حكايات تونسية ...«الماء إلّي ماشي للسدرة.. الزيتونة أولى بيه»    القناوية... فوائد مذهلة في ثمرة بسيطة... اكتشفها    أخبار الحكومة    المنستير: دعوة إلى إحداث شبكة وطنية للإعلام الجهوي خلال ندوة علمية بمناسبة الذكرى 48 لتأسيس إذاعة المنستير    بلدية سوسة تُحذّر: لا استغلال للرصيف أو مآوي السيارات دون ترخيص    مصب «الرحمة» المراقب بمنزل بوزلفة .. 130 عاملا يحتجون وهذه مطالبهم    وسط تحذيرات من ضربة مفاجئة جديدة.. إيران ترفض وقف تخصيب اليورانيوم    أبو عبيدة.. مستعدون للتعامل مع الصليب الأحمر لإدخال الطعام والدواء لأسرى العدو ولكن بشرط    مصادر طبية فلسطينية: قرابة 100 شهيد إثر الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ فجر الأحد    هيئة شؤون الحرمين تدعو زوار المسجد الحرام لارتداء لباس محتشم يليق بالمكان المقدّس    الجوادي بطل العالم في 800 و1500 متر سباحة ... ميلاد أسطورة جديدة    كأس أفريقيا للمحليين... حلم الجزائر في 2025    فيما «البقلاوة» تثور على التحكيم ...الترجي يحرز «السوبر»    أماكن تزورها...بلاد الجريد حضارة وتراث وتقاليد    أيام قرطاج السينمائية تكرّم الراحل زياد الرّحباني في دورتها المقبلة    العهد مع جمهور الحمامات ...صابر الرباعي... يصنع الحدث    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    إعفاء كاتب عام بلدية مكثر    وفاة كهل غرقا بشواطئ بنزرت    تطاوين على خارطة السياحة الوطنية: إجراءات جديدة لدعم المشاريع والشركات الأهلية    واقعة قبلة الساحل تنتهي بودّ: اتصال هاتفي يُنهي الخلاف بين راغب علامة والنقابة    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    لماذا يجب أن ننتبه لكمية السكر في طعامنا اليومي؟    فاكهة بألف فائدة: لماذا يجب أن تجعل العنب جزء من غذائك اليومي؟    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    جرجيس: انتشال جثتين لطفلين غرقا بشاطئ حسي الجربي    النجم الساحلي يكشف تعاقده رسميا مع ماهر بالصغير والسنغالي الحسن دياو    باجة: تجميع ربع الانتاج الوطنى من الحبوب وموسم الحصاد يقترب من نهايته    المنستير: الإعداد لإحداث ماجستير مهني في مجال الإضاءة المستدامة والذكية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير    مقترح قانون لإحداث بنك بريدي: نحو تعزيز الشمول المالي وتوفير خدمات مصرفية للفئات المهمشة    تنبيه للمواطنين: انقطاع واضطراب الماء بهذه المناطق..    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    الأغاني الشعبية في تونس: تراث لامادي يحفظ الذاكرة، ويعيد سرد التاريخ المنسي    اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تواصل الحملة الأمنية المصرية على التيك توكرز.. القبض على بلوغر شهير يقدم نفسه كضابط سابق    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    الملك تشارلز يعرض مروحية الملكة إليزابيث للبيع    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    درجات حرارة تفوق المعدلات    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سمير بالطيب" (الناطق الرسمي باسم المسار الاجتماعي الديمقراطي وعضو المجلس الوطني التأسيسي) ل"التونسية": أداء الحكومة ضعيف، و"بن جعفر" لا يريد إحراج "النهضة"
نشر في التونسية يوم 30 - 04 - 2012


- نرفض تعويض الكفاءة بالمحسوبية والحياد بالتحزّب
- تأخر الحسم في ملف شهداء وجرحى الثورة.. فضيحة
سمير بالطيب، أستاذ جامعي في القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وهو الناطق الرسمي باسم المسار الاجتماعي الديمقراطي (التجديد والعمل والقطب)، يشغل منصب عضو بالمجلس الوطني التأسيسي وهو نائب رئيس المرصد التونسي للانتقال الديمقراطي وعضو وحدة البحث التابعة لكلية الحقوق والعلوم السياسية.
