رغم أنها قطاع حر لم تسلم مهنة المحاماة من مراقبة الرئيس المخلوع له إذ كان يوظف عدد من المحامين لخدمة مصالحه الشخصية و أقدم على حرمان عدد منهم من حقهم في العمل و الترافع بناءا على سوء علاقتهم بالحزب الحاكم أو انضمامهم الى أحد التيارات المعارضة كما أن ملف القائمة الإسمية للمحامين التي عثر عليها بقصر قرطاج من قبل لجنة تقصي الحقائق بقيت خالدة في ذهن التونسيين. و قد اختارت "التونسية" بعض التجاوزات التي إقترافها النظام السابق من أجل تكبيل قطاع المحاماة. عثرت لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة و الفساد بالقصر الرئاسي على جملة من الوثائق تبين من خلالها أن المخلوع عمد الى تكوين لجنة مكلفة بدراسة ملف المحامين المتعاملين مع المؤسسات العمومية و الإدارة و قد تبين بالإطلاع على محضر الجلسة التي عقدتها اللجنة المذكورة بتاريخ 8 جويلية 2000 أنها اقترحت على المخلوع بتكليف الكاتب العام للحكومة أنذاك للإتصال في نطاق السرية المطلقة برؤساء المنشآت العمومية لوضع حد مستقبلا للتعامل مع بعض المحامين المعروفين بمناهضتهم للنظام و قد وردت أسماءهم تحت عنوان "المحامون السيئون" . و في هذا الإطار عثرت اللجنة على جملة من الوثائق التي تبين أن السلطة السياسية السابقة كانت تصنف قطاع المحاماة الى عدة أصناف منها : المحامون التجمعيون و المحامون المتحمسون و المحامون العاديون و المحامون السيئون و ذلك لإختيار المحامين الذين ينوبون المؤسسات و المنشآت العمومية . كما حجزت اللجنة وثيقة صادرة عن الكاتب العام لرئاسة الجمهورية (ص دش) في شكل فاكس موجه الى السيد (م ع ق) كاتب الدولة المكلف بالأمن بتاريخ 09 ماي 2000 قصد الإسترشاد عن 220 محام و قد تم تنفيذ هذا الطلب بموجب مكتوب موجه من وزير الداخلية (ع ق) يتضمن إنجاز 192 بطاقة إرشادات خاصة بالمحامين المعنيين. كما تحصلت اللجنة على بعض التقارير الأمنية بخصوص بعض المحامين على غرار الأستاذ (م ر ف) الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين بالإضافة الى مكتوب صادر الكاتب العام للشركة التونسية للتأمين و إعادة التأمين يحمل عبارة سري مطلق يتضمن دعوة الرئيس المدير العام لهذه المؤسسة الى إستدعاء عميد المحامين السابق (ب ص) قصد الإتفاق معه في نطاق السرية المطلقة للقيام باستشارات قانونية و بالدفاع عن مصالح المؤسسة المذكورة و مع طلب إعلام الكتابة العامة للرئاسة في نطاق السرية بالإجراءات التي تم إتخاذها في هذا الشأن. كما حجزت اللجنة مراسلة صادرة عن الكتابة العامة للرئاسة بتاريخ 09 نوفمبرب 2009 موجهة الى السيد (م و) الرئيس المدير العام لإتصالات تونس تتضمن طلب موافاتها بالقضايا التي ينوب فيها الأستاذ (ح ل) و قد أذن الرئيس بتوقيف التعامل مع المحامي المذكور و ذلك بناءا على تقرير رفعه له التجمع الدستوري الديمقراطي المحل حول مشاركة الأستاذ المدكور في الدورة 53 للإتحاد الدولي للمحامين و هي مشاركة اعتبرها مسؤولو الحزب الحاكم المنحل سلبية و مضرة بمصالحه. و قد تمت إحالة الملف الى النيابة العمومية مرفوقا بنسخ من الوثائق التي تم حجزها و ذلك بتاريخ 18 أوت 2011 .