سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"عبد اللطيف بن عمار" يتحدث عن " النخيل الجريح" : أنا ضد الانتماء الحزبي للسينمائي ، ولكن الفنان سياسي بالرغم منه ...والصورة لاتكذب وفي غيابها تتعدد الحقيقة بين الرواة...
بعد أكثر من سنة من الانتظار يعرض فيلم النخيل الجريح في قاعات العاصمة التونسية بداية من يوم 5 ديسمبر ، وهو خامس الأفلام الروائية الطويلة للمخرج عبد اللطيف بن عمار السينمائي التونسي الوحيد الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" بشريط "حكاية بسيطة كهذه"(1970)، ولعله الوحيد الذي تذوق طعم التتويج في أيام قرطاج السينمائية ثلاث مرات، كانت الأولى بالتانيت البرونزي سنة 1970 (حكاية بسيطة كهذه) والثانية بالتانيت الفضي سنة 1974 (سجنان) والثالثة بالتانيت الذهبي سنة 1980 (فيلم عزيزة) ...كما قدم بن عمار عدة أفلام وثائقية أهمها فيلم عن بورقيبة وشريط عن الزعيم النقابي فرحات حشاد ...ويبقى عبد اللطيف بن عمار أحد علامات السينما التونسية رغم الضجيج الذي أحدثه البعض ضده وضد بعض أبناء جيله بعد الثورة وكأن الذين ينقدون اليوم كانوا ملائكة أطهارا قبل 14 جانفي ... ! "التونسية" حاورت المخرج فكان هذا الحوار... *هل هي مجرد صدفة أن يتزامن عرض النخيل الجريح مع ذكرى إستشهاد الزعيم الوطني فرحات حشاد؟ ليس صدفة كما أن التزامن لا غاية تجارية لنا من ورائه وإن كانت أفلامنا عاجزة لأسباب موضوعية اليوم عن تحقيق عائدات بسبب اندثار قاعات السينما التي لم يبق منها سوى القليل ...لم يكن قراري منفردا ولكن أسرة الفيلم بدءا بالمنتج عبد العزيز بن ملوكة إخترنا أن يكون الفيلم تحية لشهداء تونس عبر التاريخ ولم يكن أمامنا أفضل من ذكرى الزعيم حشاد الذي أعتبره أحد صناع ثورة 14 جانفي ... *هل سيعرض الفيلم داخل الجمهورية؟ أنا أخجل من نفسي حين يسألني شاب تونسي من خارج العاصمة لماذا لا تصل أفلامنا إلى داخل البلاد، ولكن تغيير هذا الواقع يحتاج إلى تضافر جهود عدة أطراف وأملنا أن نجد المساندة من وزارة الثقافة والمندوبيات الجهوية للثقافة ليتسنى لنا توزيع الفيلم في كل مكان توجد فيه دار ثقافة في غياب قاعات السينما حتى في المدن الكبرى، فمن حق التونسيين جميعا أن يشاهدوا صورة أصيلة تعبر عنهم والنخيل الجريح هو فيلم عن تونس وللتونسيين أساسا ... ٭ بعد أكثر من ثلاثين عاما على"سجنان" تعود إلى تقليب دفاتر الماضي وتحريك السكين في الجرح ، ماالجدوى من هذه العودة ومع من تصفي حساباتك ؟ - لا، ممارسة الفن لا صلة لها بمنطق تصفية الحسابات مع أي كان ، ولكني أستعيد ما قاله الرواد حول الفن ، فالفن جمال ولكن ينبغي أن يكون مفيدا ، وأرى دوري كسينمائي في البحث عن هذه الفائدة بعيدا عن الملابسات الإيديولوجية لنظرية "الفن للحياة" ... إن الإنسان العربي يعيش اليوم غربة في حاضره وحيرة حول مستقبله، ولذلك رأيت من واجبي أن أطرح موضوع الذاكرة حتى نتجاوز هذا الإغتراب المزمن . ٭ في تقديمك للفيلم قلت إن جمهور الشباب هو الذي يهمك في المقام الأول ، ويرى غيرك أن الشباب لا يحتاج سوى لسينما خفيفة ترفيهية ولاينتظر فتح دفاتر الماضي ؟ أنا لا أتهم الفرد ولكني أدين المنظومات والأنساق الاجتماعية والإقتصادية والثقافية، فالإنسان رهين عاداته في التقبل والإستهلاك، وعلينا أن نعترف بأن السينما في العالم في حالة تراجع إذ إبتعدت عن إهتمامات المشاهد بماهو مواطن ...