«التونسية» التقته وسألته عن رأيه في المشهد السياسي الحالي وعن موقفه إزاء القضايا الساخنة التي تشغل التونسيين واستفسرنا عمّا يقوله حول أداء الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي.. فكان لنا معه الحوار التالي:
كيف تقرؤون المشهد السياسي الحالي للبلاد ؟
يتميّز المشهد السياسي التونسي بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 ببروز حزب مهيمن وهو حركة «النهضة» وبظهور أحزاب أخرى صغيرة الحجم مما أفرز مشهد تعددية مبعثرة وغير متوازنة، وبعد الانتخابات ظهر ائتلاف حكومي يتكون من 3 أحزاب أي طرف مركزي وتابعين، في المقابل فإن بقية الأحزاب عرفت تشتتا سرعان ما تمّ تداركه باستيعاب مقتضيات المرحلة التي تتطلب وعيا جديدا بضرورة توحيد القوى لخلق معادلة جديدة تتسم بالتوازن.
على ضوء التجاذبات السياسية القائمة، هل تروْن أن مكاسب تونس مهدّدة ؟
اليوم، يمكن اعتبار أن النموذج التونسي مهدّد، حيث أن الطرف الحاكم «النهضة» تفتقد في تعاطيها مع عدة أمور الى الوضوح، حيث تشوب الضبابية عدة مسائل في ما يتعلق بقضية المرأة والشريعة والإعلام، بالإضافة الى الازدواجية في الخطاب التي يفرضها الواقع السياسي، وباعتبار أن «النهضة» تمرّ بمرحلة انتقال صلب تركيبتها فإن هناك تيارا يحاول أن يتوخى فكرا ديمقراطيا وصريحا وهناك أطراف تعارض هذا الاتجاه..
وللتأكيد فإن هناك وعيا جماعيا بضرورة الحفاظ على النموذج التونسي وعدم استبداله بنماذج جديدة وخاصة الآتية من الشرق، إذ لدينا مكاسب اجتماعية وفكرية ومؤسسات يجب الحفاظ عليها وتدعيمها ببناء مشروع يلائم جميع التصورات لا يتنافى مع مصالح حزب دون آخر ومن الأجدر بحزب «النهضة» أن يدافع معنا على مكاسب الدولة عوض حشر وإقحام المسألة الدينية في كل مناسبة والدخول في مزايدات جوفاء.
ما هو تقييمكم لأداء المعارضة في هذه المرحلة ؟
المعارضة توحدت داخل المجلس الوطني التأسيسي قبل أن تتوحّد على مستوى الانصهارات، كما أن التجربة في الكتلة الديمقراطية عبّدت الطريق لبروز المسارات التوحيدية، ربما سيكون آخرها انصهار المسار الديمقراطي مع الحزب الجمهوري في حزب جديد يجسد قوى وسط اليسار في الكتلة الديمقراطية.
وتجدر الإشارة الى أن المعارضة عاشت فترتين مختلفتين بعد 23 أكتوبر: الأولى، هي فترة تجرّع كأس الهزيمة والثانية هي فترة مراجعات داخل الأحزاب وقد تخلّلت الفترتين موجة من الانتقادات شلّت حركتها لشهر أو لشهر ونصف ولكن سرعان ما وقع تجاوز هذه الوضعية بالاهتمام بالتقييمات اللازمة واستخلاص الدروس من النتائج المخيّبة للآمال.
ما هي أهمّ الدروس المستخلصة من أخطاء الانتخابات الفارطة ؟
من أهم الدروس... ضرورة توحد الأحزاب والالتصاق أكثر بمشاغل التونسيين ليصبح لها عمق سوسيولوجي مع وجوب الالتفاف حول المشاريع والبرامج السياسية لا حول الأشخاص، ونلاحظ في الفترة الأخيرة أن تحرّكات المعارضة أصبحت أكثر تنظيما وإعدادا وتنسيقا، علما أن ردود أفعالها في الفترة الأولى كانت تتّسم بالتسرّع.
