تحصلت " التونسية " على رسالة من طبيب الاسنان المهدي بن خميس يتساءل فيها بخصوص امكانية عودة التجمع الى المشهد العام والى كلية طب الاسنان بالمنستير ولاطلاع قرائنا على ما ورد فيها فاننا ننشرها بحذافيرها : " يتوجه التونسيون بوم الأحد 23 أكتوبر إلى مكاتب الاقتراع لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي. و تعد هذه الانتخابات تاريخية على كلّ الأصعدة إذ أنها ستمثل الخطوة الأولى في بناء صرح تونس الغد. كما أنّها سوف تنهي مع حقبة الحزب الواحد. فالتجمع الدستوري الديمقراطي المنحلّ لم يكتف خلال 23 سنة بالسيطرة على الحياة السياسية فحسب بل اكتسح أيضا المجال الاقتصادي و الثقافي و الرياضي و السياحي و التربوي. و لم تسلم من الهيمنة التجمعيّة المؤسسات الجامعية. هذه المؤسسات الجامعية سوف تشهد الأيام المقبلة انتخابات ممثلي الأساتذة في المجالس العلمية و رؤساء الأقسام و العمداء. و يمكن اعتبار هذه الانتخابات رغم كونها ضيقة اختبارا لمعرفة مدى رغبة الجامعيين في القطع مع سياسة النظام البائد. كلية طب الأسنان بالمنستير هي من المؤسسات الجامعية التي تستعد لهذه الانتخابات.و يعود تأسيسها إلى منتصف سبعينات القرن الماضي و هي إلى اليوم الكلية الوحيدة في البلاد التونسية التي تكون أطباء الأسنان و تسند الشهادة الوطنية في طب الأسنان. و قد كانت هذه الكلية إلى أواخر الثمانينات مفخرة للجامعة التونسية. فمستوى التدريس بها كان مشهودا له بالجودة ومدرجاتها كانت وجهة العديد من الطلبة المغاربة و الموريتانيين و الفلسطينيين و الأفارقة. للأسف منذ منتصف التسعينات ما فتئت القيمة العلمية لهذه الكلية عن التقهقر. و يعود هذا أساسا إلى تضخم عدد الطلبة و عدد المتربصين خاصة الوافدين من دول أوروبا الشرقية و رفض كل الذين تقلدوا المناصب الأولى بالكليّة القيام بالإصلاحات اللازمة و سكوتهم على التجاوزات. وهكذا أصبح مصير كلية طب الأسنان بيد ثلّة من المحسوبين على النظام السابق مقصين بذلك المجلس العلمي و الأساتذة الغيورين عن دائرة القرار. بعض الأساتذة النزهاء وهم الأغلبية الساحقة في الكلية حاولوا الإصلاح و لكنّ محاولاتهم باءت بالفشل لعدم رغبة أصحاب القرار و النفوذ في أي تغيير يطرأ على الكلية. اليوم أصبح المستوى العلمي لطبيب الأسنان المتخرج من هذه المؤسسة العريقة متوسطا. كما تدنت الخدمات الصحية المقدمة في المصحة الاستشفائية التابعة للكلية باستثناء زرع الأسنان للحساب الشخصي.و غاب البحث العلمي و لم يعد مقياسا يعتمد لتعيين الأساتذة الشرفيين بل أصبح عبد العزيز بن ضياء يعينهم رغم معارضة المجلس العلمي. أمّا مناظرة الإقامة و هي المناظرة الأهمّ الّتي تفتحها كلية طبّ الأسنان فإنّها خلافا لنظيرتيها في الطبّ و الصيدلة لم تشهد أيّ تغيير في البرامج و طريقة الامتحان منذ سنة 1982. و أصبحت هذه المناظرة الّتي تفتح أبواب التخصّص و التدريس في الكلية لا تقيّم الممتحنين و لا تنتقي أحسنهم. الأطروحات أيضا تدنّى مستواها العلمي بعد أن كانت تعد مرجعا للطلبة الفرنكوفيين في سائر أنحاء العلم. فعلى سبيل الذكر قام طالبان منذ سنتين بنسخ أطروحتين فرنسينتيّن بحذافيرهما و لكن الجميع لازم الصمت لأن الأستاذة المؤطرة من المتنفذات. و شهدت الكلية في العشرية الأخيرة سيطرة فئة من التجمعيين عليها تقودهم نائبة سابقة في البرلمان أصبحت تقرر مصيرها و تدفع بها إلى الوراء. و قد سبق لها أن أفتكت رئاسة قسم من زميلين تقدما بمطلب في الغرض لمنذر الزنايدي وزير الصحة أن ذاك لتصبح مشرفة على قسم لم يقع بناؤه حتى هذه اللحظة. هذه المجموعة المتنفذة تدخلت منذ سبع سنوات لتعين رئيس قسم جراحة الفم عوضا عن الأستاذ المبوب لهذه الوظيفة سنا و كفاءة. و الإستراتيجية معروفة لديهم تثبيت الموالين لهم في الكلية حتى يتسنى لهم السيطرة عليها. و اليوم و رغم قيام ثورة في بلادنا فان هذه المجموعة مازالت متشبثة بنفوذها و هاهي تستعد للزج بمرشحيها في انتخابات المجالس العلميّة و انتخابات العميد المقبلتين. وقد استعمل هؤلاء في حملاتهم الانتخابية الأساليب القديمة. و قد نسوا أو لعلهم تناسوا أن رياح التغيير قد هبّت منذ 14 جانفي 2011 و أنّه لا خوف بعد اليوم. في الأخير أريد التأكيد أنّني كطالب سابق في الكلية وطبيب أسنان مقيم مع المصالحة الوطنية و لكنّني مع المصلحة الوطنية قبل كل شيء. و المصلحة الوطنية تقتضي أن لا يواصل المورطون مع النظام السابق و المناشدون لبن علي للترشّح سنة 2014 قيادة المؤسسات الجامعية في تونس لأنهم أضروا بها كثيرا و أرددوها إلى أسفل السافلين. عهد المخلوع و القفة و الوصولية ولى و مضى. نفتح اليوم عهدا جديدا تكون فيه الكفاءة العلمية و الاستقامة المقاييس الوحيدة للوصول لمواقع القرار في كلياتنا و كلية طب الأسنان لا يمكن أن تكون استثناء من هذه القاعدة الجديدة. فليتحمل أساتذتي الموقّرون مسؤولياتهم التاريخية عند التصويت.