ألقى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي صباح أمس خطابا دعا من خلاله الشاب الذي أنزل العلم الوطني بكلية منوبة إلى تسليم نفسه وتقديم اعتذاره بعظم لسانه أمام قضاء مستقل ينظر في قضيته في إطار محاكمة عادلة ونزيهة ويحكم بما يمليه القانون وحسب تقدير ضمير القاضي لصدق الاعتذار. كما دعا كبار المسؤولين للحركة العقائدية التي ينتمي لها هذا الشاب إلى إدانة العملية ، وعدم تبريرها أو التنقيص من خطورتها أو التهرب من مسؤوليتها وتداعياتها. وأشار إلى أنّه لن يسمح لأحد بتنصيب نفسه الناطق الرسمي والوحيد باسم الوطن أو الدين العظيم فكلاهما يجمع شمل البلاد ويوحد الجميع وافاد أنّه لن يسمح لأحد بفرض آرائه وخياراته بالعنف ولا لأي طرف بتحقير أو تكفير اي طرف آخر ولا بأي اعتداء على أي مواطن تونسي على خلفية خياراته العقائدية مهما كانت متباعدة عن خيارات الشعب، كما لن يسمح لأحد باحتكار الراية ورفعها في وجه أبناء هذا الوطن . كما اكّد انّه لن يسمح بتكرار أي محاولة لتعطيل الجامعة وإرهاب اساتذتها وطلابها أو مؤسسات البلاد الأخرى وأنّ مثل هذه العمليات ستواجه في إطار القانون لكن بمنتهى الصرامة وأضاف: «لن يحدّد المتطرفون مستقبلنا سواء جاؤوا من هذا الجانب أو ذاك". ودعا المرزوقي كل التونسيين إلى رفض وإدانة العنف المادي والمعنوي أيا كان مصدره وإلى رفض الاستقطاب الايديولوجي الذي يجعل من التونسيين أعداء لبعضهم البعض، وإلى قبول تعدّديتهم، وتصريفها بصفة سلمية عبر الحوار فالحوار ثم الحوار، ودعا إلى تطليق الاتكالية والمطلبية التعجيزية وإلى استغلال كل قوى الخلق والابداع الموجودة في أعماقهم، وإلى الكدّ والجدّ، قائلا «الأمم العظمى لا تبنى إلاّ بالعمل". وأوضح رئيس الجمهورية أنّه لا علَم في تونس يُرفع فوق أو بدل هذا العلَم الذي هو عنوان تواصل الدولة منذ القرن التاسع عشر ورمز الوطن. وأفاد أنّ الثورة أعادت له كل ألقه وجعلت الجميع يلتفون حوله ليصبح من جديد مصدر الفخر والاعتزاز بعد أن جاء اليأس منه عندما جعل رمزا للشعب الدستورية وبعد أن فكرالبعض يوما في استبداله وهو في قمة الاحباط . كما هنّأ المرزوقي الطالبة خولة الرشيدي التي قام بتوسيمها على ما أظهرته من شجاعة وغيرة على علم البلاد وتوجّه من خلالها إلى شباب تونس برسالة قائلا: "إنه قام بالثورة ولم يجن حقا لحدّ الآن ثمارها . لكن الأمر ليس نتيجة خيانة لأهداف الثورة أو تقصير في خدمتها وإنما لأن قطف الثمار لا يكون إلا بعد غرس الشجرة وسقيها وتعهّدها بالعمل الدؤوب وهذا يتطلب وقتا، خاصة قياسا بحجم الخراب الذي تركه الاستبداد، ليس فقط خراب المؤسسات وإنما خراب العقليات وهو الأخطر والأصعب علاجا". وأضاف المرزوقي أن حكومته الشرعية تعمل ليلا نهارا للقضاء على تركة عقود الاستبداد. من جهة أخرى ذكرت بعض المصادر أنّه تمّ يوم الجمعة الماضي استدعاء الطالبة أمل عطية من طرف الرئاسة لحضور حفل التكريم الذي نظّم امس وذلك بالاتصال بها مباشرة من طرف مستشار المرزوقي لردّ الاعتبار لها بعد الاعتداء الذي تعرّضت له في أحداث منوبة لكنّها منعت من الدخول من قبل حراس القصر الذين أبلغوها أن اسمها لا يوجد في قائمة المدعوين.