أما في هذه المرحلة فقد أصبحت مواقفها أكثر إيجابية وموضوعية ويتبلور ذلك من خلال الدفاع عن مكتسبات الثورة ومساندتها لقضايا الإعلام ومساهمتها في الشأن الاقتصادي وبذلك فقد تخلّصت من الصبغة الاحتجاجية وتحوّلت لتقديم الاقتراحات والبدائل والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
حسب تقديركم، ما هي أهمّ توصية توجهت بها المعارضة لحركة "النهضة" ؟
لقد حذّرت المعارضة من مغبة إغراق الناس بالوعود ومن الملاحظ اليوم أن أكثر المناطق التي تشهد اضطرابات واحتجاجات وأعمال عنف هي أكثرها تصويتا لصالح "النهضة".
ما موقفكم من موجة التطرّف الآخذة في الانتشار ؟
في السابق هناك اتفاق بين بن علي والسلفيين يتمثل في الاقتصار على الدعوة دون الخوض في المسائل السياسية وبالتالي فإن السلفيين ينشطون في مجموعات منظمة، وبعد الثورة انتهزوا فرصة ضعف الدولة وبرزوا وتدخلوا في عديد المناسبات من بينها الاعتداءات الحاصلة على قاعة «أفريكارت» وتعرّضهم للنساء في الشوارع وإعادة تنظيم المساجد... وما زاد في تماديهم هو اتفاقهم مع حركة «النهضة» بداية شهر رمضان الفارط لخشيتهم من إحداث اضطرابات مما ينعكس سلبا على صورة الحركة وعلى مستوى التصويت خلال الانتخابات، وقد تم الاتفاق بين الطرفين أي «النهضة» و«السلفيين» إثر تنظيم جلسات على ترك المجال للسلفيين في التصرّف في مجموعة من المساجد (وعددها 400) دون إلحاق الأذى بالناس.
وفي الأثناء، تغوّلت هذه المجموعات وأصبحت تتدخل وتحاول السيطرة على طقوس العبادة ومضت تتظاهر في الساحات والشوارع العمومية والجامعات ودور الثقافة، مما أفرز تيارين داخل حركة «النهضة»، تيار ينادي بالتصدّي لهذه المجموعات خشية على السّلم الاجتماعية واستقرار البلاد وتيار متشدد يريد استعمال المجموعات السلفية ل«محاربة» اليساريين والديمقراطيين.
ما هي قراءتكم لخطاب رئيس الحكومة حمادي الجبالي في المجلس الوطني التأسيسي ؟
نلمس من خلال خطاب رئيس الحكومة محاولة لتنظيم الصفوف لكي لا تتجاوز الأمور حدودها كما أننا نفترض أن هذا الخطاب موجه أساسا لأنصار حركة "النهضة".
كما أن دعوة «الجبالي» للوفاق الوطني وعدم استعمال العنف دليل على أن هذه الممارسات تحرج الحكومة. ومن نقاط المؤاخذة أن الخطاب كان عامّا، فقد قال إن موعد الانتخابات بين الربيع والصيف وهو أمر غامض، كما أن الحسم في مسألة الهيئة المستقلة للانتخابات كان غائبا وبالتالي فإن الخطاب لم يرتق الى مستوى تطلّعات التونسيين الذين ينتظرون أجوبة وحلولا ملموسة.
ماذا عن مشروع الميزانية التكميلية ؟
كذلك لم يرتق الى مستوى مطالب الثورة خاصة في موضوع الجباية، بالإضافة الى أنه لم يتم التأكيد على دعم الفئات الضعيفة... نحن لن نُعرقل عمل هذه الحكومة وقد كان تفاعلنا إيجابيا إذ حاولنا الإصلاح هيكليا وحينيا بمبادرتنا بتقديم مقترحات تهمّ الجهات، وذلك بشهادة رئيس الحكومة المؤقت... ونحن في انتظار التطبيقات.
