نظم المعهد الوطني للاستهلاك مؤخرا ورشة عمل حول نتائج الدراسات التي أعدها في إطار التعريف بها على أوسع نطاق وعرضها للعموم لا سيما عرض دراستين حول «تطور الأنماط الاستهلاكية في تونس» بين 1990 و2010، والتي تناولت بالخصوص الأبعاد الاقتصادية لتغيّر الأنماط الاستهلاكية و التقسيم الاستهلاكي للمجتمع التونسي على ضوء نتائج المسح الميداني المنجز في الغرض والتمظهرات الغذائية لتطور الأنماط الاستهلاكية. كما تم عرض نتائج دراسة حول «استهلاك الأطفال والمراهقين: الأبعاد الاقتصادية والصحية» استهدفت تقديم المُقاربة المنهجية للبحث الميداني وأبرز نتائج الإستبيانات المنجزة حسب مختلف الشرائح العمرية للأطفال والمراهقين و الأبعاد التربوية والنفسية لاستهلاك الأطفال والمراهقين و الأبعاد الغذائية لاستهلاك الأطفال والمُراهقين. وكشفت الخبيرة في التغذية ليلى علوان أن امرأتين من ضمن ثلاث تعانيان من السمنة وزيادة الوزن في تونس، وان ظاهرة السمنة بدأت تظهر لدى الرجال بشكل واضح في السنوات الأخيرة. وبيّنت أن مظاهر السمنة اجتاحت أيضا الأطفال وخاصة الشريحة العمرية بين 8 و 10 سنوات بنسبة تفوق 45 بالمائة وأن 25 بالمائة من الأطفال في رياض الأطفال يشكون من زيادة في الوزن. وأرجعت ذلك إلى تغير النمط الاستهلاكي لدى التونسي واعتبرت ذلك أمرا عاديا نظرا للتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي شهدته تونس على مر العقود الماضية ممّا انجر عنه تطور في نسق الاستهلاك وحصول ما سمّته بالنقلة الغذائية. ولاحظت أن هذه النقلة تتغير حسب نوعية الأكل والغذاء حيث أصبح التونسي يعتمد على الأكل خارج البيت مشيرة إلى أنّ أكثر من 44 بالمائة من التونسيين يتناولون الغداء خارج البيت الأمر الذي فرضه الالتزام المهني والدراسة. وقالت إنّ الغذاء الذي يقع اقتناؤه خارج البيت يتسم باحتوائه مواد دهنية كثيرة وارتفاع كميات الملح والسكريات ممّا يسبب مشاكل صحية تبرز خاصة بظهور أعراض السمنة. ونبهت الخبيرة في التغذية من ظاهرة السمنة في تونس التي سوف ينجر عنها أمراض أبرزها أمراض السكري والقلب والشرايين والسرطان. وتحدثت من جهة أخرى عن البرامج الوقائية والتحسيسية التي شرع فيها المعهد الوطني للتغذية بالتعاون مع المعهد الوطني للاستهلاك ومنها برنامجين اعتبرتهما هامين. ويتعلق البرنامج الأول(انطلق في سنة 2014) في التقليص من استهلاك الملح والسكر والدهنيات في المواد الغذائية المصنعة، وأكدت ليلى علوان على تجاوب المصنعين مع هذا البرنامج واستعدادهم لتطويع المنتجات لتكون أكثر صحية. ويهم البرنامج الثاني(انطلق سنة 2015) ترشيد الإشهار التجاري والتحسيس بالإشهار التوعوي. وقالت ليلى علوان إنّه سيقع تعميم برنامج الوقاية من السمنة الذي انطلق منذ سنة 2013 في بنزرت والمهدية لاحقا موضحة أن نتائج هذا البرنامج لن تكون مجدية إلا بعد انقضاء خمس سنوات أي سنة 2018. من جانبه بيّن المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك طارق بن جازية، أن قطاع الاستهلاك في تونس لا يتضمن دراسات وبحوثا ميدانية معمقة وأنه لأجل ذلك شرع المعهد في انجاز دراستين تهم الأولى تطور الأنماط الاستهلاكية لرصد العوامل المؤثرة في الأنماط الاستهلاكية وابرز التأثيرات على المستويين الاقتصادي والصحي وتناولت الدراسة الثانية استهلاك الأطفال والمراهقين والآثار الصحية خاصة أنّ هناك عديد المؤشرات المقلقة في مجال بروز السمنة لدى الشريحة العمرية بين 3 و 5 سنوات التي تطورت من 6.3 بالمائة إلى 9.6 بالمائة من سنة 2006 إلى 2012 بزيادة بحوالي 50 بالمائة. ولاحظ أن سبب النمط الاستهلاكي المتبع عملية تعصير القطاع التجاري و تطور الإشهار التجاري والتسويق إلى جانب نمو إنفاق التونسي علاوة على تطور الواردات من المنتجات الموردة التي تشجع على الاستهلاك. وشدد على أن الدراسات المعروضة توصي بأهمية إحداث بوابة للتربية على الاستهلاك وإصدار الوسائط التوعوية والبيداغوجية التي لها علاقة بترشيد الاستهلاك.