عقدت لجنة التخطيط والمالية والتنمية بمجلس نواب الشعب مؤخرا جلسة عمل مع ممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل خصصت لاستعراض موقف المنظمة الشغيلة من مشروع مجلة الاستثمار وإبداء ملاحظاتها بشان المشروع الذي لا يزال محل تحفظ واحتراز العديد من المنظمات الوطنية والمهنية ويشهد مرحلة «مخاض» من اجل إدخال جملة من التحويرات حتى تواكب مجلة الاستثمار الجديدة المرحلة الراهنة والقادمة. ولاحظ ممثلو المنظمة الشغيلة في هذا الاجتماع أنّ سعي المشرّع توحيد تشريع الاستثمار والحدّ من تشتّت نصوصه وضعف مقروئيتها من طرف المستثمرين مسألة محمودة يجب تثمينها، وكذلك الأمر بالنّسبة لإرساء مبدإ الحوكمة الرشيدة وأنه تجديد هام. وأبدوا في المقابل بعض التحفظات والمسائل التي رأوها سلبية بشأن مشروع مجلة الاستثمار مطالبين بتحويره في اتجاه معالجتها وتجاوزها. وبيّن وفد الاتحاد العام التونسي للشغل أن مشروع المجلة لا ينخرط في أيّ مشروع تنمويّ ويفتقد إلى مرجعيّة ورؤية لمستقبل تونس الاقتصادي، وأنه لذلك لا بدّ من اعتماد تصوّرات طموحة لمستقبل قطاعات الإنتاج والجهات في أفق زمني معقول حتى تكون مجلّة الاستثمار إحدى أدوات تحفيز الخواص على الانخراط في إنجاز هذه التصورات. ولاحظوا أمام اللجنة أن المشروع المعروض سكت على أهميّة الدّور المُحفز للدولة من خلال الاستثمارات المادية واللامادية في الجهات غير الجذّابة للقطاع الخاص وضرورة ضمانها (أي الدولة) لظروف العيش الكريم والتشغيل لجميع المواطنين. كما أشاروا إلى أن اعتماد مؤشّر التنمية الجهوية لترتيب مناطق البلاد حسب تطور درجة نموها هو اختيار غير صائب نظرا للإخلالات التي ينطوي عليها، من ذلك أن هذا المؤشر يصنف ولاية تطاوين في المرتبة 8 قبل ولاية بنزرت (المرتبة 14) أو المهدية (المرتبة 15) واقترحوا في هذا الصدد اعتماد مؤشرات أخرى كنسبة الفقر أو عدد العاطلين عن العمل. النفاذ إلى السوق وبالنسبة لتشغيل الأجانب أكد ممثلو المركزية النقابية خلال هذا الاجتماع انه يجب على المستثمر تقديم المُبررات المُقنعة لتشغيلهم خاصة بالمُؤسسات الصغرى وأنه في كلّ الحالات يجب ألاّ تتجاوز اليد العاملة الأجنبية بالنسبة للإطارات نسبة معيّنة والتخلّي عن السقف العددي المقترح حاليا بالنسبة للمؤسسات الصغرى. ولفتوا الانتباه بخصوص ملكية الأراضي الفلاحية وحرية استغلالها إلى خطر تحوّل نسبة كبيرة من هذه الأراضي إلى إنتاج موجّه للتصدير على حساب الأمن الغذائي، داعين إلى ضرورة وضع إستراتيجية تعمل على تكريس الأمن الغذائي. ضمانات المستثمر وواجباته خلال النقاش حول ضمانات المستثمر وواجباته أثار المشاركون في أشغال اللجنة مسألة تمتع المستثمر الأجنبي بتمييز ايجابي مقارنة بالمستثمر التونسي مشيرين الى أن ذلك يظهر من خلال إجراءات الصّرف، حيث لا يتمتّع التونسي بنفس السهولة في تمويل مقتنياته من السلع والآلات في الأسواق الأجنبية، مشددين على وجوب التنصيص على واجبات المستثمر صراحة في المشروع الجديد. وفي محور حوكمة الاستثمار أوصى ممثلو اتحاد الشغل بضرورة التّنصيص صراحة على مشاركة الأطراف الاجتماعية في إدارة المجلس الأعلى للاستثمار و ضرورة اعتماد قائمة ايجابية وديناميكية تقع مراجعتها بصفة دوريّة من قبل المجلس الأعلى للاستثمار للقطاعات ذات الأولوية مثل الأنشطة التي تقوم بتصنيع المواد الفلاحية أو الطبيعية الجهوية، والأنشطة البيولوجية والخدمات الذكية والسياحة البديلة (ثقافية، ايكولوجية...). وشددوا على وجوب أن تكون الهيئة الوطنية للاستثمار مستقلّة عن جميع الوزارات القطاعية وتتمتع باستقلالية تامّة عنها، مقترحين في هذا المجال أن تكون تحت إشراف رئاسة الحكومة. المنح والحوافز تطرقت أشغال لجنة المالية بمجلس نواب الشعب مع ممثلي اتحاد الشغل في محور المنح والحوافز المرصودة في مشروع مجلة الاستثمار إلى و ُجوب خلق حوافز للمؤسسات التي تثبت اندماجها في النسيج الاقتصادي وضرورة اعتماد قائمة للأنشطة غير المعنية بالحوافز بعنوان التنمية الجهوية مثل استخراج المواد الإنشائية والاتجار بها دون تحويلها، ومثل الخدمات التقليدية كالتأمين والبنوك والتجارة والاتصالات الى جانب أهمية اعتماد حدّ أدنى من الاستثمار للتمتّع بالمنح حسب الجهات والأنشطة، مع وجوب ربط منحة تطوير القدرة التشغيلية بعدد مواطن الشغل القارة وكذلك القيمة المصدّرة. ويشار إلى أن مشروع مجلة الاستثمار أعدته حكومة «الترويكا» منذ سنة 2012 غير أن رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة سحبه في 2014 نظرا لتواجد العديد من الهنّات ونقاط الضعف إلى أن أعادت حكومة الحبيب الصيد صياغته وإدخال تحويرات جديدة وعرضه على مجلس نواب الشعب في موفى 2015. وينتظر العديد من المستثمرين التونسيين والأجانب صدور المجلة الجديدة التي تعطلت لحوالي 5 سنوات من اجل دفع نسق الاستثمار الخاص في تونس.