ما تقييمكم لأداء حركة «النهضة» في المجلس الوطني التأسيسي ؟
لقد نصّب نواب «النهضة» أنفسهم مدافعين عن الحكومة، وهو ما يذكرنا بممارسات النظام البائد، إذ أنه من الأحرى بهم البروز كسلطة تشريعية عوض توجيه أصابع الاتهام لكل من ينتقد عمل الحكومة، ومن الملاحظ أن العمل على مستوى اللجان (دون تصوير تلفزيون) يجري على أحسن ما يرام ولكن خلال الجلسات العامة في المجلس التأسيسي يعمد عديد النواب الى توجيه التركيز على الجهات التي ينتمون إليها كما أنهم يتعمدون الانخراط في الدعاية السياسية ويسوّقون للحملات الانتخابية السابقة لأوانها.
هل تروْن أن أعمال المجلس التأسيسي تتقدم بالمستوى المأمول، خاصة أن الكثيرين يعيبون على أعضاء المجلس بطء التعاطي بخصوص صياغة الدستور والحسم في المواضيع الحسّاسة ؟
في ما يتعلّق بصياغة الدستور فإن الأعمال تتقدم بنسق طبيعي وبإمكاننا إعداده في غضون سنة، لكن مستوى تقدم الأشغال يتفاوت من لجنة الى أخرى وبرأيي أن المجلس بطيء على مستوى ردود الأفعال كلّما تعلّق الأمر بالمواضيع الساخنة ويرجع ذلك لأسباب تطرح مسألة التوازن السياسي داخل «الترويكا» وذلك لعدم رغبتها في إحراج «النهضة»... حتى رئاسة المجلس لا تريد إحراج «النهضة» !
وللإشارة، فإننا نأسف على بعض السلوكات الصادرة عن بعض النواب ومن الواجب أن يتم تخفيض حدّة التجابات وعكس الراحة والاطمئنان كمحاولة ليسترجع التونسي ثقته في المستقبل.
شهدت هذه الفترة الانتقالية عدّة أحداث مرفوقة بالمطلبية الاجتماعية المتفاقمة، فهل ترون أن أداء الحكومة الحالي يتناسب ومتطلبات المرحلة ؟
أداء الحكومة متواضع... ولم نر الكثير من الانجازات بعد مضي أكثر من 100 يوم إذ ليس هناك مخطّط أو برنامج واضح وتأخر إنجاز الميزانية التكميلية خير دليل على ذلك.
... ولكننا سنُمهلُ الحكومة نظرا للدور الرقابي الذي يحتّم مواجهة تلكؤ الحكومة، وقد وعدنا رئيس الحكومة بعرض مستوى تقدم المشاريع المبرمجة في الميزانية التكميلية على المجلس التأسيسي بصفة شهرية.
برأيكم متى يتم تطهير الداخلية من الذين مارسوا القتل والتعذيب في العهد البائد ؟
إصلاح المنظومة الأمنية مهمّ، كما أن الظروف ملائمة، حتى أن البلدان الصديقة مستعدة للمساهمة في تكوين إطارات الداخلية وما يعوز الإصلاح قلّة الموارد المالية وتحجر العقليات السائدة داخل الأجهزة الأمنية. نحن نتمنى أن يتوفق وزير الداخلية علي العريض في مهمة الإصلاح من أجل إرساء أمن جمهوري ولكننا نخشى انتشار المجموعات العنيفة التي تمارس القوة وتعتدي على الناس في بعض المسيرات والمظاهرات وتمنعهم من ممارسة حقوقهم وهو ما حدث يوم 9 أفريل وخلال الاعتصام أمام التلفزة الوطنية وفي وقائع «الملاّحة» برادس.. كما أن «تعليمات» العهد المنقضي مازالت تعطي «مفعولها» الى حدّ اليوم إذ أفرزت عادات سوء المعاملة والاعتداء بالعنف في مراكز الأمن.. والمهمّ أن ملف إصلاح المنظومة الأمنية معقّد والثورة مهدّدة ما لم تتغيّر الداخلية !
