ايداع 9 من عناصرها السجن.. تفكيك شبكة معقدة وخطيرة مختصة في تنظيم عمليات "الحرقة"    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عياض ابن عاشور" (رئيس لجنة الخبراء في هيئة تحقيق أهداف الثورة المنحلّة) ل"التونسية": نتّجه نحو «مشادة» بين «النهضة» والمتطرّفين وأدعو أعضاء «التأسيسي» إلى صياغة الدستور في أقرب وقت

- أنا مع نظام برلماني ومع انتخابات عامة ومباشرة لرئيس الجمهورية
- لغة المتطرفين تجعل منهم حركة مضادة للحياة السياسية السلمية وللديمقراطية
- نعيش اليوم تصادما فكريا بين قطب إسلامي وآخر حداثي
عياض ابن عاشور هو أستاذ قانون عام وخلافا لما يعتقده البعض ليس محاميا، تولّى رئاسة مركز البحوث والدراسات والنشر بكلية الحقوق ثم عمادة كلية العلوم القانونية والسياسية والاقتصادية بتونس، ثم تولّى رئاسة المحكمة الإدارية التابعة للبنك الإفريقي للتنمية وشغل عضوية معهد القانون الدولي في جانفي 2011، ثم عُيّن رئيسا للجنة الإصلاح السياسي التي أصبحت في ما بعد الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وهو اليوم على رأس لجنة الخبراء التي كانت تابعة للهيئة.
"التونسية" التقت الرجل في حوار مطوّل حول مواقفه من الحراك الراهن الذي تعيشه البلاد والقضايا الساخنة المثيرة للجدل كمسألة صياغة الدستور وملف جرحى وشهداء الثورة وقضية المدّ السلفي وتقييمه لأداء الحكومة.
بداية لو تحدثنا عن أهم مكسب حققته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي للشعب التونسي؟
لولا الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ما كنّا نعيش انتخابات 23 أكتوبر 2011 وما كنّا ننتفع بالهيئة العليا المستقلّة للانتخابات التي أشرفت على انتخابات المجلس التأسيسي وما كنّا ننتفع بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي وإلى غير ذلك. فالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة مع الحكومة الانتقالية هي التي كانت الركيزة الأساسية للانتقال الأول للمرحلة الانتقالية الأولى والمرحلة الانتقالية الثانية التي نحن بصدد مشاهدتها اليوم انطلاقا من الانتخابات.
والهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة مع الحكومة الانتقالية هي التي سهرت على نجاح هذه المرحلة الانتقالية الأولى وذلك لأنها جعلت من الانتخابات أمرا ممكنا واقعيا وفتحت أمام التونسيين لأول مرة في حياتهم السياسية منذ الاستقلال إمكانية ممارسة انتخابات بأتم معنى الكلمة. يعني أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة هي التي أطّرت العملية الانتخابية التي أدّت بنا إلى إحداث المجلس الوطني التأسيسي، ولم تقف مهمة الهيئة العليا في إنجاح الانتقال الديمقراطي بل في بلورة القوانين والمراسيم التي تؤطر اليوم الحياة السياسية على مستوى الأحزاب السياسية والجمعيات والصحافة والاتصال السمعي والبصري بحيث أن الهيئة هي التي تصوّرت وأعدّت هذه القوانين التي تؤطر اليوم النشاط السياسي والحياة السياسية في البلاد التونسية ابتداء من الأحزاب ومرورا بالجمعيات.
وللإشارة فإن هذه القوانين والمراسيم هي قوانين تحرّرية حرّرت النشاط والمناخ والحركية السياسية في البلاد وخاصة بالنسبة للأحزاب والجمعيات.
