ايداع 9 من عناصرها السجن.. تفكيك شبكة معقدة وخطيرة مختصة في تنظيم عمليات "الحرقة"    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المنصف المرزوقي" (رئيس الجمهورية) في حديث ل«قنا»:«تدخّل» قطر في شؤون تونس صنيع «أصوات ناعقة».. أتحدّى أية حكومة وأي شخص يأتي إلى السلطة الآن ويلبّي في 4 شهور مطالب الشعب في التشغيل
نشر في التونسية يوم 21 - 04 - 2012


المعارضة أخطأت المرمى... ومتمسك بتحالف «الترويكا»
قمة مغاربية بتونس في أكتوبر المقبل لصياغة فضاء «الحريات الخمس»
على الإعلام ألاّ يكون جزءا من المعركة السياسية
البيروقراطية و«قنابل النظام السابق» وراء بطء معالجة الملفات
استقرار ليبيا قضية مركزية لتونس
هذا أقل الحلول سوءا لسوريا

في حوار خصّ به وكالة الأنباء القطرية «قنا» أكد رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي أن زيارته للدوحة التي بدأت أمس للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ستكون أيضا فرصة للاجتماع بالمسؤولين القطريين والبحث في سبيل تنفيذ المشاريع المتفق عليها إلى جانب دراسة مشاريع الاستثمارات القطرية الجديدة بتونس.
ونفى رئيس الجمهورية أن تكون لقطر رغبة في المسّ بسيادة تونس واصفا الذين يتحدّثون عن تدخّل المنامة في شؤون تونس الداخلية بأنهم «أصوات ناعقة».
«التونسية» تنشر ملخصا للحوار كما نشرته وكالة الأنباء القطرية (قنا):

أكد الدكتور محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية التونسية حرص بلاده على تمتين التعاون بين تونس ودولة قطر في كافة المجالات لاسيما في ظل العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين.
وقال الرئيس التونسي في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية «قنا» أجرته معه في تونس أن زيارته إلى الدوحة للمشاركة في مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية ستكون فرصة أيضاً للاجتماع مع المسؤولين القطريين والبحث في سبل تنفيذ المشاريع المتفق عليها وكذلك مناقشة مشاريع الاستثمارات الجديدة.
وأضاف الرئيس المرزوقي أن وفداً هاماً يضم وزير التجارة وكاتب الدولة للتعاون الدولي سيرافقه في زيارته للدوحة وسيكون هناك عدد من الملفات التي سيتم بحثها مع المسؤولين القطريين أهمها مناقشة سبل المضي قدماً في المشاريع الموجودة بين البلدين الآن والدفع بها الى الامام بأسرع وقت حتى تتحقق على أرض الواقع.
وبيّن أن هناك الكثير من المشاريع والأفكار المطروحة بين البلدين تتعلق بالاستثمارات والمشاريع في مجال السياحة والإعمار والطاقة والمحروقات.
وقال «إن نية التعاون الصادقة موجودة لدى الطرفين ولدينا ثقة بأن قطر ستكون لها مصلحة في الاستثمار في تونس التي تتميز بأنها بيئة جاذبة للاستثمارات ولديها موانئ مفتوحة على أكثر من بلد».
ووصف الدكتور المرزوقي العلاقة الأخوية التي تجمع تونس ودولة قطر بالمتميزة وأن هناك مودة وامتناناً كبيراً للدوحة، واعتبر الدوحة محور الثقل في علاقات تونس مع بلدان المشرق العربي، وقال «قطر بلد عزيز علينا ولا ننسى أنه استقبل أبناءنا لما كانوا في المنفى واستقبل اليد العاملة التونسية بكل كرامة، كما انه البلد الذي سمح للكلمة العربية أن تنطلق».
وأشار الرئيس التونسي الى أن أمير قطر أكد له أنهم ينظرون في الدوحة بعين الرضا إلى الثورة التونسية ويريدون لها النجاح وأن دولة قطر مستعدة لدعم تونس اقتصادياً.
لا رغبة لقطر في المس بسيادة تونس
ووصف المرزوقي بعض الذين يتحدثون عن تدخل دولة قطر في شؤون تونس الداخلية بأنهم «أصوات ناعقة وكلامهم فارغ لأن تونس بلد مستقل والثورة فيه مستقلة ونحن حريصون جداً على استقلالنا التام واستقلال القرار التونسي».