وبالنسبة لتطهير المنظومة القضائية ؟
لاحظنا في الآونة الأخيرة أن القضاة يُعيرون اهتماما كبيرا لضغط الشارع مما ينتج عنه إصدار أحكام «يتحكّم» فيها المعطى الشعبي والضغط السياسي وهو ما يسعى لارسائه أعداء استقلالية القضاء.
ويمكن الجزم اليوم أنه ليس هناك منظومة قضائية مستقلّة، فالنظام البائد ورّط الأمن والقضاء في تصفية حساباته مع خصومه الاقتصاديين والسياسيين، وما يزيد المسألة تعقيدا أننا في طور ترسيخ عدالة انتقالية يرى البعض أن من الضروري في هذه المرحلة طيّ صفحة المحاسبة وفتح المجال للمصالحة.
ماذا تقتضي هذه المرحلة، المحاسبة أم المصالحة ؟
يجب محاسبة كل من أجرم أو استولى على أموال الشعب أو كان طرفا في الاستبداد دون الانخراط في المحاسبة الجماعية ومثال ذلك أنه من الواجب محاسبة المجموعات القريبة والمتصاهرة مع «المخلوع» من رجال الأعمال، دون الانصياع لمحاسبة الأغلبية المطلقة من رجال الأعمال الذين كانوا ضحايا النظام بتعرّضهم للاجبار على دفع أموال طائلة حتى يستمرّ عمل مؤسساتهم ومع ذلك فإنه يجب ضبط قائمة لكل من تمتع بامتيازات أو بحظوة عن غير وجه حقّ، ومن الأهمية بمكان التأكيد على أن كل تباطؤ في إرساء العدالة الانتقالية يمنح الفرصة للمتورّطين للتنصّل مما اقترفوه من فساد.
ماذا تقولون عن وضعية السجون ؟
وضعية السجون كارثية، حيث تتميز بالاكتظاظ الشديد وباخضاع المساجين الى التعذيب وسوء المعاملة والى التعنيف دون أدنى احترام لإنسانية الإنسان، ففي مثل هذه الظروف المتدهورة جدّا بالإمكان حصول أي انفلات، كما أن اشتعال الأحداث يصبح أمرا غير مفاجئ.
وبرأيي، يجب أن تكون مسألة السجون قضية وطنية لأن إمكانيات وزارة العدل ضعيفة.
ماذا تقولون عن تأخر الحسم في مسألة مستحقات شهداء وجرحى الثورة ؟
لقد اعترف رئيس الحكومة بأن هناك تأخيرا في الحسم في هذا الملف... ولكن هذا الأمر يعتبر فضيحة والمتأمل في الوضع الحالي للبلاد بإمكانه أن يستخلص أن كل ما ننعم به من حرية هو بفضل شهداء وجرحى الثورة... ولكن الثورة لم تحسن معاملة أبنائها رغم أن عدد الشهداء في تونس قليل مقارنة بالبلدان الأخرى، وهو ما يثبت ضعف أداء الحكومة.
ما تعليقكم على كثرة الانشقاقات والنزاعات في صفوف بعض الأحزاب ؟
الوضع الحزبي انتقالي، فهناك من الأحزاب من اختارت التوحّد والانصهار وهناك من انقسمت وتعرّضت للانشقاق ولكن الملاحظ أن الأزمة اشتدّت أكثر داخل الأحزاب الحليفة ل«النهضة» مما يؤكد عدم موافقة قواعدها على خياراتها ومنحاها السياسي الذي تنتهجه والأكيد أنه ليس هناك أي حزب بمنأى عن هذه الانشقاقات وفي الأشهر القليلة القادمة ستتوضّح الرؤية، ببروز 3 أو 4 أقطاب سياسية كبرى في تونس من بينها من بقي من «النهضة» والمسار الديمقراطي الجمهوري ومبادرة السبسي وبروز قطب يساري قومي، مما يتيح المجال للمنتخب في المرّة القادمة للاختيار بأكثر سهولة.