بحكم تجربتك السياسية والنضالية كيف تقيّم المشهد السياسي الحالي؟
المشهد السياسي الحالي يتّسم باستقطاب ازدواجي في حياتنا السياسية، استقطاب ازدواجي جوهره ولبّه هو المواجهة الفكرية والمواجهة السياسية بين قطبين: قطب يتمثل في الحركات ذات المرجعية الإسلامية أساسا وقطب ذو مرجعية حداثية في غلافها وهو قطب يتّسم في نواته وفي لبّه بالحداثية مع غلاف إسلامي.
فالمشهد السياسي يتّسم إذا بهذا الاستقطاب الازدواجي القديم في التاريخ، واليوم نعيش هذا الاستقطاب الثنائي ولكن بلغة سياسية أكثر منها ثقافية وتتمثل في هذين القطبين.
ألا ترون أن هذا الاستقطاب الثنائي الذي تحدثتم عنه من شأنه أن يؤدي إلى صراع؟
إلى تصادم خطير عنيف لا.. إلى تصادم فكري ومجادلة فكرية ومواجهة فكرية، نعم وهذا هو ما نعيشه اليوم.
لو تقدم لنا مثالا عن ذلك؟
فلنأخذ مثال مسألة الشريعة كمصدر أساسي للتشريع... فما شاهدناه منذ أسابيع أو منذ أشهر أننا مكثنا دائما في هذا الجدل... فهناك فئات من المجتمع التونسي مع التنصيص على الشريعة كمصدر للتشريع التونسي وهناك من هو ضدّ هذا التنصيص ولكن هذا الجدل عشناه في مناخ ديمقراطي ووصل إلى نقطة توازن وهذا التوازن يتمثل في الموقف الذي اتخذته «النهضة» عن طريق هيئتها التأسيسية ثم التصريح الذي قام به راشد الغنوشي والذي أكد فيه على الإبقاء على الفصل الأول من الدستور.
والصراع في نهاية الأمر هو لبّ الديمقراطية ولكن بشروط إذ لابدّ أن يبقى صراعا سلميا مبنيّا على الخلاف الفكري دون اللجوء إلى العنف واستعمال أساليب تتعارض وشروط الديمقراطية، أما الشيء الذي يتعارض تماما مع الديمقراطية والذي يمثل خطرا حقيقيا على حياة المجتمع فهو التطرّف ومع شديد الأسف توجد حركات متطرّفة سلفية جهادية هي التي تمثل في نظري تهديدا أساسيا لأمن البلاد، أما الاستقطاب بين هذين القطبين فهو أمر طبيعي ويؤدي إلى ثراء المشهد السياسي. كما أن هؤلاء المتطرفين لا يعترفون لا بدولة ولا بانتخابات وكل شيء عندهم «حرام» حتى أن وزير الداخلية أصبح عدوّا لهم حيث أن هؤلاء الأطياف لديهم نزعة إلى الكراهية ونزعة إلى العدوان والتحارب بين الناس مما يجعل منهم حركة مضادة للحياة السياسية السلمية وبالتالي للحياة الديمقراطية.
لكن هناك من يعتبر أن السلفيين هم الجناح العسكري لحركة «النهضة» وهم لا يتحركون إلاّ بأوامر «النهضة»؟
على من يعتقد أنه توجد علاقة بين حركة «النهضة» والسلفيين أن يقدم الحجة ولا يمكن أن نبني اتهاما كهذا على أقوال أو على ادّعاء وما دامت ليست لنا بيّنة قطعية لا يجب أن نتهم أي طرف زد على ذلك فإن المؤشرات التي نشاهدها اليوم تشير إلى أنه لا توجد علاقة عضوية بين «النهضة» والمتطرفين بل العكس فهناك نوع من العداء والعدوان بينهما، فلنأخذ مثال التصريحات الأخيرة لأبي عياض والكلام الذي توجّه به إلى حركة «النهضة» وكذلك مواقف «حزب التحرير» بالنسبة «النهضة» فهي ليست مواقف ودودة ولا صديقة وحسب رأيي فإنه لا وجود لخيوط خفية بين حركة «النهضة» والمتطرفين.