وأوضح بالقول «لم نشعر في أي لحظة أن الإخوة في قطر لديهم رغبة المس بسيادة تونس بل على العكس فهم يقدمون لنا الدعم حتى دون أي مقابل».
وشدد على أن «الاصوات الناعقة» لا تمثل الشعب التونسي وهي أصوات مشينة والحقيقة أن الشعب التونسي يحمل كل المحبة والامتنان إلى الإخوة القطريين.
العرب وخيار الاتحاد
وفيما يتعلق بعلاقات تونس الخارجية خاصة مع محيطها العربي أوضح الدكتور المنصف المرزوقي أن الثورة التونسية ستعيد صياغة توجهات تونس الخارجية واهتمامها اكثر بنطاقها العربي والمغاربي بهدف تحقيق حلم كبير وهو اتحاد الشعوب العربية.
وأكد أن خيار العالم العربي حالياً هو الاتحاد الذي يجب أن يتم في غضون ثلاثين سنة وإلا فإن الأمة العربية ستختفي.
وأفاد بأن تونس تنتمي بحكم الجغرافيا والتاريخ إلى ثلاثة فضاءات هي أوروبا وإفريقيا والعالم العربي ولا بدّ أن تلعب هذه الفضاءات الثلاثة دورها في علاقة تونس مع الخارج على كل المستويات.
وقال «إن النظام القديم في تونس كان لا يهتم كثيرا بالبعد الافريقي لتونس وكذلك بالبعد العربي حيث كان تركيزه فقط على البعد الاورومتوسطي، ولكن حاليا سنعمل على مواصلة تمتين علاقات تونس مع اوروبا باعتبارها اول شريك اقتصادي وتحتضن 600 الف مواطن تونسي مع الانفتاح بصورة اكبر على البعد العربي والافريقي».
وأضاف أن الثورة التونسية قررت أن تنفتح على فضائها الإفريقي وخاصة على فضائها العربي عبر مستويين أولا المستوى المغاربي الذي يعد ضرورة حياتية لأن تقدم تونس مرتبط بعلاقتها مع الجزائر وليبيا حيث أن المناطق الفقيرة الموجودة في تونس تقع على الحدود الغربية والحدود الجنوبية.
قمّة مغاربية مرتقبة
وأعلن في هذا الصدد عن عقد قمة مغاربية في تونس خلال شهر أكتوبر المقبل هدفها صياغة «فضاء مغاربي» يسمى بفضاء الحريات الخمس وهي (حرية العمل، وحرية التنقل، وحرية الاستقرار، وحرية الاستثمار، وحرية المشاركة في الانتخابات البلدية).
وأكد الرئيس المرزوقي أن الاتحاد المغاربي يشكل ضرورة قصوى منعت تشكله الدكتاتوريات السابقة «التي اعتبرت أن بلدانهم إقطاعية مما منع التواصل الطبيعي بين بلدان المغرب العربي».
ولكنه أشار إلى أنه مع الثورة في تونس وليبيا ودخول الجزائر والمغرب وموريتانيا في إصلاحات جذرية ومكثفة لم يعد ممكناً اغلاق الفضاء المغاربي بحدود خاصة أن الشعوب المغاربية أصبح لها رأي مسموع ووزن وهي تريد الاتحاد المغاربي لضرورات اقتصادية واجتماعية.
وبيّن الدكتور المرزوقي أن زياراته السابقة إلى كل من ليبيا والمغرب وموريتانيا والجزائر أوضحت الوعي التام بضرورة إحياء «المغرب العربي» الذي سيتم تأسيسه على أسس صلبة ويكون حقيقة واقعة وليس مجرد اتحاد شكلي كما كان في السابق.
وقال المرزوقي «إن مشروعنا في تونس هو إيجاد برلمان مغاربي منتخب من طرف الشعب في ظرف خمس سنوات، وستكون هناك جامعة مغاربية وربما جواز سفر مغاربي وأن كل ما يمكن ان يجعل من الاتحاد المغاربي فضاء مفتوحا للشعوب من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وربطه بشبكة سكك حديدية وشبكة طرقات وربطه بشبكة كهرباء هي مشاريع قابلة للتحقيق».
