تعكف وزارة المالية والبنك المركزي على إعداد ملف فني من أجل إقناع المقرضين بشراء المبالغ المطلوبة من السندات بنسبة فائدة وشروط تسديد مريحة تتماشى مع الوضع الاقتصادي الصعب حيث قال مسؤول حكومي لرويترز أمس إن تونس ستخرج للأسواق العالمية الأسبوع المقبل لإصدار سندات بقيمة مليار أورو سعيا لتغطية جزء من عجز ميزانيتها. من جانبه شدد مراد الحطاب الخبير الاقتصادي على ضرورة الاعداد الجيد للملف الفني لطرح السندات، معتبراً أن نجاح الوفد الذي سيتولى التفاوض مع المؤسسات المقرضة مرتبط بقدرته على الإقناع ببوادر تحسن المؤشرات الاقتصادية مشيرا الى أن اقتصاد البلاد مازال يمتلك بعض النقاط المضيئة على غرار التزام تونس إلى حد الآن بتسدسد كل ديونها الخارجية، وعدم المطالبة بمراجعة هذه الديون أو شطبها، داعيا إلى حسن استغلال هذه النقطة وتوظيفها. وتوقع الحطاب أن يكون قرار مجلس إدارة صندوق النقد الدولي بشأن البرنامج الائتماني الجديد مهما جداً في طمأنة الجهات المقرضة، لافتا إلى ان تحصيل المبلغ الذي تحتاجه تونس قد يتطلب طرق أبواب مؤسسات عديدة ومن جنسيات مختلفة. لكن نبيل الخياطي الخبير المختص في الصيرفة والتحويلات المالية اعتبر، في تصريحات اعلامية، أن هذا الصنف من الاقتراض لا يخلو من المخاطر مشيرا إلى أن الحكومة ستذعن إلى شروط الدائنين، بسبب تردي جل المؤشرات الاقتصادية، ما سيجعلهم يرفعون من سقف الضمانات. وحسب الخياطي فإن نسبة النمو الاقتصادي الحالية التي لا تتجاوز 0.5 % وان النسبة المتوقعة رسمياً للعام الحالي لا تكفي لإقناع المؤسسات المقرضة بالمجازفة بتمكين تونس من رد المبالغ المستحقة، مؤكدا أن وزارة المالية والبنك المركزي مطالبان بإعداد الملف الفني للسندات بشكل جيد. وشدّد الخبير المصرفي، على أن النقطة الإيجابية التي لا تزال تحتكم إليها تونس، هي أن الحكومة تحافظ على الإيفاء بتعهداتها المالية تجاه الدائنين، ولم تتخلف ولو في مناسبة واحدة عن تسديد الأقساط المستحقة، حتى لو جابهت الديون بالتداين مجددا. وقال الخياطي، إن «مهمة الوفد الحكومي الذي سيناقش طرح السندات ستكون صعبة جداً وستتطلب مجهوداً كبيراً، لا سيما أن تصنيف تونس من قبل الوكالات العالمية لم يشهد أي تحسن، بل تراجع». ويتزامن الذهاب إلى السوق العالمية لطرح سندات مع الاجتماع المرتقب لمجلس إدارة صندوق النقد الذي سيقول كلمته النهائية بشأن البرنامج الائتماني الثاني الذي تنتظره تونس حيث كشفت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد اول امس عن اتفاق وشيك مع تونس لمنحها تمويلاً جديداً لتمكينها من تنفيذ برامجها التنموية خلال العامين الجاري والمقبل. وأضافت لاغارد قائلة «أستطيع القول إننا في المراحل النهائية مع تونس لتنفيذ برنامج جديد بعد أن لاحظنا أن الحكومة هناك تقوم بخطوات سياسية واقتصادية شجاعة في ظل الوضع الصعب الذي تعاني منه».