لكن بماذا تفسرون صمت الحكومة على بعض الأحداث التي كانت التيارات المتطرفة ضليعة فيها؟
الحكومة اليوم في وضع حرج لأن استعمال العنف في مناخ بعد الثورة أمر صعب على كل حكومة، وتعلمون جيّدا أن تونس عاشت 23 سنة تحت القمع والدكتاتورية والتعسف والتعذيب وبالتالي يصعب على الحكومة مهما كانت سواء «النهضة» أو غيرها أن تستعمل أساليب القمع إلاّ إذا اقتربنا من خط أحمر قد يجرّنا إلى حرب أهلية وإلى شيء من هذا القبيل لا قدّر الله. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يمكن القول إنه لا توجد تماما علاقة بين نجاح «النهضة» الانتخابي ووجود السلفيين اليوم، بمعنى أن نجاح حزب إسلامي في الانتخابات حرّر المجتمع ولكن حرّر جميع الأطياف التي تنتمي إلى المرجعية الإسلامية وهو أمر موضوعي. وفي نفس الوقت يمكن القول إن مجرّد النجاح الانتخابي لحركة «النهضة» حرّر وخلّص الهوامش التي تدور حول «النهضة» مثل «التحرير» والسلفيين الجهاديين والسلفيين غير الجهاديين والسلفية العلمية وإلى غير ذلك.
ولا أظن أن هناك علاقة استراتيجية أو تكتيكية بين حزب «النهضة» كحزب والحركات الإسلامية. أما أن نقول إن نجاح «النهضة» الانتخابي حرر هذه الهوامش فهذا الأمر ليس فيه شك.
ألا ترون أن الإبقاء على الفصل الأول من الدستور فيه اعتراف من «النهضة» بمبادئ الديمقراطية أم هو مجرد تكتيك استراتيجي سياسي؟
أوّلا لابدّ من التذكير ببعض الأشياء: «النهضة» طيلة سنة 2011 عندما كانت في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وحتى بعد انسحابها منها كانت دائما تؤكد على أنها حزب سياسي لا ديني وأنها مع دولة مدنية ومصطلح «مدنية» هي التي اقترحته.
كما أن حركة «النهضة» هي أول حزب استعمل هذا المصطلح حتى أنه في مشروع الدستور الذي قدّمته لجنة الخبراء للمجلس التأسيسي غيّرنا الفصل الأول وأضفنا إليه «مدنية» (تونس دولة مدنية حرة مستقلة ذات سيادة) وأريد أن أذكر بشيء آخر هو أن «النهضة» ليست «قالبا صلبا موحّدا». ف«النهضة» فيها تيارات: تيار متطرف راديكالي وتيار أقرب للمناخ الديمقراطي والفكر الديمقراطي والتعددي والحداثي وبين هذين التيارين توجد تيارات وسطية ثم إن الأشخاص أو الأطياف التي أكدت على ضرورة التنصيص على الشريعة كمصدر في الدستور هي شخصيات تنتمي إلى التيار اليميني الراديكالي كما أن المواقف التي اتخذتها «النهضة» اليوم قد غلّبت النهضاويين الديمقراطيين على النهضاويين اليمينيين وهو أمر يسرّ الجميع بالإضافة إلى أن موقف «النهضة» في الإبقاء على الفصل الأول من الدستور هدّأ الوضع ولابدّ من العودة إلى المشاكل الحقيقية التي تعاني منها بلادنا. فمشاكلنا ليست لا في الدستور ولا في الشريعة ولا في القانون ولا في الانتخابات فثورة 14 جانفي قامت من أجل التشغيل وكفانا إذا الحديث عن القوانين، وهذا الجدل الذي لن يوصلنا إلى نتيجة، وبالتالي فإن موقف «النهضة» يتماشى مع مقتضيات السلم الاجتماعي.
