صحيح أن أربعة أيام مرت على مباراة الترجي الرياضي وضيفه مستقبل المرسى التي احتضنها الملعب الأولمبي بالمنزه والمندرجة ضمن الجولة الإفتتاحية لمرحلة إياب البطولة الوطنية وصحيح أيضا أن فريق باب سويقة تمكن ولو بصعوبة كبيرة من تحقيق فوز ثمين والخروج بثلاث نقاط غالية لكن الثابت والأكيد كذلك أن العودة إلى هذه المواجهة اليوم لازمة وضرورية من بعض الزوايا الفنية التي تهم بالأساس حاضر فريق باب سويقة وبالتحديد موسمه الحالي بمختلف التزاماته والمسابقات التي يشارك فيها والألقاب التي يرنو إلى التتويج بها وتهم كذلك مستقبله القريب أو حتى المتوسط لسببين اثنين يكمن الأول في كون المجموعة تتألف في معظمها من لاعبين شبان يجوز التخطيط والبرمجة معهم للمستقبل فيما يتمثل الثاني في هدف كامل العائلة الترجية وهو العودة إلى أمجد الكؤوس الإفريقية منذ السنة المقبلة وإعداد الفريق العتيد القادر على لعب الأدوار الأولى في هذه التظاهرة واسترجاع المكانة التي تميّز بها الأحمر والأصفر لسنوات طويلة على الصعيد القاري ... أولى استنتاجات العودة إلى مواجهة السبت المنقضي تكمن في أن فريق باب سويقة قدم بهذه المناسبة واحدة من أسوإ مقابلاته في هذا الموسم ، فلا الانتصار الذي خرج به من هذا اللقاء ولا السيطرة الميدانية التي فرضها على منافسه يمكن أن يحجبا ويغطّيا الآداء المتواضع لأبناء عمار السويح الذي لا يليق بالمرة بفريق كبير يطمح إلى النجاح في كل الالتزامات التي يخوضها... استنتاجنا هذا قد يجد آراء مخالفة نتوقعها ونعرفها جيّدا لأننا ندرك مليا كيف يفكر البعض لتبرير تواضع المستوى، شق يقول إن الأمر جائز في كرة القدم ويمكن أن يحصل لأي فريق في العالم، وشق آخر يرى أن الترجي الرياضي حقق الأهم وانتصر ولم يهدر النقاط ، وطبيعي جدا أن تنساق فئة من الأنصار وراء هذا الكلام وتصدق مثل هذه التعاليل التي نصنفها نحن في خانة المسكنات المستعملة لتبرير التراجع والرداءة في المقام الأول والتي لا تفيد ولا تنفع الفريق في المقام الثاني والأهم... إن ما ينفع الترجي الرياضي فعلا هو إصلاح النقائص والتخلص من السلبيات ، ولا يمكن أن يبلغ ذلك إلا بوضع الإصبع على مكامن الداء والوقوف على نقاط الضعف التي تغلب على مردود أبناء باب سويقة وعن العوامل والعناصر التي تتسبب في تواضع آدائهم بتلك الشاكلة التي رأيناها في مباراة مستقبل المرسى والتي كادت أن تجبرهم على الخضوع إلى نفس سيناريو انطلاقة مرحلة الذهاب وتكبد عثرة وخيمة العواقب ومؤثرة جدا على حظوظهم في المنافسة على اللقب... لقد مرّ فريق باب سويقة بالفعل بالقرب من عثرة يصعب تداركها في هذه الفترة الحاسمة من البطولة التي لا يسمح فيها لأي فريق يطمح إلى التتويج والحصول على اللقب بالتفريط في أي نقطة خصوصا على أرضه وأمام جماهيره... جانب آخر هام جدا يستوجب ويفرض بل يلزم الترجيين الوقوف على الضعف ومكامن الداء وعدم الإنسياق وراء التبريرات وذر الرماد على الأعين وهو أن الوجه الذي ظهر عليه الترجي الرياضي في نهاية الأسبوع المنقضي محيّر إلى حد بعيد ولا يبعث عن الإطمئنان بالمرة في وضع يفرض على الفريق أن يكون في أحسن حالاته وفي أوج عطائه لتأمين عملية اللحاق بصاحب الطليعة ووصيفه وهو هدف يستوجب نجاحا كاملا بل مثالي لجني الإنتصارات المتتالية وكسب العلامة الكاملة من حيث النقاط لاستغلال مجرد عثرات من يسبقونه في الترتيب والتي لن تكون كثيرة ومتتالية. البطء في العمليات سبب المعاناة النقائص التي وجب على الترجيين التخلص منها عديدة ومختلفة لكن أهمها وأبرزها وأخطرها البطء الكبير والغريب الذي يميّز بناء الهجومات بل إن معاناة فريق باب سويقة تكمن أساسا في هذا العامل الذي يشكل في كرة القدم العصرية العائق الأكبر الذي يمنع فك رموز جدار الدفاع للمنافسين وخططهم الدفاعية مثلما كان الحال أمام أبناء الصفصاف، فالسرعة في عالم الجلد المدوّر تعدّ العنصر