إذا حصلت تجاوزات ولم تطبق إجراءات السلامة، ماذا يمكن أن يحصل وأية عقوبات قد تطال المخالفين؟ تساؤلات بالجملة تبادرت إلى أذهاننا ونحن نستمع إلى شقيق المرحوم حامد الجوادي الذي لقي حتفه أثناء محاولته إصلاح عطب بأحد خزانات الوقود في محطة الوقود بسيدي علي بن عون التابعة لولاية سيدي بوزيد. انفجر الخزان ومات الرجل تاركا وراءه 4 أطفال صغار. فحامد الجوادي عمره 42 سنة ويعمل في ورشة خراطة... «tourneur»،عرض عليه احد المقاولين الذي سلمت له شركة بترولية عمومية مهمة صيانة الخزانات في محطتها بسيدي علي بن عون، ان يصلح العطب الحاصل بأحد الخزانات الموجودة تحت الأرض.. طلب منه ان يقوم بلحم مكان العطب مؤكدا ان الخزان قد افرغ تماما من الوقود وأنّه تمّ تنظيفه وتعبئته بالمياه وتهوئة المكان تحسبا لأي خطر.. وقبل حامد بالمهمّة (رغم انها تدخل في إطار المناولة باعتبار أن المقاول هو المطالب قانونيا بالقيام بهذا العمل حسب العقد الذي يربطه بالشركة). وبمجرد انطلاقه في العمل اشتعل الخزان بأكمله واحترق الرجل وظل يصارع الموت أسبوعين ليفارق الحياة تاركا وراءه أربع يتامى ووالدتهم. يقول شقيق الهالك في حديثه ل«التونسية» إن المقاول الذي سلم مهمة إصلاح الخزان لشقيقه اتصل بهم بعد الحادثة بأيام قليلة اي قبل وفاة حامد وطلب منهم أن يتكفل بالتغطية الاجتماعية للهالك وان يسجله على أساس انه احد العاملين معه ليتم احتساب الحادث على انه حادث شغل للتهرّب من الملاحقة القضائية وكفى بالله وكيلا.. مضيفا أنّ العائلة رفضت ذلك خاصة أنّ ابنها له «باتيندة» ومسجل في صندوق الضمان الاجتماعي. وأشار محدّثنا إلى أن عائلة الهالك طلبت من المقاول أن يتحمل مسؤوليته في ما حصل ورفعت قضية واتصلت بالشركة المعنية عن طريق عدل منفذ وطلبت منها اتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان حقوق أبناء الهالك باعتبار أن ممثل الشركة في سيدي علي بن عون أكّد أنه تم اتخاذ الاحتياطات الضرورية الوقائية وانه تم تفريغ الخزان بالكامل من الوقود وتنظيفه، ليتضح في ما بعد انه كان يحتوي على كميات من الوقود، مما أدى إلى اشتعال الخزان. وأضاف شقيق الضحية أنهم يطالبون بتحمل الشركة والمقاول الذي مكنته من القيام بالأشغال في محطتها مسؤوليتهما وان يضمنا حقوق أبناء أخيه لافتا إلى أن الضحية كان يرفض العمل في مكان فيه نسبة خطر ولو ب٪1 وأنّه مع ذلك قبل هذه المرة بالعمل في محطة الوقود التابعة لمؤسسة بترولية عمومية في سيدي علي بن عون بالنظر إلى كل التطمينات التي تحدث عنها ممثلو الشركة هناك. وقال شقيق الهالك إنه ومنذ حصول الحادثة لم يتصل بهم لا المقاول ولا الشركة ولا أي طرف آخر .. وباتصالنا بوزارة الصناعة أفادنا مسؤول بها أنه جرت العادة ان تمتنع اغلب شركات توزيع المحروقات في تونس عن تنظيف الخزانات وأنه كلما وقع أي عطب في خزان من الخزانات يتم إخراجه وتغييره بالكامل بالنظر إلى حجم الخطر الذي قد يحصل عند محاولة الإصلاح.. وأضاف مصدرنا انه في حال قررت إحدى الشركات القيام بأعمال صيانة في خزاناتها فإنه يتوجب عليها إفراغ الخزان بالكامل وتركه مملوءا بالماء لمدة أسبوع لإخراج الغازات كليا.. وبعد ذلك تتم عملية الإصلاح والصيانة مع الحرص على استعمال آلات قياس مستوى الغاز قبل الانطلاق في الأشغال.. كما انه من الضروري استعمال تجهيزات خاصة لمنع الاختناق أو الاشتعال وتُسمّى وسائل الوقاية الفردية.. وقال مصدرنا إن ما وقع في سيدي علي بن عون هو تجاوز خطير على جميع المستويات..من ذلك أن الشركة لم تتثبت في مدى أهلية من سيقوم بأعمال التنظيف والصيانة ومدى قدرته على القيام بهذه المهمة..حيث اتضح انه غير مؤهل مما جعله يلجأ إلى طرف ثالث ليقوم عنه بالمهمة.. وأكد المصدر ذاته انه من المنتظر أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحد من تكرر هذه الحوادث الناتجة عن الإهمال والتقصير واللامبالاة بعدد من محطات توزيع الوقود على مستوى الصيانة والحماية. وأنه ليس هناك أي موجب للتقصير في التقيد بإجراءات السلامة، سيما أن التجهيزات والمواد الموجودة بها خطيرة وأنّ من شأن أيّ خطإ أو تقاعس أو تقصير أن يتسبّب في حوادث ومآس. وتجدر الاشارة الى ان عشرات الحوادث تحصل في محطات وقود سنويا بسبب الاهمال واللامبالاة وعدم التقيد بإجراءات السلامة من ذلك انك قد تجد من لا ينضبط على مستوى الهندام على غرار الحذاء والقبعة الخاصين بالسلامة او استعمال الهاتف الجوال في مكان يحجر فيه استعماله او المرور في مكان محجر وغيرها من المسائل التي قد تبدو بسيطة لكنها مهمة لتحقيق السلامة وخطيرة ان لم تطبق..فمتى تتحرك السلطات المعنية لفرض تطبيق اجراءات السلامة في المنشآت الحساسة؟