رقصة الدّيك المذبوح ؟! من حين إلى آخر يجود علينا الزمان بأشياء مضحكة ومؤلمة في نفس الوقت ولا يمكن تصنيفها في أي خانة من الخانات غير خانة التشرذم التي يتفطن إليها كل عاقل ومدرك للحقيقة وخاصة المدعمة بالوثيقة منها والتي لا يرتقي إليها أي شك على غرار ما تشهده بعض المؤسسات التي ساد فيها الفساد خلال فترة الاضطهاد والاستبداد ورسخت ثقافة «كن معي وساندني.. ولا تخشى على امتيازاتك ومستقبلك.. وإلا فإنك ضدّي وسأحرص على «تدميرك» وبكل الأساليب والطرق». وهي سياسة «بوش» الابن الذي أكد حين كان في الحكم أن الذي ليس معه هو بالأساس ضدّه.. ولذلك فإن المورطين الذين وإن لم يتم ذكر أسمائهم فإن لا هاجس لهم غير الاعتقاد أنهم هم ولا غيرهم تماما مثل «المجراب الذي تهمزو مرافقو» ولذلك فإنهم ينتفضون ويوجهون النداءات ويستنكرون ويندّدون محاولين الركوب على صهوة الثورة وباسمها يتكلمون ويتهمون من يخالفهم في الرأي بكل النعوت ويعتبرون الحق باطلا والباطل حقا طالما أنهم يرقصون رقصة الديك المذبوح ويدركون في قرارة أنفسهم أنهم انتهوا وزاغوا عن الطريق وفشلت مخططاتهم وبالتالي كان عليهم الانسحاب في هدوء وصمت خاصة بعد انكشاف أوراقهم ورغباتهم وحتى تجاوزاتهم دون أن يرموا غيرهم بالحجارة وبيوتهم من زجاج..؟!! كيف نرسّخ التقليد الجديد..؟ ما تشهده بعض الجهات في اجتماعات المنظمات والأحزاب لا يؤكد إلا على أن الوضع صعب وعلى صفيح ساخن خاصة أن الاحترام الذي كان من المفروض أن يكون متبادلا بين مختلف الأطراف والألوان مازال غائبا والكل يعتقد أنه يمتلك الحقيقة وهو لا يدرك أنها نسبية وكل يراها حسب خلفياته وتكوينه وتركيبته وحتى مزاجه أحيانا وبالتالي علينا جميعا أن ننتهز الفرصة التاريخية التي توفرت لنا كشعب تونسي مناضل ونساهم في بناء المرحلة القادمة التي نريدها متسمة بالحريات والديمقراطية واحترام الرأي المخالف فضلا عن ترسيخ التقليد الجديد الذي لم تعهده البلاد قبل الثورة المجيدة وحتى إن شهدت بعضه فقد كان «مركبا» ومتسلطا عليه بشكل قمعي كبير.. بين الانحراف.. والانحراف؟؟!! منذ 14 جانفي تم إلقاء القبض حسب تصريح تلفزي لأحد مسؤولي الأمن على أكثر من (13) ألف منحرف وذلك لمحاولة تطهير البلاد من المنحرفين في مجالات الترهيب والنهب والسرقة والاعتداء وهو ما يعني أن العمل جاد ويستحق التنويه باعتبار أن المواطن في أشد الحاجة إلى الأمن والأمان والطمأنينة ولكن كم سيكون عدد المنحرفين سياسيا واقتصاديا وثقافيا في البلاد وخاصة قبل 14 جانفي الخالد والذين اثروا سلبا على تونس ومارسوا كل أشكال الانحراف والتهميش والاقصاء والتمييع والتجويع والفساد والرشوة وغيرها..؟ قد يكون أكثر من (13) ألفا ولكنهم مع ذلك مازالوا أو أغلبهم ينعمون بحياة عادية دون المحاسبة ولا اعتبارهم في خانة المنحرفين الذين أضروا بالعباد والبلاد..؟؟!! «التشفير» لماذا./؟؟ يلاحظ الكثيرون أن سي الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة المؤقتة قد استغل حنكته السياسية وأصبح يتكلم بلغة واضحة حينا وبأخرى «مشفرة» لا بد من بذل المجهود لتحليلها وقراءتها وكل حسب معطياته وخلفياته والحال أن الفترة تستوجب الوضوح دون تعتيم ولا تضخيم ولا تقزيم خاصة أن سي الباجي بيده الحل والربط ودوره تاريخي ومسؤول وذلك إلى جانب الهيئة العليا لحماية مبادئ الثورة والاصلاح السياسي. المهرجانات.. ودور المثقف..؟ قد تتزامن المهرجانات الصيفية مع موعد الاعداد للانتخابات والحملات الدعائية.. وقد تتبعثر الأوراق كما قد تكون فرصة لتمهيد سبل النجاحات إذا عرف كل طرف أنه مسؤول وخاصة في المجال الثقافي الذي من المفروض أن يلعب دوره الريادي في هذه الفترة وفي الفترات اللاحقة باعتبار أن المثقف هو «النبراس» الحقيقي لدروب المستقبل والذي يضيء الفضاءات ويبدد كل ظلام. الانتهازيون.. لماذا..؟ رغم أنني تحملت أكثر من مسؤولية في القطاع النقابي وأحترم كثيرا النقابيين الذين لا هم لهم سوى الدفاع عن الشغالين والمساهمة في تطوير المؤسسات وإشعاعها والتصدي لكل أشكال الفساد والانحراف فإنني أشعر بالمرارة والألم حين أرى بعضهم يصنفون في خانة المنتهزين مقابل تعلق الأغلبية الساحقة بالمبادئ النقابية الهادفة إلى خدمة الشغالين والكادحين وهؤلاء أحترمهم وسأظل أحترمهم كما يحترمهم الجميع ومن المفروض عليهم المساهمة في التصدي للانتهازيين الذين لا يدافعون إلا عن مصالحهم الضيقة وباسم النقابة يتجاوزون دون رقابة وفي أكثر من قطاع حتى وإن اكتشفهم العمال ولا شك أنهم سيقولون في شأنهم كلمتهم في الانتخابات القادمة دفاعا عن نقاء المنظمة الشغيلة العتيدة.