وحول توجه تونس نحو بلدان المشرق العربي والخليج أكد الرئيس التونسي في حديثه ل«قنا» أن هناك رغبة حقيقية للانفتاح نحو هذه البلدان العربية خاصة أن تونس تعتبر همزة الوصل بين شرق وغرب العالم العربي ولذلك فهناك استراتيجية في فتح المجالات مع الاخوة في الدول العربية والخليجية.
ورأى «أنه في غضون عشرين إلى ثلاثين سنة قادمة سيكون هناك اتحاد الشعوب العربية المستقلة وأن نخرج من الفكرة القديمة وهي الوحدة الاندماجية الزعامتية التي كانت تتميز بالدكتاتورية المنتهية حاليا بحيث يتم إعادة صياغة الحلم العربي بتصور جديد هو اتحادي وليس وحدوي واستقلال الشعوب، وتعددية وليست أحادية، وهو نفس النموذج الموجود في البرلمان الأوروبي».
وقال «تصوري وإن كان يعتبر حلماً أنه بالإمكان أن نؤسس في ظرف عشر سنوات اتحاداً مغاربياً، واتحاداً خليجياً، واتحاداً يجمع مصر وسورياً والبلدان المجاورة وكل ذلك نواة لتكوين اتحاد الشعوب العربية في غضون 30 عاماً».
حكومة مؤتمنة على الثورة
وفي ما يتعلق بالشأن التونسي وأداء الحكومة الحالية والمعارضة الكبيرة التي تجدها من قبل بعض الأحزاب، أوضح الرئيس محمد المنصف المرزوقي في حواره مع وكالة الأنباء القطرية «قنا» أن فترة أربعة اشهر منذ تشكيل الحكومة واستلام السلطة لا تكفي حتى لتقييم الأضرار التي عانت منها تونس نتيجة الدكتاتورية على مدى 50 عاماً.
وأكد أن مُطالبة الحكومة الحالية بأن تنجز الكثير في ظرف هذه الأشهر القليلة وأن تلبي تطلعات الناس في التشغيل تدلّ إما «على قدر كبير من الجهل أو على قدر كبير من سوء النية».
وقال «أتحدّى أي حكومة أو أي شخص يأتي الآن للسلطة ويلبي في ظرف أربعة شهور مطالب الشعب التونسي في العمل والتشغيل».
وأشار إلى أن من انجازات الحكومة الحالية أنها مازالت مؤتمنة على مسار الثورة وأهدافها وأن العملية السياسية في البلاد تعتبر في حد ذاتها عملية ناجحة جداً لأنها أعطت لتونس حكومة توافقية بين أطراف من العلمانيين المعتدلين والإسلاميين المعتدلين وهذا في حد ذاته أمر كبير.
كما أوضح أن العمل على الدستور الجديد والقوانين الجديدة جار إلى جانب بدء العمل على تشخيص المشاكل الموجودة في كل مكان وهو أمر يحتاج الى وقت، خاصة أن النظام السابق ومن تبعه تركوا كماً هائلاً من المشاكل والصعوبات.
وأكد أن الحكومة الحالية قامت بعمل جبار أيضاً على الصعيد الخارجي بهدف جذب المستثمرين الأجانب وطمأنتهم ويتم حالياً دراسة المشاريع التي ستنفذ حالما يتم التصديق على قانون المالية الجديد في المجلس الوطني التأسيسي.
واعتبر المرزوقي «أن بعض أطراف المعارضة الحالية في تونس غلّبت المصالح والحسابات السياسية على مصلحة البلاد ورأيناها تحاسب الحكومة منذ اليوم الاول الذي استلمت فيه السلطة وهو امر غير معقول وغير مقبول».
وقال «كان من المفترض على المعارضة أن تحاسب الحكومة بعد سنة او سنتين لأن الحد الادنى من المسؤولية هو إتاحة بعض الوقت لكي نعمل». وطالب المعارضة في تونس بأن تكون نزيهة وأن تضع نفسها مكان الحكومة الحالية وحينها ستكتشف عدم استطاعتها العمل اكثر مما تقوم به الحكومة الموجودة.
وأوضح أن تونس تمر ب«عاصفة» حالياً وهي بصدد تصفية تركة ثقيلة دامت لأكثر من 50 سنة مع وضع اقتصادي صعب وظروف مضطربة في العالم أجمع وهو ما يتطلب تعاون كل الاطراف حتى نمر من هذه العاصفة بسلام.
