في تطور مفاجئ للقضية التي أثيرت ضد صحيفتنا «التونسية» بتعلة نشرها لصورة جمعت بين اللاعب التونسي- الألماني سامي خذيرة وصديقته عارضة الأزياء الألمانية، تمّ إيداع الزميل نصر الدين بن سعيدة المدير المؤسس للجريدة السجن بعد أن وقع إطلاق سراح الزميلين الحبيب القيزاني رئيس التحرير الأول ومحمد الهادي الحيدري صاحب المقال المنشور. ودون الدخول في تفاصيل الحادثة وتبعاتها وخلفياتها فقد لفت أنظار المتابعين لمجرى التحقيقات من محامين وحقوقيين وإعلاميين وناشطين من المجتمع المدني.. الموقف المشرف الذي اتخذه الزميل نصر الدين بن سعيدة خلال التحقيق معه. فقد أظهر من رباطة الجأش والصدق ما جعله يعترف بمسؤوليته كاملة في نشر الصورة ولم يتهرب من مسؤوليته كما عودنا على ذلك بعض مديري الصحف في السنوات التي خلت عندما يلقون بالمسؤولية على الصحفي ويتركونه يواجه مصيره وحده أمام وزارة الداخلية أو القضاء.. هذا الموقف ينم عن نظافة فكرية واضحة ومستوى أخلاقي لم نعهده من قبل. لقد عرفت الصحافة في بلادنا من الممارسات المشابهة الكثير ولكن قلما سجلنا موقفا شبيها لما أتاه زميلنا الموقوف.. إذ تعوّدنا على امتداد سنوات التكميم والتعتيم أن يعمد المديرون والمسؤولون الأُوَل في المؤسسات الصحفية إلى التنصل من مسؤولياتهم وتحميل ما يحدث للصحافيين والمعاونين الذين يعملون معهم. وهذا يحسب لمدير «التونسية» الذي لم يحاول التفصي من المسؤولية أو إلقاءها على مساعديه، ويعتبر درسا بليغا لضعفاء العزم ومرضى الضمائر.. «الداخلين في الربح والخارجين من الخسارة».. لقد أظهر زميلنا نصر الدين أنه من معدن نادر.. والرجال معادن تفرزها الشدائد والمحن..