كثر الحديث مؤخرا عن إمكانية حدوث تحوير وزاري، ما هي مساعيكم للتمثيل الحكومي ؟
منذ البداية دعا القطب الحداثي لتكوين حكومة كفاءات وطنية عوض حكومة ولاءات، وبما أننا اليوم نلمس عجز الحكومة عن تسيير الشأن العام وضعف أداء عديد الوزراء، فإن إمكانية التحوير الوزاري واردة جدا ولكنها ستبقى في إطار «الترويكا» دون الانفتاح على أحزاب أخرى.
وبالتالي فإننا لسنا معنيين بأي حقيبة وسنبقى في المعارضة الوطنية والجادّة لنقول أحسنت لمن أحسن وأسأت لمن أساء في انتظار ما ستفرزه الانتخابات القادمة من نتائج ستؤسس للديمقراطية الدائمة.
ما هي أولويات المجلس الوطني الدستوري ؟
أوّلا صياغة دستور في مستوى الثورة التي أطاحت بالدكتاتورية وبعهد الاستبداد ثانيا صياغة قانون هيئة إصلاح القضاء لأن مسألة الحسم في كل ما يتعلّق بالقضاء تضمن استقلاليته كما أنه من الضروري إرساء أمن جمهوري قبل الانتخابات القادمة.
ما هي مقتضيات تحقيق أهداف الثورة ؟
تحقيق أهداف الثورة مسؤولية الجميع لكن مسألة الآليات تتلخص في السعي لتجاوز ملفات الماضي في الفترة الحالية الانتقالية ثم إعادة الخوض فيها بعد الانتخابات القادمة وإنشاء مؤسسات جديدة كالمحكمة الدستورية والهيئات المعنية بالفساد والرشوة ومزيد ترسيخ استقلالية المجتمع المدني ومؤسسات الدولة والنظام السياسي.
صرّحت بعض الأطراف الفاعلة في الحقل السياسي والناشطة في المجال الحقوقي أن حركة «النهضة» تسعى للسيطرة على الإدارة، كيف ذلك ؟
صحيح، باسم مقاومة الفساد «النهضة» بصدد ضرب الإدارة التونسية التي تعتبر مكسبا لتونس، حيث أن جميع المرافق العمومية استمرّت في العمل في أصعب الأوقات التي عرفتها البلاد فقد استمر التزوّد بالطاقة الكهربائية وبالمياه كما استمر البريد في تقديم خدماته... مما فرض استمرارية الدولة، واليوم فإن الخطير هو فرض تعيينات حزبية في الوزارات وبالنسبة للولاّة والمعتمدين وهذا الأمر يعدّ إعادة إنتاج لنظام التعيينات السياسية.
لذا فأنا أدعو الى التراجع عن التعيينات وتشريك المجلس الوطني التأسيسي في هذا الموضوع حتى لا نعوّض الكفاءة بالمحسوبية ولا نعوّض الحياد بالتحزّب.
في ظلّ ما تعيشه البلاد من تجاذبات وعدم استقرار على عديد الأصعدة، ما هو السيناريو المحتمل في الفترة القادمة ؟
تونس ستتخطى هذه المرحلة إذا اتفقنا على 3 أمور: أوّلها احترام القانون واحترام قواعد العيش المشترك ثانيا، مقاومة ظاهرة العنف وثالثا التصدّي لانتشار الشعبوية، إذ أن رئيس الجمهورية عرف بخطبه الشعبوية مما سيخلق وهما عند التونسيين بسرعة تحقيق مطالبهم وعدم إنجازها يؤدي الى ردود أفعال عنيفة للتعبير عن خيبة الأمل.
كما أنه من الضروري تحاشي الاقصاء ومواجهة الشعب بحقيقة الأوضاع لتأمين الانتقال الديمقراطي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.