وبخصوص وجود مؤامرة لإسقاط أو عرقلة عمل الحكومة الحالية، أكد الرئيس محمد المنصف المرزوقي أنه لا يؤمن بهذه النظرية، وبيّن أن هناك صعوبات حقيقية تعاني منها تونس حالياً ومنها البطالة وتململ المواطنين من الانتظار رغم عودة دوران العجلة الاقتصادية وكذلك عودة السياح والاستثمارات إلا أن ذلك كله يسير ببطء لا سيّما أن الشعب الذي قام بالثورة كان لديه أمل كبير في تغير واقعه بين عشية وضحاها إلا أن ذلك لم يحصل لأنه غير ممكن بسبب صعوبات حقيقية.
وأضاف المرزوقي «انه في نظام ديمقراطي من الطبيعي أن تلعب المعارضة دور المعارضة وان ما تقوم به الاحزاب المعارضة حالياً هو شيء طبيعي إلى حد ما لأننا نسير الى الانتخابات بعد عام تقريباً وكل الاطراف تعلم ان الوضع الموضوعي صعب للجميع لذلك كان من المفترض ان تركز المعارضة على توحيد صفوفها وأن تعد برامجها و تترك الحكومة تعمل وتتفاعل معها لمصلحة الوطن ثم تنتظر هذه الانتخابات بعد سنة لتقدم مشروعها بعد أن قامت بتسهيل عمل الحكومة ودعمها».
وأكد أن هذا كله لم يحصل ولم تقم به المعارضة بل على العكس فهي انقضت على الحكومة ك«الطائر الكاسر» وبدأت، منذ اللحظة الاولى، في وضع العراقيل والمطالبات المشطة والمظاهرات وبدأ الحديث عن اسقاط الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي من خارج الشرعية.
المعارضة أخطأت المرمى
ورأى الرئيس المزروقي أن المعارضة أخطأت المرمى وكان من المفترض أن تكون أكثر تعقلاً وأكثر فهما للوضع حتى تقيم الحجة على الحكومة بأنها أمهلتها الوقت الكافي للعمل ولم تضع العراقيل أمامها وتفهمت الوضع الصعب الذي تمر به البلاد.
وشدد على «أن الحجة الآن مقامة على المعارضة لأننا نستطيع أن نقول للشعب أن أطراف المعارضة وضعت العراقيل منذ اليوم الاول أمام الحكومة المنتخبة ثم وصلت إلى حدّ الدعوة الى اسقاط الحكومة من الشارع وهذا غير مقبول».
وأوضح المرزوقي أنه يجتمع شهريا بزعماء المعارضة ويؤكد لهم أن مصلحة تونس قبل مصلحة كل الأحزاب وأن عليهم الصبر على هذه الحكومة وأن يغتنموا الفرصة لتنمية برامجهم وهياكلهم وأنه من غير الممكن مطالبة الحكومة بحل كافة المشاكل في غضون أقل من أربعة أشهر لأنه أمر تعجيزي، متمنياً أن يتغلب صوت الحكمة في الأخير على كل اعتبار.
وأكد أن الشعب التونسي لن يغفر للمعارضة عرقلتها للحكومة وفهمها الخاطئ بأن دورها يكمن في إعاقة العمل، وقال «شتان بين المعارضة والعرقلة، وأن تكون معارضاً فنعم ولكن أن تكون معرقلاً فلا، وهذا شيء مختلف تماماً».
وتابع بالقول «إذا فهمت المعارضة أن مهمتها هي ليست بناء ذاتها وهياكلها وانتظار الانتخابات المقبلة وإنما مهمتها عرقلة الحكومة وإفشالها فهذه تعتبر عملية اعاقة لعمل الحكومة وهذا ضد مصلحة الشعب التونسي».
ودعا المرزوقي أطراف المعارضة بأن يستعدوا للانتخابات المقبلة وان يراقبوا عمل الحكومة ويأتوا بالبدائل وأن يمنحوا الحكومة الحالية فرصة العمل بعيداً عن اعاقة عملها في تنفيذ برامجها التي انتخبها الشعب من أجلها.
