*مبعوثنا الخاص- محمد شكري على زائر المملكة المغربية أن يتذكر دائما الثلاثي المقدس"الله- الوطن- الملك" فملك المغرب هو أمير المؤمنين ويصعب أن تسمع مغربيا يناقش مكانة الملك فهو الأب العطوف وهو الراعي الأمين الساهر على أبناء شعبه ، أما الفساد فمتأت من الحكومة والأحزاب والإدارة ...ويزداد إعجاب المغاربة بمليكهم(كما يحلو لهم مناداته) في الشمال على تخوم إسبانيا فقد كانت المنطقة منسية في عهد الحسن الثاني حتى إذا جاء محمد السادس تغيرت الحال بمشاريع عملاقة غيرت من الصورة النمطية عن الشمال المغربي : مخدرات ودعارة وتهريب ....ومن آخر هذه الإنجازات انطلاق أشغال القطار فائق السرعة( تي جي في) بشراكة فرنسية سعودية (أما نحن فما زلنا ننتظر تحقق وعود عبد الرحيم الزواري منذ كان وزيرا للنقل لإعادة تهيئة محطة برشلونة وإعفاء التوانسة من الروائح الكريهة وباعة البيض المسلوق ) وميناء طنجة المتوسط أكبر الموانئ الإفريقية في منطقة القصر الصغير ولذلك لا يكاد يخلو محل تجاري من صورة محمد السادس ....وكأن المغربة يؤكدون ولاءهم لملكهم واعترافهم بما يقدمه لهم .... وبقدر إجماع المغاربة على ملكهم فهم لا يجادلون في مغربية الصحراء - التي تنازعهم عليها جبهة البوليزاريو بدعم جزائري معلن وصريح- وفي مغربية سبتة ومليلة ... و سبتة هي مدينة ذات حكم ذاتي تخضع للسلطة الإسبانية ومساحتها تقارب 18.5 كم⊃2; . في عام 1415 احتلت البرتغال سبتة وبعد قرنين وربع انتزعها منهم الأسبان في 1640 أما مدينة مليلية فقد احتلتها إسبانيا عام 1497 بعد أن سقطت غرناطة(1492). وقد أصبحت المنطقة منذ عام 1995 تتمتع بصيغة للحكم الذاتي داخل إسبانيا بقرار من البرلمان الإسباني . تعتبر المملكة المغربية، ومنذ استقلالها، سبتة جزءًا لا يتجزء من التراب المغربي. وترفض الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وتدعمها في ذلك بقية الدول العربية ودول الإتحاد الإفريقي. يتمتع سكان سبتة من أصل مغربي بحقوقٍ كاملةٍ داخل المغرب كباقي المغاربة. ويطالب المغرب إسبانيا بالدخول في مفاوضات مباشرة معها لأجل استرجاعهما، كما يعتبرهما احد آخر معاقل الاستعمار في أفريقيا، غير أن المنطقة لم تصنفها الأممالمتحدة بعد ضمن المناطق المحتلة والواجب تحريرها. بعد استرداد الأسبانيين للأندلس، أطلق الفاتيكان دعوة للسيطرة على الساحل المتوسطي للمغرب، وقامت البرتغال بالسيطرة على الساحل الأطلسي. وقد تعددت المحاولات التاريخية للمغرب لاستعادة المنطقة، منها محاولة السلطان إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي حيث حاصر المغاربة مدينة سبتة 33 سنة دون أن يتمكنوا من استعادتها، ثم محاولة السلطان محمد بن عبد الله عام 1774 محاصرة مدينة مليلية من غير جدوى. وتبقى أبرز المحاولات المعاصرة هي ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي والحروب التي خاضها بين عامي1921 و1926 ضد القوات الإسبانية في شمال المغرب.تتميز المدينة بمينائها حيث يعتبر همزة وصل بين إسبانيا والمغرب كما تتميز بكثرة الزهور في أنهجها ولقد زارها الملك Juan Carlos في أفريل 2007 ليؤكد للمغاربة إسبانية المدينة وأنها أولوية عليا ولا يمكن لإسبانيا التفريط فيها، حيث يمكن من سبتة مراقبة المهاجرين غير الشرعيين ويمكن للإسبان السيطرة على 85% من مساحة المياه الإقليمية بين المغرب ومملكة إسبانيا فموقع سبتة حساس واستراتيجي من الناحية العسكرية. انطلقت رحلتنا صباح يوم الجمعة الماضي من "المحطة الطرقية "(محطة التاكسيات والحافلات) بطنجة، تاكسيات( أو طاكسيات كما يكتبها وينطقها أشقاؤنا المغاربة ) سيارات مرسيدس قديمة الصنع بلون اصفر بارد"الكاكي" كان علينا أن نلتصق حتى تسعنا السيارة فسواق الطاكسي هنا يحق لهم إركاب ستة أشخاص في سيارة صممت أساسا لأربعة أشخاص...