الأساسي الضامن إلى الرفع من مستوى اللعب من جهة وإلى مباغتة الفريق المقابل واجتياز دفاعه وتهديد مرماه والوصول إلى شباكه من جهة أخرى ، وهذا ما يفتقده أبناء عمار السويح بصفة عامة وهذا ما عانوا منه على وجه التحديد في لقاء مستقبل المرسى وهو أمر يثير العديد من نقاط الإستفهام لأن غياب السرعة عن مردود وطريقة لعب الأحمر والأصفر لا يخص مركزا معيّنا أو لاعبا واحدا بل هو يهمّ العديد من المراكز واللاعبين في الآن نفسه بل إن هذا البطء يعدّ العنوان الأساسي لآداء الفريق ككل سواء من ناحية تحركات جل عناصره أو في عملية تصعيد الكرة من الخط الخلفي وتحوّلها من خط الوسط إلى المهاجمين، كما يتعلق أيضا بالتوغلات الجانبية التي يغيب عنها عامل السرعة وبالتالي المباغتة بالثنائيات وما يتطلبه تجاوز المدافعين من انطلاقات سريعة علاوة على الفنيات... وقع هذا الثقل ونتيجته هو أن اللعب العرضي الذي لا يغني من جوع يصبح الميزة الأساسية للآداء وهذا ما حصل بالضبط يوم السبت الفارط حيث حلّت التمريرات العقيمة التي لاجدوى منها محل الكرات التي تحدث الفارق وتصنع الخطر وبسبب ذلك أصبح الفريق رهين الإنجازات الفردية أو الكرات الثابتة لتحقيق انتصاره. المشكل هنا لا يتحمّله الإطار الفني بشكل كامل لأن بعض لاعبي الترجي الرياضي يفتقدون لعنصر السرعة من أساسه لعدة اعتبارات تتعلق إما بالتركيبة الجسمانية للبعض منهم أو بالتقدم في السن بالنسبة للبعض الآخر أو بنمط العيش والغذاء خارج الميدان والتربصات في خصوص الشق الثالث وهنا بالتحديد نتساءل كيف يجتاز لاعب شاب الحد الأقصى المطلوب من حيث الوزن ويصبح يعاني من كيلوغرامات كثيرة زائدة والحال أنه يتدرب يوميا ؟ ... سؤال حقيقة محيّر ويفرض فتح ملف في هذا الشأن لضمان مصلحة النادي وتفادي التجاوزات التي تؤثر على مسيرته الطبيعية... ثم الأغرب من هذا السؤال نفسه هو أننا نجد هذا اللاعب أساسيا في التشكيلة وتصوروا بالتالي معاناة الفريق وما يخسره طوال الفترة التي يكون فيها هذا اللاعب موجودا على الميدان. إذن، وبالعودة إلى عنصر السرعة الهام والحاسم في كرة القدم نقول ونؤكد أن فاقد الشيء لا يعطيه ولا يمكن للبعض وللأسباب التي ذكرناها أن يضيفوا شيئا للمجموعة ولا أن يساهموا في تطوير الآداء والمستوى. التركيز على رحلة المتلوي أكيد أن المسؤولين الفنيين في الترجي الرياضي وقفوا على كل النقائص التي تعيق تطوّر الآداء وتحقيق انتصارات مقنعة تليق بحجم وسمعة الفريق وكذلك بطموحاته وأهدافه وهذا ما يجعلنا ننتظر تعديلات إيجابية على مستوى الإختيارات سواء المتعلقة بالرسم التكتيكي نفسه أو بتركيبة الفريق الأساسي، فالأحمر والأصفر ينتظره تحوّل صعب ومحفوف بالمخاطر في نهاية هذا الأسبوع يتطلب تركيزا كاملا لاجتيازه بسلام والخروج بفوز يعد بدون أدنى شك خطوة كبيرة وحاسمة في الطريق نحو اللقب. الثابت أن المدرب عمار السويح لن يعيد نفس الخيارات التي بدأ بها لقاء مستقبل المرسى خصوصا من الناحية الهجومية حيث لن يكون آدم الرجايبي أساسيا لعدم جاهزيته البدنية وسيأخذ مكانه فخر الدين بن يوسف الذي استفاد كثيرا من ال45 دقيقة التي لعبها السبت الفارط وينتظر أن يكون مردوده أفضل في المتلوي... هناك أيضا إمكانية اللعب برباعي في خط وسط الميدان لكن تبقى الكلمة الفصل لعمار السويح ولو أن هذا التعديل ضروري في لقاء صعب يفرض التحلي بعنصر التوازن بين الدفاع والهجوم لتقديم مردود متكامل بين الناحيتين هذا فضلا عن ما يمكن أن يعطيه عنصر لاعب في هذا الخط من إضافة على مستوى البناء الهجومي وتغذية الخط الأمامي بالكرات السانحة للتهديف... على كل حال فإن هذا اللقاء الذي ينتظر الترجيين هام للغاية ويصنف ضمن المنعرجات التي تعترض الفريق في هذا الشطر الثاني من الموسم وسيكون لنتيجته النهائية وقع كبير على حظوظ الأحمر والأصفر في البطولة مما يفرض على إطاره الفني ولاعبيه النجاح.