كما دعا الاعلام التونسي إلى عدم الوقوف مع المعارضة وأن يكون محايداً في القضايا السياسية وليعمل على نقل الرأي والرأي الآخر للمواطنين وألاّ يكون جزءا من المعركة السياسية لأن محاولة إسقاط الحكومة بهذه الكيفية أو التآمر عليها لا تجوز.
ودافع الدكتور المنصف المرزوقي عن الحكومة الحالية، وقال «بصفتي رئيسا لتونس انا أؤيد هذه الحكومة وأتضامن معها وأدعمها بكل قوة فهي تعمل ليلا ًونهاراً». وأكد أن تونس لم تعرف من قبل حكومة تتمتع بهذه النزاهة وهي تضم أشخاصا يتميزون بالاخلاص والنزاهة والطيبة ويقومون بعمل كبير.
لكنه أشار إلى أن هناك صعوبات كثيرة تواجهها الحكومة ويكون أداؤهم أحيانا غير المنتظر على سبيل البطء إلا أن ذلك كله أمر طبيعي ولكن يجب اتخاذ اجراءات اكثر حزما ، وأكثر سرعة في بعض القضايا.
وشدد على أن الحكومة ستقوم بكل ما يلزم للنجاح في هذه الفترة الحالية التي تمر بها تونس رغم كل الصعوبات الموجودة.
كما أكد تمسكه بالتحالف القائم حاليا بين أحزاب «الترويكا» (النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل)، معلنا رغبته في أن يتجدد هذا التحالف «الترويكا» اذا ما فازت هذه الأحزاب في الانتخابات المقبلة «لأن تونس بحاجة إلى قوة وسطية حقيقية تمثلها الأحزاب الثلاثة حالياً» .
وطمأن المرزوقي الشعب التونسي بأن ما تعيشه البلاد حالياً هي حالة مخاض إيجابي وليس كلها سلبيات وأن هناك الكثير من المشاريع والاستثمارات سيتم تفعيلها في الاشهر القريبة القادمة من شأنها ان تغير وجه تونس لاسيما في الجهات المحرومة.
وحول اندماج عدد من الاحزاب التونسية الموجودة حالياً وتصوره للمشهد السياسي بعد الانتخابات المقبلة أوضح الرئيس المنصف المرزوقي أن تونس وكافة مؤسساتها وبعض الاحزاب كذلك تعيش حالياً في حالة مخاض ليولد شيء جديد.
وأشار إلى أن الحراك السياسي حالياً يدل على حيوية المجتمع واننا في حالة انتقالية ولم نصل بعد الى التوازنات الحقيقية وربما يتحقق ذلك بعد خمس سنوات، مبيناً أن لا احد يستطيع ان يتكهن بالمشهد السياسي العام بعد الانتخابات المقبلة.
وأكد أن الشيء الثابت حالياً أن تونس لديها شعب ذكي يراقب ويحكم وسيكون له القول الفصل في الانتخابات وبالتالي على جميع الاطراف ان تنتبه الى ذلك وتعلم أنها لا يمكن أن تستغفل الشعب.
التشدّد العلماني... والتشدّد الديني
وحول ظاهرة التشدد العلماني أو التشدد الديني في تونس أكد الرئيس المنصف المرزوقي أن بلاده لن تمنع أن يكون فيها اقصى اليسار وأقصى اليمين لأن ذلك من طبيعة كل المجتمعات، مبيناً أن المشكلة تكمن في «أننا لا نريد أن نعترف بهذه الحقيقة، ولا نريد أن نعترف بأن المجتمع تعددي بطبيعته».
ورأى أن الأغلبية الساحقة في تونس يجب أن تكون من الوسطيين أي شعب يؤمن بالحداثة وفي نفس الوقت يكون متجذراً في هويته العربية الاسلامية.
ولكنه أوضح أن هناك أطرافاً سمّاهم بالغرباء عن المكان يتصورون أن تونس هي جزء من أوروبا وهي ليست كذلك لأنه مهما كانت حداثتها فهي بلد عربي مسلم، كما أن هناك أطرافاً غرباء عن الزمان وهم الذين لا يفهمون اننا نعيش الان في القرن الحادي والعشرين في إشارة منه الى المتشددين دينياً.
