لنتفق في البداية على بعض المعطيات والإستنتاجات التي يمكن الخروج بها من لقاء بجاية الذي جمع فريق الترجي بمولدية المكان ، أولا أن التعادل السلبي لا يعد نتيجة إيجابية بالنسبة لأبناء باب سويقة بل هي نتيجة فخ تؤجل الحسم في مصير التأهل لمباراة العودة التي ستكون خلالها الحظوظ متساوية ومهمة أبناء باب سويقة صعبة للغاية نظرا لضرورة تسجيل هدف على الأقل مع المحافظة على عذارة الشباك وهذا ما يفرض النجاح دفاعا وهجوما بنفس الشكل، ثانيا أن هذا اللقاء هو الأول قاريا الذي يعجز فيه الترجيون عن التهديف على الرغم من أن الفرصة الأوضح والأسهل في هذه المواجهة توفرت لهم قبل نهاية المباراة بربع ساعة لكن الجويني فشل في استغلالها وقد يكون هنا لغياب «الروج» والخنيسي معا دور كبير في العقم الهجومي الذي رافق الأحمر والأصفر في بجاية ومنعه من حسم التأهل في الجزائر بالذات... الشيء الثالث الذي يجب الإشارة إليه بل التأكيد عليه هو أن تسجيل الأهداف خارج القواعد في المقابلات التي تجمع أندية شمال إفريقيا وجها لوجه هو العنصر المؤثر رقم واحد في تحديد اسم المترشح بينها وقد مر الترجي الرياضي بتجارب عديدة في هذا الصدد أبرزها التتويج برابطة أبطال العرب بفضل هدف مايكل في الدار البيضاء ضد الوداد وكذلك اجتياز عقبة وفاق السطيف في مناسبتين بفضل الفوز عليه في الجزائر بالذات بهدف لصفر ( الدراجي وبوعزي ) ، ولذلك وجب الحذر في لقاء الإياب وعدم استسهال المهمة وخاصة التفكير جيّدا أن المنافس قادر على التهديف في رادس ووضع ذلك في الحسابات ناهيك أن الترجي الرياضي قبل هدفا على الأقل في جل اللقاءات التي استقبل فيها الأندية الجزائرية في رادس... أظن أن الأمور واضحة الآن وأن التحذير قد وصل فعلا لعمار السويح وأبنائه قبل أسبوع كامل من موقعة رادس. الاستمرارية التكتيكية مباراة امس كانت خليطا من الإيجابيات والسلبيات على مستوى المردود والاختيارات بالنسبة للترجي الرياضي، نبدأ بالإيجابيات المتمثلة أساسا في التعويل على الشعلالي كمتوسط ميدان ثالث إلى جانب الراقد وكوليبالي وكذلك في الاستمرارية التكتيكية ومواصلة اللعب بنفس الطريقة. إقحام الشعلالي وتفضيله على بقير كان قرارا صائبا من قبل الإطار الفني، صحيح أنه أثّر على الجانب الهجومي وبناء العمليات الخطيرة لكنه أفاد الفريق من ناحية منع المنافس من التدرج بالكرة وخلق الفرص السانحة للتهديف وكان خيارا صحيحا ومفهوما لفريق يلعب خارج قواعده عليه أن يفكّر في الناحية الدفاعية في المقام الأول... ثاني الإيجابيات تكمن في المحافظة على نفس الخطة ونفس طريقة اللعب حتى في ظل بعض الغيابات والتغييرات ، فالرجايبي عوّض بن يوسف في نفس المركز والشعلالي لعب أمام الراقد وكوليبالي، تعوّد اللاعبين على الرسم كان واضحا وساعدهم على تأدية مهمتهم وهذا هام في مقابلات قارية وخاصة لقاءات أجوار لها خصائصها ... صحيح أن الترجي الرياضي لم يسجّل وهذا ما يحصل له لأول مرة في كأس الاتحاد الإفريقي لكنه لم يقبل كذلك أمام منافس متعوّد على التسجيل على أرضه ولا بد أن ندمج ذلك في باب الإيجابيات أيضا ولو أن فرص التهديف كانت – مثلما ذكرنا – متوفرة وكان من المفروض استغلال إحداها على أقل تقدير نظرا لقيمة الأهداف المسجلة خارج القواعد في مواجهات أنديتنا بالفرق الجزائرية... على كل حال يظل التدارك ممكنا في الإياب رغم صعوبة المهمة ويكفي الترجيين الانتصار بأقل فارق ممكن لضمان مكان في دور المجموعات. سلبيات نأتي إلى السلبيات وبالتحديد لأكبر نقطتين من هذا الجانب في مباراة السبت و اللتان تطرحان أكثر من نقطة استفهام، الأولى المسافة الكبيرة بين عناصر الخط الخلفي ولاعبي الوسط وهو المكان الذي منح الثغرات للفريق الجزائري ومكنه من إحداث الخطر، الأمر غريب فعلا لأن تقارب الخطوط من أبجديات النواحي التكتيكية التي يجب أن يركز عليها ويفرضها كل مدرب، المشكل هنا لا يتعلق بانتشار متوسطي الميدان وإنما بانتشار رباعي الدفاع والذي كان متأخرا جدا إلى درجة تبعث على الدهشة ، لقد كان تمركز اليعقوبي والذوادي على خط 18 مترا في جل ردهات المباراة وهذا غير مقبول وكان السبب في وجود مساحات كبيرة وشوارع فسيحة بين الوسط والدفاع ... هذه الثغرة وجب تداركها بسرعة ونجاعة لأنها ممنوعة فعلا في فريق كبير مثل الترجي الرياضي يطمح في كل لقاء إلى الإنتصار وفي كل موسم إلى الألقاب ومن المفروض أن يكون انتشاره على الميدان عاليا وتقارب خطوطه آليا... النقطة الثانية تتمثل في تأخر التغييرات وخاصة تعويض الجويني الذي بان عليه التعب منذ الربع ساعة الأول من الشوط الثاني وهو التوقيت الذي وجب إخراجه فيه وإقحام الخنيسي لاستغلال الجاهزية البدنية لهذا الأخير في الهجومات المعاكسة، وفي هذا الصدد نؤكد أن الفرصة الذهبية والسهلة التي أهدرها الجويني في الدقيقة 77 كان بإمكان الخنيسي تحويلها إلى هدف... عموما فإن كل مباراة لا تخلو من السلبيات وكل التمنيات هو ألا يندم الترجي الرياضي في الإياب على هذه الهفوات والجزئيات التي كان بالإمكان أن تجعل نتيجته في بجاية أفضل خصوصا على مستوى التهديف.