تخسر تونس سنويا حوالي 10 آلاف موطن شغل لتوظيف التونسيين بالخارج بسبب عدم تفعيل الاتفاقيات المبرمة مع عدة دول شقيقة وصديقة تعهدت بتوظيف التونسيين لديها غير أن الجهات المشرفة في تونس لم تفلح في حسن استغلال هذا الامتياز من جهة وتلكؤ الجانب المقابل في الإيفاء بتعهداته من جهة أخرى. فقد أبرمت تونس عدة اتفاقيات ثنائية في مجال الهجرة لإرساء إطار قانوني منظم يراعي مصالح التونسيين الراغبين في الحصول على عمل بالخارج ويمكن من دفع التوظيف بالخارج والحد من الهجرة غير النظامية. واكبر دليل على ذلك تم إبرام اتفاق إطاري حول التصرف التوافقي في الهجرة والتنمية المتضامنة بين تونس وفرنسا في 28 أفريل 2008، ويخول ل9000 مواطن تونسي الحصول على عمل مؤجر أو عمل موسمي أو تربص مهني، موزعة على الشبان المهنيين، (1500 في السنة) وبطاقة إقامة « كفاءات ومهارات»، (1500 في السنة) و قائمة المهن (77 مهنة) المطلوبة بسوق الشغل الفرنسية، (3500 في السنة) والعمل الموسمي. (2500 في السنة). وتراوحت الانجازات بين 2500 و3000 عملية توظيف في السنة بما في ذلك تسوية وضعية التونسيين المتواجدين بفرنسا (في حدود 1000 سنويا). وأبرمت تونس اتفاقا مع الجانب السويسري في جوان 2012 بخصوص تبادل الشبان المهنيين بهدف تمكين طالبي الشغل التونسيين المحرزين على شهائد تكوين مهني أو تعليم عال من العمل بسويسرا لمدة سنة قابلة للتجديد وتبلغ الحصة المسندة لتونس 150 فرصة عمل في السنة. وقد بدأ الجانبان في تطبيق هذا الاتفاق خلال شهر سبتمبر 2014، حيث تم توظيف 12 شابا إلى موفى شهر جانفي 2016. أما الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة والتنقل فقد تم إمضاء الإعلان عن اتفاق حول التنقل في شهر مارس 2014يخصّ تيسير إجراءات الحصول على تأشيرات الدخول وإعادة قبول المهاجرين غير النظاميين. وتجدر الإشارة إلى أنه إلى حد الآن لم يتم إبرام الاتفاقيتين المتعلقتين بتيسير الحصول على تأشيرات الدّخول وإعادة قبول المهاجرين غير النظاميين. برامج تعاون أخرى: وفي إطار التعاون التونسي الألماني في مجال التشغيل بالخارج تم خلال سنتي 2012 و 2013 انتداب 100 مهندس في اختصاصات الإعلامية وتكنولوجيات الاتصال، وفي سنتي 2014و2015 تم انتداب دفعة ثانية من المهندسين التونسيين تقدر ب 150مهندسا في اختصاصات الإعلامية والميكانيك والالكترونيك والهندسة المدنية. وفي جانب آخر تم إمضاء اتفاق في 23 جويلية 2013 بين الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل والوكالة الفيدرالية الألمانية للتشغيل بغاية تمكين الإطارات شبه الطبية التونسية من العمل بألمانيا وتسهيل انتدابهم. غير أنه لم يتم تفعيل هذه الاتفاقية. وبشأن التعاون التونسي الإيطالي في مجال الهجرة تسعى تونس إلى إبرام اتفاق ثنائي لتنظيم الهجرة مع ايطاليا والتوصل إلى صيغة توافقية تأخذ بعين الاعتبار طلبات كل طرف وخاصة إنجاز حصص الهجرة المسندة وتيسير الحصول على تأشيرات العمل. وقد قام الجانب التونسي بإعداد مشروع اتفاق وأرسله عن طريق القنوات الديسبلوماسية إلى الجانب الايطالي يسند ميزات تفاضلية للمترشّحين التونسيين وذلك من خلال تيسير إجراءات دخول التونسيين قصد العمل بإيطاليا، والتأمت حوله جلسات عمل مشتركة بكل من تونس وإيطاليا خلال سنتي 2012 و 2013 وتم تجديد الطلب سنة 2014 . ويتمثل العائق الرئيسي لعدم إمضاء هذا الاتفاق في تشبث الجانب الايطالي بتطبيق القوانين الداخلية في مجال الدخول والحصول على تأشيرات العمل والإقامة مما يُؤدي إلى إفراغ المشروع من محتواه كما ركز في مشروعه على إعادة القبول وحماية الحدود. غياب اليقظة والمتابعة وبعد تقديم هذا التشخيص اجمع أهل الاختصاص خلال الأشغال التحضيرية للحوار الوطني حول التشغيل على أن قطاع التشغيل بالخارج عرف في السنوات السابقة عدة نقائص تتمحور حول عدم وجود خلية يقظة تسهر على القيام بدراسات تمكّن من التعرف واستشراف حاجات أسواق الشغل ببلدان القبول قصد تأهيل الموارد البشرية اللازمة والاستعداد لتلبية هذه الحاجات عن طريق الكفاءات التونسية. كما اجمعوا على انه بالرغم من الدور الذي يلعبه الملحق الاجتماعي في بلد القبول يُلاحظ عدم توفر شروط التوظيف العادل واللائق في بعض الحالات بالنسبة للتونسيين بالخارج وهو ما لا يضمن حقوقهم وكرامتهم بهذه البلدان وفقا للاتفاقيات الدولية المبرمة في الغرض. كما أن عدم التنسيق بين البلدان المغاربية في مجال الهجرة يؤدي إلى ضعف مواقف البلدان المغاربية في مسألة الهجرة. في المقابل فإن الاتحاد الأوروبي ينسق مواقف بلدانه الأعضاء ويتخذ موقفا موحدا في هذه المسألة مما يجعله في موقف قوة عند التفاوض مع بلدان الجنوب. وخلص المشاركون في الاشغال التحضيرية للحوار الوطني حول التشغيل إلى أن مواطن الشغل التي يتمّ استغلالها سنويا من طرف المواطنين التونسيين بالبلدان الأخرى والتي تفوق سنويا 10 آلاف موطن شغل (أكثر من ثلث مواطن الشغل التي وفرها الاقتصاد الوطني)، مثّلت أحد المصادر الرئيسية للتشغيل علاوة على مساهمتها في التنمية مشيرين إلى أن ذلك يدعو إلى إعطاء هذا القطاع الأهمية اللازمة وأخذه بعين الاعتبار ضمن السياسات القطاعية.