تشرئب أعناق التونسيين هذه الأيام نحو أجهزة التلفزيون والراديو وتغطس العيون في صفحات الجرائد بحثا عن الجواب اليقين عن السؤال الصعب ....متى ينتهي هذا "البازار" السياسي ليعرف الشعب متى هو ذاهب الى صناديق الاقتراع..؟ الشعب أصيب بالتخمة الحزبية ...وأنهكه انفلات الأمن والسياسة وفيضان الثورة من كل حدب وصوب حتى أن الواحد ليقف مشدوها وهو يرى بعض الناس الغاطسين الى" شوشتهم " مع العائلة المارقة يتصدرون "المشهد الثوري" ويزايدون بثوريتهم الخطابية على من خرجوا في المظاهرات وسقطوا صرعى بالرصاص...سيقول البعض استعارة ...كم باسمك أيتها الثورات ترتكب الحماقات ....كم باسمك أيتها الثورات يتقاذف بعض الطالعين من" تحت الأرض" مصلحة الوطن ويصادرون صوت الشعب المبهوت وهو يرى من يتكلم باسمه دون أن ينبس ببنت شفة ...كم باسمك أيتها الثورات يجري المال السياسي تحت الطاولات المنمقة عذبا سلسبيلا ويناور الخطاب الحزبي الراديكالي ليصبح ليبراليا ...كم باسمك يتعارك البارونات على الموعد الانتخابي دون أن يفسروا لنا لماذا يجب أن يتأجل الموعد الانتخابي أولماذا يجب ألا يؤجل...ما هي المخاطر المحدقة بهذه البلاد الحبلى بالأحلام ...المنهكة بالارهاصات ...الباحثة عن قشة تتعلق بها في يمّ المجهول المتلاطم بالحقائق والفزاعات ...سيقول البعض استعارة مرة أخرى ...كم باسمك أيتها الثورات تلتبس الصورة الوطنية فلا يتبقى لنا كشعب سوى التخمين البريء...الساذج ....العفوي ...البسيط ..ملاذا لنعرف وحدنا أننا كشعب في حاجة الى شرعية حقيقية تحكم البلد ...الى مؤسسات ودولة قوية ...واقتصاد يبتسم للناس شرقا وغربا ...شمالا وجنوبا ...نحن في حاجة الى سلطتنا ...أعيدوها لنا رجاء ...نحن في حاجة أكيدة الى خارطة تتسع للجميع ...تحتضن المعدمين قبل الأغنياء ...الضعفاء قبل الأقوياء ...نحن في حاجة الى سياسة جديدة لم تدنسها المصالح الضيقة والأكاذيب الرعناء ...في حاجة ملحة لسياسيين يحترمون ذكاءنا الوطني ...ألم يلوكوا تلك العلكة ليقولوا ...هذا الشعب مثقف ...لا ينقصه الوعي والادراك ...نحن في حاجة أخيرا الى غلق البازار المشار اليه انفا .....فلقد هرمنا ....هرمنا ....هرمنا من أجل هذه الطبخة السياسية !