كنت قد أشرت إلى أن اللجنة قد رفعت مشروع دستور إلى المجلس التأسيسي لكن هناك من الأطراف السياسية من انتقد مشروع دستوركم واعتبره يتجه نحو المنوال الفرنسي ما هو ردكم؟
أبدا، مشروع دستورنا لم ينسج على المنوال الفرنسي. فقبل صياغة المشروع كنا قد جددنا المنهجية التي استخدمناها لإعداد هذا الدستور ومن بينها أننا انطلقنا من الواقع التونسي ومن التاريخ التونسي وكذلك من السوابق الدستورية التونسية وتساءلنا قبل أن ننظر في أي دستور أجنبي عما نريد وما لا نريد وأعددنا الدستور انطلاقا من هذه المنهجية (واقع تونس في الماضي وواقع تونس في الراهن وما تريده تونس في المستقبل) ولذلك جعلنا من الباب الأول من الدستور اعلان تونس لحقوق الإنسان (20 فصلا مخصصا لحقوق الإنسان) ولا صلة لهذا المشروع بأي منوال اجنبي سواء فرنسي او غير فرنسي ومشروعنا انطلقنا فيه منذ شهر جانفي 2011 وأتممنا إعداده يوم 27 نوفمبر 2011.
من ضمن الانتقادات التي وجهها إليك الطاهر هميلة أنك بصدد الإعداد ل7 نوفمبر جديد وأنك رئيس الهيئة العليا لتخريب أهداف الثورة وليس لتحقيقها؟
كلام صبياني لا يليق بإنسان في هذا السن ولا يليق بوضعيته كعضو في المجلس الوطني التأسيسي وأنا شخصيا أحترم الأشخاص حتى وإن أخطؤوا أو بالغوا في اتهاماتهم التي ليس لها أي أساس من الصحة والتي هي أمور صبيانية لا أكثر ولا أقل.
في أي إطار كانت مشاركتك في مبادرة «نداء الوطن» التي أشرف عليها السيد الباجي قائد السبسي؟ وهل ينتظر السيد عياض ابن عاشور منصبا سياسيا أم يؤسس حزبا؟
مشاركتي في «نداء الوطن» كانت تلبية لدعوة وجهت لي من قبل الجمعية الوطنية للفكر البورقيبي وحضوري رمزي، له معنيان، المعنى الأول أنني أردت ان أؤكد ان الفكر البورقيبي رغم بعض التصرفات غير المعقولة في النظام البورقيبي منها الاستبداد والعنف ورغم كل ذلك فإن المشروع البورقيبي مازال لديه مكانة في بلادنا لمقاومة التطرف الديني الذي يهدد مكاسب الدولة المستقلة، كما أردت أن أؤكد أنه عندما صادقنا على الفصل 15 في القانون الانتخابي الخاص بانتخاب المجلس التأسيسي أردت أن أذكر أن الفصل 15 الذي هو فصل إقصائي هدفه ظرفي ومحدود لمدة معينة وهو انتخاب المجلس التأسيسي وأردت أن أذكر أن مشكلتنا ليست مع الدستوريين كدستوريين فإذا ابتعد هؤلاء عن الأساليب التي تعودوا عليها في الحكم على غرار حزب الدولة أو دولة الحزب والفساد ووضع وسائل الدولة في ذمة الحزب وعادوا كسائر الأحزاب التي لها تاريخ ومرجعية ومذهب فليس لدينا اي مشكل، يعني أن مشكلتنا ليست مع الأشخاص بل مع أساليب الحكم والفساد السياسي ولهذا بعد انتهاء تطبيق الفصل 15 تعود الأمور الى مجراها بمرور الزمن وكل من كان يشغل منصبا في الحزب الدستوري بإمكانه أن يتشكل من جديد بتصورات سياسية جديدة. أما بالنسبة للمناصب السياسية فلا أفكر فيها لأنني مثقف وإيماني واعتقادي أن مهمة المثقف لا تتماشى مع التحزّب.