وأكد انه كرئيس لتونس، ورغم آرائه الشخصية، يعتبر أن الجميع (أقصى يسار وأقصى يمين) تونسيون يتمتعون بكل الحقوق وعليهم كافة الواجبات وأن دوره في هذا الصدد يتلخص في محاولة إدماج أكبر عدد ممكن منهم في الوسطية والعمل على عدم استهدافهم وعدم تحقيرهم.
وفي ما يتعلق بما يسمى «السلفية الجهادية» اعتبر الرئيس المرزوقي أن من يمثل هؤلاء هم أيضاً جزء مكون من الشعب التونسي وهم ظاهرة طبيعية للتعددية الاجتماعية.
وقال إن الذي لا يقبل منهم بالديمقراطية والتعددية والتعايش السلمي ويريد أن يمارس العنف سيواجه بموقف صارم وواضح وهو أن تونس لن تسمح لهم بتهديد الديمقراطية التي ناضل الشعب من أجلها أكثر من خمسين عاماً.
وأفاد بأنه بحث في مثل هذا الموضوع مع مؤسستي الجيش والامن وأكد لهم على ضرورة التعامل مع هذه الفئة في حال إشهارها السلاح بصرامة ولكن في إطار القانون بعيداً عن التعذيب والمحاكمات الزائفة.
واعتبر الرئيس التونسي أن الامر في هذا الجانب لم يصل الى مرحلة الخطر لأن من يمثل هؤلاء (السلفية الجهادية) هم بضع آلاف قال انهم «يتحدثون كثيراً ويصرخون كثيراً ولكنهم في آخر المطاف لن يجدوا تجاوباً كبيراً من الشعب التونسي الذي يتميز بأنه شعب معتدل منذ قرون ولن تنجح في اثارته كل هذه القلاقل».
وبخصوص بطء معالجة الملفات وتحقيق الانجازات من قبل الحكومة الحالية، أشار الرئيس المنصف المرزوقي الى أن البيروقراطية مازالت تعرقل العمل وهو ما يعني أن النظام الاستبدادي السابق ترك لنا قنابل موقوتة في كل مكان.
وأكد أن الارادة السياسية موجودة لحل كل هذه الاشكاليات ولكن بين غياب الامكانات المادية وما بين عرقلة المعارضة وما بين النية في تحقيق عدالة انتقالية وليست عدالة انتقامية نتج نوع من البطء في العمل وهو ما نعاني منه حالياً.
وقال ان التأخر في الإصلاحات أسبابه كثيرة ولم تكن متوقعة من قبل على غرار معالجة ملف المحاسبات حيث هناك عشرة الاف ملف تتعلق بقضايا فساد ولم تستطع اللجنة المكلفة بها إلا التعامل مع بعض المئات بسبب نقص الامكانيات إلى جانب أن هناك ازمة في سلك القضاء الذي ينظر في هذه الملفات حيث ان بعض المحاكم حرقت وتوجد ملفات سرقت.
وشدد على أنه ليست هناك أي نية للتأخير أو تعطيل معالجة هذه القضايا وأن الحكومة ترغب في الاسراع ولكن يجب أن تتوفر الامكانيات وهي كبيرة وربما تكون على حساب قضايا أخرى. ولكنه وعد بالدفع أكثر وبأقصى ما يمكن من جهد حتى يتم اغلاق ملفات محاسبة المفسدين ليلتئم وفقاً لما سماه بجرح مازال مفتوحاً.
تعاون وتنسيق مع ليبيا
وحول تأثر تونس بالمناخ العام في ليبيا، أكد المرزوقي في حديثه لوكالة الأنباء القطرية «قنا» أن استقرار ليبيا يعتبر قضية مركزية بالنسبة لتونس وأن هناك تعاوناً وتنسيقاً أمنياً وسياسياً على مستوى كبير بين البلدين.
وقال إن تونس وليبيا توأمان مشدودان من عظم الصدر ولم يكن هناك تكامل بين شعبي وحكومتي البلدين في أي عهد على قدر التكامل الموجود حاليا، وأن الجانبين يعلمان مدى ارتباط الوضع في كلا الدولتين بعضه ببعض.
وأشار إلى أن ليبيا تعيش بدورها في حالة مخاض صعبة بعد خروجها من ثورة مسلحة وأن تونس تتابع هذا الوضع بكثير من الاهتمام لأن مستقبلها مرتبط بمستقبل ليبيا.