نعم ، جيل الشباب في حاجة إلى الترفيه، ولكن أين دور المبدع إن لم يكن إستشرافيا يدق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان ؟ هل علينا أن ننخرط جميعا في موجة الترفيه والتسطيح ؟ أنا لايمكنني أن أدير ظهري لقضايا تهم بلدي بدعوى أن نمط الإستهلاك الطاغي اليوم سطحي وسريع لبضاعة قادمة من الغرب ... ٭ الفيلم إنتاج مشترك تونسي جزائري ، فهل وجود الجزائر في الفيلم مسألة إنتاجية محضة أو أن موضوع الشريط إقتضى هذه الشراكة ؟ - في إعتقادي، لايمكن الفصل بين الجانبين الفني والإنتاجي ، فقد تأكد للسينمائيين المغاربيين أن الإنتاج المشترك هو الحل الوحيد الذي يحفظ للسينمائي كرامته ويمنحه الحرية لطرح أي موضوع مهما كانت حساسيته . إن الإنتاج المشترك هو الذي يحرر السينمائي من حيرته لمن يوجه فيلمه ؟ هل لجمهور هو واحد منه يعيش قضاياه ؟ أو لجمهور في الضفة الأخرى يحمل في مجمله فكرة نمطية عنا وينتظر أن نقدم له تلك الصورة؟ ٭ أنتجت "عزيزة" قبل ثلاثين عاما بالشراكة مع الجزائر ولم تتواصل التجربة ، ما الذي يجعل من الإنتاج المغاربي المشترك إستراتيجية لا مغامرة فردية ؟ - نحن كسينمائيين نضع لبنة ضمن إستراتيجية نحلم ونطالب المؤسسات الثقافية في دول المغرب العربي بتبنيها وتفعيلها . ٭ هل سيعرض"النخيل الجريح" في القاعات الجزائرية ؟ - نعم ، ف"النخيل الجريح" فيلم تونسي جزائري ويهمني أن يشاهده الجمهور لأن الفيلم "متاعهم هوما قبل الناس الكل" ٭ صرحت سابقا بأن النقاد كما الجمهور قد ظلموا فيلم "سجنان" حين عرض منتصف السبعينات وأن الإعتراف بأهمية الفيلم جاء متأخرا جدا ، هل تخشى أن يتكرر ذات السيناريو مع "النخيل الجريح"؟ - لا، بصراحة أنا متفائل لأن" النخيل الجريح" يستجيب في نظري لحاجة الجمهور، ربما سبق " سجنان" عصره والشيء نفسه بالنسبة إلى "عزيزة"...لم يكن العيب في الجمهور ... ٭ هل تصنف مشاركة النوري بوزيد ونجا المهداوي وحمادي بن سعد والصغير أولاد احمد وخالد الطبربي والأسعد بن عبد الله ضمن باب التكريم ؟ - مشاركة هؤلاء الأصدقاء من مختلف الفنون تتجاوز التكريم ، بالعكس هم أصحاب الفضل إذ قبلوا دعوتي لهم ، أما سر اختياري لهم فهو متعة الإبداع التي في غيابها لن يجد المشاهد في الفيلم متعة الفرجة ... ٭ أليس غريبا أن يفكر عبد اللطيف بن عمار في النوري بوزيد وأنتما على طرفي نقيض من الناحية الإيديولوجية ؟ - "ما نظنش النوري بعيد علي برشة ..." النوري بوزيد أحيانا على يميني وأحيانا على يساري ... وإعتقادي أنه حان الوقت لنتحدث عن سينما تونسية وعن تيارات داخل هذه السينما بعيدا عن منطق الفرادة والوحدة والانعزال ...فلا وجود لحركة ثقافية دون تيارات متنوعة ، وأعتبر النوري بوزيد من السينمائيين الذين سيتركون بصماتهم في السينما العربية بقطع النظر عن أفكاره ... ٭ هل واجهتك صعوبات في الحصول على صور لأرشيف حرب بنزرت؟ - مع الأسف جزء كبير –ولعله الأكبر – من أرشيفنا السمعي البصري موجود في فرنسا ، وعلى الرغم من تدخل وزير الثقافة والمحافظة على التراث السابق الأستاذ عبد الرؤوف الباسطي، فإني واجهت صعوبات جمة لنيل القليل مما طلبت ومما هو موجود في أرشيفهم عن تاريخنا ... ٭ لماذا في رأيك ؟ - لأن الصورة لا تكذب، وفي غيابها تتعدد الحقيقة بين الرواة...