هل تعتقدون أن تراكمات 23 سنة من الفساد من الممكن ان يتم محوها في ظرف وجيز أي بين «عشية وضحاها» إن صح التعبير؟
تراكمات 23 سنة من الممكن أن تتغير لم لا؟ فهذه التراكمات لم تطل الحزب فقط بل طالت القضاء والمؤسسات الأمنية، الجامعة الادارة فليس من الممكن أن نعدم كل هؤلاء الأشخاص بل لا بد من تغيير توجهاتهم وتغيير تصوراتهم ولا بد مع نفس الأشياء القديمة من تغيير العقليات والممارسات.
إلى أيّ مدى حققت الثورة أهدافها؟
لا يمكن تحقيق الأهداف في الإبان وبالتالي لا يمكن محاسبة القيادات السياسية مهما كانت انتماءاتها وتوجهاتها على «ثمار» جهودها في هذا الصدد في وقت وجيز، إذ أن هذا الأمر يتطلب جهدا كبيرا.. ولكن نرجو ألا يكون تحقيق أهداف الثورة في أمد طويل حتى تكون الفترة الانتقالية قصيرة وسريعة للتمكن من التصرف في شؤون البلاد عن طريق حكم شرعي ودستوري، وحتى لا يضيع الوقت والدولة تعالج مواضيع لا علاقة لها بأهداف الثورة وبجوهر مشاكل البلاد على غرار موضوعي الشريعة والنقاب.. لكل هذه الأسباب ولغيرها يجب المصادقة على دستور البلاد الجديد في أقرب الآجال.
حسب رأيكم، لماذا تأخر إعداد الدستور؟
تتمثل أسباب التأخر في ارتكاب أخطاء... وأهمها إثقال كاهل المجلس الوطني التأسيسي بوظائف أخرى على حساب الوظيفة التأسيسية مما يتسبب في «إطالة مدة الخطر».
ما هي التيارات التي ستشكل خطرا حقيقيا على حركة «النهضة» في المستقبل؟
مفاجأة حزب «النهضة» ستكون من التيارات اليمينية المتطرفة وليس من أحزاب يسارية أو أطراف ومنافسين طبيعيين، حيث أن الجناح الذي ينتمي الى نفس العائلة الفكرية التي تتبنى نفس التوجه الديني والإيديولوجي ستكون مواقفها مضادة لكل ما تأتي به «النهضة» من قرارات، خاصة بعد إقرارها الحفاظ على الفصل الأول من دستور 1959، وهذا الأمر يقودنا إلى التأكد من أننا متجهون نحو «مشادة» (أقل ما يقال) بين «النهضة» والجناح المتطرف، لذلك لا بد من تقليص فترة حكم السلطة الانتقالية، لأن المتطرفين سيستغلون الوقت إلى أبعد الحدود حتى يتمكنوا من مزيد التأثير والسيطرة واكتساب المزيد من القوة، علما وأن المتطرفين يعتقدون أن الاعتداء على الأرواح بدعوى نشر الإسلام أو الحدّ من الممارسات اللاأخلاقية (حسب تقديراتهم) أمر جائز ويعتبرون أن انتهاك الخصوصيات وفرض أنماط العيش التي يريدونها بالقوة، جهادا في سبيل الله وهو ما يجعلها تيارات لا إنسانية، لا تحترم الحياة ولا تقدمها مما يبين أن لديهم نزعة ملحة للإقدام على القتل والتدمير والتخريب. وهم يشرّعون لما يقومون به من ممارسات على أساس أفكار وبديهيات يحاولون بمقتضاها برمجة المجتمع دون التفكير في العواقب والانعكاسات أو في ما يمكن أن يترتب عن ذلك من «كوارث»، بالإضافة الى أن مسألة التقدم والازدهار هي آخر اهتماماتهم وبالتالي فهم أعداء المجتمع.
