عاد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في الجزء الثاني من مذكراته المعنونة "الزمن الرئاسي" والصادرة عن دار "نيل" إلى الفترتين الرئاسيتين اللتين قضاهما على رأس السلطة بفرنسا، والعلاقات المتوترة التي طبعت علاقته بالرئيس الحالي نيكولا ساركوزي. فخلال السنوات الأربع التي تلت خروجه من قصر الإليزيه تفادى شيراك الحديث أو التعليق على إدارة الأعمال في أعلى هرم السلطة، تحفظ بدأ يتخلى عنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 2012، وقبل أيام من استئناف محاكمته في قضية الوظائف الوهمية الملاحق فيها والتي تعود وقائعها إلى المرحلة التي كان فيها رئيسا لبلدية باريس خرج شيراك من حالة الصمت حيال ساركوزي وفسر رفضه اقتراح بعض مساعديه تعيين نيكولا ساركوزي رئيسا للحكومة في 2002، "لوجود الكثير من الغموض والاختلاف" بينهما. في 2004 بعد خسارة الأغلبية الرئاسية في الانتخابات المحلية، رفض شيراك مجددا تعيين ساركوزي رئيسا للحكومة لأنهما "مختلفان في المسائل الجوهرية" كما يقول شيراك في مذكراته. ويضيف "هو أطلسي، وأنا لا، هو أكثر ليبرالية مني من الناحية الاقتصادية، هو مع التمييز الإيجابي وأنا أرفض ذلك بشكل مطلق، وليس من الممكن أن تنجح العلاقة بيننا". كما تطرق شيراك كذلك لتصريحات ساركوزي النارية عندما كان وزيرا للداخلية في 2005 بخصوص الضواحي الباريسية حيث وعد سكان مدينة "أرجنتاي" بتطهير الأحياء من "الحثالة" بفضل آلة "الكارشير" التي تستعمل عادة لتنظيف الأوساخ والقذارة، تصريحات وصفها شيراك ب"التصريحات الممنوعة". وذهب شيراك في انتقاداته إلى ساركوزي أبعد من ذلك، فاعتبره شخصا "عصبي ومتهور"، "ثقته في نفسه لا حدود لها"، مشيدا كذلك بخصاله الحميدة كونه "شخص يملك قوة في العمل، ومهارات مع وسائل الإعلام، يملك الحس التكتيكي الذي يجعله من السياسيين الأكثر حنكة" زد على ذلك "خبرته في المجال الحكومي، ديناميكيته، وشغفه بالعمل". وتأسف شيراك لغياب اسمه من الخطاب الذي ألقاه ساركوزي فور فوزه بالانتخابات الرئاسية في 2007، رغم دعمه له في حملته الانتخابية شهرا قبل الانتخابات. واعترف شيراك ب"خطأ" ارتكبه خلال فترتي رئاسته متعلق بسياسته بعد الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية ل2002 والتي فاز بها أمام زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبان حيث كتب "كان من المفترض عليّ اختيار فريق عمل أكثر تمثيلي ل82 بالمئة من الفرنسيين الذين صوتوا لي في الرابع من ماي 2002...أمر لم أفعله واعتبره خطأ بحق الوحدة الوطنية التي كنت راعيها".