وعبر عن قناعته بأن ليبيا تجاوزت اصعب مراحلها بعد تصفية الديكتاتورية السابقة ومحاولة الانقسام الفاشلة في بنغازي وهي الان بصدد التعافي واجراء الانتخابات في شهر يوليو المقبل لتبدأ في وضع مؤسساتها الشرعية.. متوقعا ان تستقر الاوضاع في ليبيا في غضون عام الى عامين من الان.
وفي ما يتعلق بمشاركته في القمة العربية الاخيرة ببغداد بيّن الرئيس التونسي أن مشاركته جاءت للتأكيد على ان العراق يجب أن يعود إلى الحاضنة العربية وان النظام السياسي العربي القديم انتهى ويجب التخطيط لنظام سياسي جديد.
وأشار الى أنه بغض النظر عن نتائج القمم العربية التي تكون دائماً دون المتوقع فالمهم هو اعادة اللحمة والتفكير في اعادة هيكلة نظام سياسي عربي جديد سيأتي أكله ربما للاجيال القادمة وليس الان.
أقلّ الحلول سوءاً في سوريا
وعن تصوره لحل الازمة في سوريا أكد الرئيس التونسي الدكتور محمد المنصف المرزوقي أنه لا يوجد حل واضح هناك.
واعتبر أن مهمة كوفي عنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية «شبه فشلت» لأن النظام السوري لا يريد لها أن تنجح وهو يماطل ويكذب. ورأى أن الحل في يد الصينيين والروس لأنهم إذا ضغطوا على نظام بشار الاسد ومنعوا عنه السلاح وحاصروه فإنه لن يبقى صامداً أمام الجميع.
وعارض الرئيس المرزوقي فكرة التدخل العسكري الخارجي، وقال إنه سيفجر المنطقة والدليل على ذلك ألاّ أحد لديه استعداد لارسال جنود الى هناك بمن فيهم الاتراك والاوروبيون. وأضاف أن الكلام عن تسليح المعارضة يبدو منطقياً ولكن يتيح في المقابل ذريعة للنظام لمواجهة عسكرية لانه عاجز عن مواجهة سياسية ومن ثم فرض حرب اهلية تجبر المعارضة بعد ذلك على الجلوس على طاولة المفاوضات ليبتز منها النظام بقاءه.
واعتبر الرئيس المرزوقي أن أقل الحلول سوءاً الآن في سوريا هو محاكاة ما حصل في اليمن عن طريق حكومة انتقالية ربما من داخل النظام برئاسة نائب الرئيس السوري على أن تجري انتخابات في ظرف سنة تحت إشراف قوة عربية لحفظ الأمن والسلام.
وقال إنه يجب الضغط على رؤوس النظام وأن تستعيد الثورة السورية سلميتها مع الدخول في عصيان مدني سلمي وبعدها يمكن التفكير في الاستعداد للدخول الى سوريا بقوة حفظ سلام عربية لأن السوريين لن يقبلوا الا بوجود قوة عربية وتطمين الأقليات هناك. وتابع بالقول « يجب أن يرحل الاسد ربما الى روسيا أو الى أميركا اللاتينية، ولكن ليذهب هو وأهله حتى نستطيع إعادة السلم الى سوريا».
ولفت الى أنه كان بالامكان مواصلة نهج الثورة الشعبية ثم الضغط على نظام الاسد سياسياً وهذا لم يحدث، ودخلنا الآن في فترة ستتفاعل فيها كل الحلول السيئة من تسليح وتدخل خارجي وغيرها من الحلول السيئة التي ستتناغم مع بعضها وينتج عنها وضعية اسوأ.
وعن طرحه لفكرة استقبال الأسد في تونس في حال تنحيه، بيّن الرئيس المرزوقي أن المسألة لم تكن واقعية وهو كان يرد حينها على سؤال لأحد الصحفيين إنه في حال عدم قبول روسيا للاسد هل ستقبله تونس.
وقال لم تكن دعوة لاستقبال الأسد في تونس وإنما كانت «نكتة» ثم ضخمت لتصبح قضية سياسية وأن ما أردت قوله هو يجب أن يترك بشار الأسد المجال ليذهب أينما يريد لأن المهم هو أن يكف عن ذبح الناس، معتبراً قضية قدومه لتونس «كلاماً فارغاً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.