اعتبر السيد نور الدين البحيري وزير العدل أن كل من يعتقد أن الحكومة الحالية ستتخلى عن مبادئ الثورة «واهم»، ورفض شكل الانتقادات الموجهة لأدائها، لأنها تميّزت بنوع من «السخط غير المبرر". وقال البحيري ل «يونايتد براس انترناشيونال» أمس الخميس «يخطىء من يظن أن هذه الحكومة يمكن أن تتخلى أو تنقلب على مبادئ الثورة وقيمها،وتتحول إلى حكومة أخرى معادية للثورة»مشدداً على أن الحكومة الحالية «هي حكومة ثورة،وستبقى حكومة ثورة". ورأى أن أي حكومة في العالم يمكن أن تتعرض للانتقادات، وقد تجد هذه الحكومة أو تلك من يقف معها،ولكن في الوقت نفسه تجد من يقف ضدها. وأعرب عن أسفه الشديد لأن البعض في تونس «تجاوز حدود الخلاف الطبيعي والبناء إلى درجة السخط والعداوة والنقمة» على الحكومة الحالية. وقال البحيري ردا على سؤال حول تصريحات بعض رموز المعارضة أشاروا فيها إلى أن الحكومة التونسية في «مأزق»،وبدأت «تغرق» قائلا: «بداية لا أتمنى لأي حكومة تونسية سواء أكانت الحالية أو غيرها، الفشل أو الغرق ،ذلك أن غرق هذه الحكومة أو تلك هو غرق لتونس لا قدّر الله،ولكل التونسيين". وأعرب عن اعتقاده أنه «لا يمكن لأي تونسي مهما كانت درجة اختلافه مع الذين يتحملون المسؤوليات الحكومية أن يتمنى أن تغرق البلاد، من دون أن يعني ذلك أنه لا يحق للتونسي انتقاد أداء الحكومة،والتنبيه إلى بعض النقائص وبعض مواطن الخلل". وأضاف وزير العدل أنه لا يمكن أيضا بأي شكل من الأشكال «تبشير الشعب التونسي الثائر على نظام مستبد بأن بلاده ستغرق مع ما في ذلك من دفع للناس إلى الإحباط واليأس". واعتبر البحيري أن هناك من لا يرى في عمل هذه الحكومة إلا «النقائص والسلبيات» مشدداً على ضرورة الحكم على أدائها من خلال «ما تنجزه ومن حقيقة أفعالها التي تدل على خلاف ما ذهب إليه مسؤولو المعارضة". وأشار إلى أن الحكومة تحملت «أمانة الحكم والبلاد تعاني من تركة ثقيلة، ومن مشاكل كثيرة ومتنوعة شملت مختلف المجالات جراء الاعتصامات والإضرابات العشوائية عن العمل، وتزايد الاحتجاجات المطلبية ممّا عطل النشاط الاقتصادي ..." ورأى أن الطاقم الحكومي الحالي «تحمل رغم كل ذلك المسؤولية، ولم يتهرب مثلما فعل البعض،وأن هذه الحكومة استطاعت خلال فترة قصيرة مواجهة التحديات المطروحة أمامها،لأنها اختارت الحكم الجماعي التشاركي للتعبير عن رسالة واضحة للشعب وللعالم أجمع مفادها أن ثورة تونس هي ثورة وطنية جماعية". واعترف في الوقت نفسه بأن «الانجازات» التي حققتها حكومته تسير بنسق بطيء،وقال «ربما يكون الإنجاز في مرحلة أولى بشكل بطيء، لأننا في حاجة أولا لضبط الأمور،ومع ذلك فإن الثابت أن المؤشر العام في البلاد لا ينخفض،وأن سفينة تونس تتجه نحو برّ الأمان". وردا على سؤال حول مغزى تعالي الأصوات المطالبة بحكومة وحدة وطنية حقيقية لمواجهة التحديات الماثلة، رأى البحيري أن مثل هذه الدعوات تحكمها اعتبارات سياسية لها صلة بنجاح الحكومة الحالية في تحريك عجلة التغيير في البلاد. وقال إن هؤلاء الذين يدعون إلى توسيع الحكومة والمشاركة في تشكيلتها «هم الذين رفضوا في السابق الدخول فيها بحجة رفض التحالف مع حركة «النهضة»، رغم إدراكهم حجم الخراب الذي تعيشه البلاد". ولم يتردد في اتهامهم برفض «المخاطرة والمغامرة،والتستر وراء حجة أن الحكومة الحالية هي حكومة حركة «النهضة»، ولكنهم عندما رأوا أن عجلة التغيير تحركت ،أصبحوا يطالبون بحكومة وحدة وطنية". وشدد على أن الحكومة هي «حكومة وحدة وطنية بالفعل، باعتبار أن الوزراء لا ينتمون إلى الائتلاف الثلاثي الحاكم فقط، بل أن بعضهم من المستقلين من الكفاءات الوطنية ،منهم منجي زروق وزير تكنولوجيات المعلومات والاتصالات". غير أنه قال إن «المشاركة في إعادة بناء تونس مفتوحة أمام الجميع سواء أكان من داخل الحكومة أو من داخل المجلس الوطني التأسيسي أو من خارج الوطن، ذلك أن تونس للجميع وليست ملكا لحركة «النهضة»،باعتبار أن الاختلاف والتنافس لا يفسدان للود قضية". وأعرب البحيري عن أمله في أن «يكون السلوك السياسي للذين أنستهم غمرة التنافس السياسي بعض المسائل المبدئية ،بعيدا عن الانفعال الذي يجعلهم في خانة المعارض المشاكس". وقال البحيري إن مثل هذا الانتقاد يتضمن «جهلا للحقائق، وخطورة كبيرة،ذلك أن الذين يلومون التزام الحكومة بالدفاع عن الثورة والتذكير بقيمها ومبادئها ،يجهلون أن الثورة هي التي أنتجت الحكومة". وقال إن «الحكومة الحالية تعمل بواعز ثوري لمعالجة الخراب الذي تركه بن علي وجماعته،ولإحداث نقلة نوعية وجوهرية في حياة الشعب والدولة التونسية، ذلك أنه من دون الواعز الثوري لا يمكن اختزال الزمن لتحقيق الإنجازات".