الحزب الثاني رغم تفوقها البرلماني, كما أنها ستظل الحزب الحليف والأقرب ل«النداء». ولاحظت مصادرنا أنّ السبسي لن يسمح لمحسن مرزوق بالتمدد أو التغول السياسي, وأن ما يجري حاليا هو الإعداد الجيد للحيلولة دون ذلك عبر إعادة هيكلة «النداء» سياسيا وتنظيميا وهيكليا, أو بالأحرى إعادة بنائه على أسس جديدة وبرجالات وشخصيات جديدة أيضا يكون شرط انضمامها إليه في نسخته الثانية المعدلة ولاؤها للدولة والوطن قبل الأحزاب والمطامح السياسية الشخصية. وأوضحت مصادرنا أن من يعرف مؤسس «نداء تونس» عن قرب يدرك جيدا أنه «آكل رجال» وأن سياسي بمثل مواصفاته لا يتوانى لحظة في ابتلاع أو إبعاد رجاله واحدا واحدا, ولعل البداية كانت بمحسن مرزوق, فرضا بلحاج, والقائمة لن تغلق وأنها ربّما تطال ابنه, وربما لاحقا الحبيب الصيد الذي استمات السبسي في الدفع به نحو رئاسة الحكومة خلال مشاورات تشكيلها منذ سنة خلت رغم اعتراض أغلب أعضاء المكتب السياسي ل«نداء تونس» وقتها الذين كانوا يدفعون في اتجاه تعيين رئيس حكومة من الحزب الفائز بنتائج الانتخابات التشريعية.