كان الطقس حارا وهو مازاد من معاناة الطريق نحو وجهتنا وهي مدينة "الفنيدق" التي يطلق عليها الأسبان "كاستيليوس" على مسافة ثلاثة كيلومترات من سبتة ....والفنيدق تصغير لمفردة الفندق وهي مدينة معبر ذكرتنا ببن قردان مع فارق وحيد أن الفنيدق تطل على المتوسط ولا تفتح على صحراء الجماهيرية التي مازالت تطارد عقيدها ملك ملوك إفريقيا وعميد الحكام العرب والأفارقة الذي اطل علينا قبل أشهر يلومنا لأننا (لا أدعي أني من زعماء الثورة أو من الذين يركبون عليها، فقط انا أحد أبناء تونس) فرطنا في رئيس لا مثيل له... واغلب الظن أن التونسيين كانوا يقبلون بقاء بن علي لو كان بمفرده أي دون صخر وفهد وبلحسن و ليلى .... المسافة بين طنجة والفنيدق تتجاوز السبعين كيلومترا ...مررنا خلالها بميناء طنجة المتوسط في القصر الصغير حيث الأشغال دون توقف لإتمام أكبر ميناء في القارة الإفريقية ....وصلنا الفنيدق التي أعاد الإسبان بناءها مطلع القرن العشرين ... كانت سبتة على مرمى البصر ولكن دليلنا في السفرة لم يكن يملك فيزا تخول له الدخول إلى المدينة المغربية المسلوبة فكان علينا التوقف عند الحدود تسافر عيوننا مع تلك السيدة التي رافقتنا في سفرتنا لشراء دواء لإبنها العليل من سبتة لأنه أرخص ثمنا ... ولأن اليوم كان يوم جمعة فإن جل المحلات أقفلت أبوابها ليحتل الباعة المتجولون الشارع الرئيسي في المدينة وعلى جنباته توزعت فنادق ومقاه ومطاعم ومحلات تعبئة الهواتف الجوالة ...كانت البضائع مكدسة بشكل فوضوي... أقمشة وألبسة ومعدات كهرومنزلية من كل مكان من الجارة اللدودة إسبانيا ومن الفيتنام والصين وتركيا ...كل شيء هنا في الفنيدق بوابة العبور إلى الجنة الأوروبية عبر سبتة ذات الهوية العربية الضائعة... كانت عبارة "سبتة مغربية" مكتوبة في كل مكان على الجدران وعلى الطريق وعلى أعمدة الكهرباء ...قال رفيقي إن المغاربة لا يمكنهم أن يفتحوا جبهة الحرب مع إسبانيا قبل إغلاق ملف الصحراء (وإسبانيا سبب البلية في هذا الملف الشائك) ،الذي عطل بناء إتحاد المغرب العربي وجمد العلاقات المغربية الجزائرية ... ولكن تأجيل فتح الملف لا يعني التفريط في سبتة أو مليلة ....لم أشأ أن اصدم دليلنا بتذكيره أن الفلسطينيين أيضا يحلمون بحق العودة من ستين سنة دون أن يتحقق الحلم ... ما أكثر أحلامنا يا رفيقي ...إكتفينا بالنظر إلى سبتة التي لا تفتح أبوابها المغلقة بإحكام إلا لأهالي تطوان دون فيزا أما البقية الباقية فمصيرها مرتبط بالقنصلية الإسبانية ...الشيء ذاته مع جبل طارق ....إذ يلزمك تأشيرة أيضا لتدخل الجبل ونحن على مشارف إسبانيا تذكرنا طارق بن زياد وموسى بن نصير وجيوش العرب الفاتحة حين كان العرب خير أمة أخرجت للناس ... تذكرت أشياء وغابت عني أشياء ...ولكن الصوت مازال يتردد في المدى "العدو أمامكم والبحر وراءكم" وأغلب الظن أننا نعيب زماننا والعيب فينا فما دخل الإسبان واليهود والأمريكان والفرنسيون وسائر الأمم التي إحتلتنا من حدودنا بل تسربوا كالنمل من عيوبنا... !