تحية، أما بعد لأول مرة أكتب إليك هذه الرسالة وقلمي يرتجف خوفا لأنه لم يتعود إلا على كتابة ما كنت تمليه علينا. لم يكن أكبر المنجمين أو أكبر الخبراء السياسيين يتنبأ برحيلك بهذه الطريقة فقد رحلت عنا فجأة وتركت في قلوبنا لوعة فراق نتمنى أن يتواصل أكثر..فبمجرد رحيلك اجتثت كل صورك من الصحف ومن الشوارع ومن القنوات الفضائية ومن دور السينما ومن المدارس والمعاهد ومن قاعات المحاكم وحتى من المساجد لا لشيء إلا لأننا لا نطيق رؤية صورك وأنت بعيد عنا..فقد عودتنا طيلة 23 سنة أو تزيد على خدمتك وخدمة عائلتك الموسعة وأصهارك وليس هذا عيبا فذلك من واجبنا لأن طاعة أولي الأمر فرض علينا...لقد تجند طوال هذه الفترة الشعب التونسي نساء ورجالا صغارا وكبارا شبابا وشيوخا لخدمة مصالح سيادتكم بإشراف السيدة "الفاضلة" ليلى بن علي وتحت إمرتها فحتى المعوقين تجندوا لخدمتكم فكانت كلّ{ القوى الحية في البلاد مسخرة للحفاظ على مكاسب هذه العائلة "النموذجية" الماسكة بزمام الأمور ولا غرابة في ذلك ما دامت قد أكدت في أكثر من مناسبة منذ توليت علينا ضرورة الاستثمار والانتصاب للحساب الخاص فصدق وعدك وعاضدك المحيطون بك فأنجزت القصور داخل تونس وخارجها واستثمرت خيرة الضيعات الفلاحية أنت وأصهارك لأنك تشجع على الاستثمار في الفلاحة. وشيدت المصانع في مختلف الاختصاصات وبتقنيات عالية الدقة..كل ذلك إيمانا من سيادتك بأن تكون المدينة الفاضلة التي تؤسس لها متكاملة البنيان..سخرت كل وسائل الإعلام لخدمتك وخدمة مصالحك فكان لك ذلك ولكنك اليوم وبعد رحيلك...تركت فراغا لا يقدر بثمن...علمنا بكامل الأسى بأنك انضممت مؤخرا إلى اتحاد جدة كلاعب متوسط ميدان فهذا خياركم ونرجو لكم التوفيق لأن الاحتراف في الرياضة هو ما كنتم تشجعون عليه. كما لا يفوتني في هذه المناسبة أن أبشرك بأن المحيطين بك والذين أفنوا حياتهم في مدحك قد انفضوا من حولك وتركوك قائما لأن السنة الدولية للشباب التي جاءت بقرار من سيادتكم هي التي حفزت هؤلاء على ضرورة التخلي عن الماضي وبناء حياة مغايرة تختلف عن تصوركم...يقال أن الشقيقة السعودية بها مهن مطلوبة وخاصة "الحلاقة" لذلك أوصيكم خيرا بالسيدة "الفاضلة" وبأن تختاروا لها أفخم صالون حلاقة حتى تشرّف تونس في ميدان الحلاقة... الشعب التونسي من طينة عصية على الفهم والدليل أنك "فهمته" بعد حوالي ربع قرن..وهذا يحسب لك...وهكذا يكون الحاكم؟ ! ...الشباب التونسي اليوم يحتفل بسنته الدولية بقرار منكم ولكن على طريقته الخاصة لأنه هو "فهمكم" وأنت "فهمتهم" وهذا موضوع رسالة ثانية ستصلكم قريبا...