تبقى الحياة الطلابيّة مشوار حياة تطيب ذكراه حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات رغم حلوها ومرّها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. ضيفنا اليوم هو السيد الطاهر هميلة عضو المجلس الوطني التأسيسي متزوج وأب لخمسة أولاد وبنت. عن حياته الجامعية تحدث فقال: "درست اختصاص علوم التربية بمدرسة ترشيح المعلّمين وذلك من سنة 1956 الى 1958 أي في سنوات الاستقلال الأولى. وتلقينا تعليمات من الحزب الدستوري آنذاك بالالتحاق إما بالمؤسسة العسكرية أو بمدرسة ترشيح المعلمين. وأمام رفض والدتي للفرضية الأولى نظرا لعدم الاستقرار في المناطق المجاورة ولخوفها الشديد عليّ قررت الدخول الى مدرسة ترشيح المعلمين وكنت من الطلبة النجباء حيث كنت الأول في التحرير والأدب والثاني في الرياضيات والعلوم والفيزياء وكان أستاذ الفلسفة «محجوب بن ميلاد» معجبا بي أشد اعجاب. وكان نظام الدراسة صارما جدّا وبرنامج الدراسة ثريا الى أبعد حدّ فقد درست التاريخ والجغرافيا والأدب العربي والغربي والتفكير الإسلامي والموسيقى والرياضة والخط ولم أترك مجالا إلا وتعمقت في دراسته. ولما أحسست بميلي الى المعارضة اطلعت على مذكرات بعض الرؤساء وأتيت على علوم الاجتماع والعلوم العسكرية واللوجستية وكوّنت نفسي بنفسي فأنا لست مثقفا تقليديا وإنما مثقفا عصاميّا". وعن المنحة الجامعية قال محدثنا: «كنت طالبا ممنوحا كبقية الطلبة الدارسين بمدرسة ترشيح المعلمين ولم أجد صعوبة مادية نظرا لانتمائي لوسط عائلي مترفه. فوالدي كان مهندسا معماريا وكان يزودّني بالمال اللازم لمجابهة مصاريف الدراسة. كما أقمت بمبيت المدرسة حيث كان لزاما على كل طالب يدرس بمدرسة ترشيح المعلمين أن يقيم بالمبيت حتى ولو كان قاطنا بتونس العاصمة. وقد تربيت في المبيت تربية خاصة وتعلمت كيف آكل بالشوكة والسكين وتلقنت فنون الضيافة وكان مدير المبيت حريصا على أن يظهر الطلبة في أحسن مظهر، فكان يمنعنا من الخروج من الغرفة إذا لم تكن أحذيتنا ملمّعة ولباسنا مكويّا وذقوننا محلوقة. لقد كان النظام بمدرسة ترشيح المعلمين نظاما شبه عسكري يجب الالتزام فيه بكل الضوابط". وعن العلاقة بين الطالبات والطلبة قال السيد الطاهر هميلة: «كنا في نهاية كل أسبوع نلتقي الطالبات الدارسات بمدرسة ترشيح المعلمين بمونفلوري وكنا نحضر الأنشطة الثقافية ونتابع العروض المسرحية والسينمائية معا.. وكانت علاقاتنا متميزة كلّلت في أغلبها بالزواج".