ما هي نقاط مؤاخذتكم على حركة «النهضة»؟
لقد صدقت حزب «النهضة» عندما رفعت شعار المدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأنا مسرور جدا أنها حسمت موقفها من توظيف الشريعة في الدستور وجعلها مصدرا أساسيا لسنّ القوانين وإقرارها الإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959، بعد فترة التردد والارتباك وهو ما يبرز أن «النهضة» احترمت وعودها رغم مرجعيتها الإسلامية وهذا الأمر، زادني اطمئنانا وجعلني أفكر في امكانية نجاح هذا الحزب في تونس، كما نجح التيار الإسلامي في قيادة تركيا.. كما أن «النهضة» محكوم عليها بالتحديث واتباع الديمقراطية وبتكريس حقوق الإنسان وهو ما تقتضيه اللعبة الديمقراطية التي ستفرض عليها التغيير..
وفي وقت لاحق يصبح الحكم على النتائج، ولا يجب ان نظلم الحركة بل علينا ان نتعايش معها في نطاق المواطنة للمضي قدما نحو هدف الصالح العام.
مع كل ما يحيط بالوضع الراهن من تجاذبات وتخوفات، هل يمكن أن نتفاءل بالمستقبل؟
لقد راودتني الشكوك في البداية مع تواتر التجمهر أمام المجلس الوطني التأسيسي ولكن مع تراجع المطلبية نوعا ما، فإن الوضع اليوم ينبئ بالخير ويدفع إلى التفاؤل.
ما هو موقفكم من أداء المجلس الوطني التأسيسي؟
أدعو أعضاء المجلس الى الرجوع إلى المهمة التأسيسية وصياغة الدستور في أقرب وقت.
برأيكم ما هو نظام الحكم الأنسب لتونس؟
أنا مع نظام برلماني ومع انتخابات عامة ومباشرة لرئيس الجمهورية مع الإبقاء على اختصاصاته السيادية باعتباره «رمزا» يلتف حوله جميع التونسيين بقطع النظر عن انتماءاتهم الحزبية.
ما هي أشكال الخطر التي تهدد تونس والقادمة من البلدان المجاورة؟
إن مشاكل الأسلحة القادمة من ليبيا تمثل خطرا كبيرا يهدد أمن واستقرار البلاد والأخطر من ذلك أنه يصعب السيطرة على الحدود التونسية الليبية بسبب طول الحدود وكثرة المعاملات التجارية وغيرها، أما بالنسبة للجزائر فإن الخطر يكمن في إمكانية تصدير المتطرفين إلى بلادنا، ومعلوم أن السلطات الجزائرية تواجه إشكالا كبيرا مع هذه الفئة من التيارات وبانضمامهم الى الفئات الموجودة في بلادنا ومع تعنت هؤلاء وتشبثهم بعدم الاعتراف بكل ماهو دولة أو انتخابات أو ديمقراطية يجعل الوضع يزداد سوءا مع تعارض كل ذلك وجوهر ما نريد ومع ما أرادته الثورة وما «رسمته» من أهداف لذلك لا بد من توخي الحذر واليقظة.
هل تحدثنا عن مهام لجنة الخبراء باعتباركم تترأسونها؟
تقوم لجنة الخبراء بإعداد مشاريع النصوص القانونية والترتيبية، وقد أنجزنا مؤخرا مشروع قانون لهيكلة اللجنة ونحن بصدد إعداد مشروع يتعلق بالمحكمة الدستورية الدولية لحماية الشعوب والأحزاب السياسية ضد الاستبداد وقد بادر بإعداد هذا المشروع سابقا رئيس الجمهورية منصف المرزوقي، وقد كلفني منذ مدة بإعداد الإطار القانوني، ليرفع عند استكماله للمجتمع الدولي وليعرض على منظمة الأمم المتحدة.
وللاشارة فإنني أريد التأكيد على إمكانية أن تكون لجنة الخبراء على ذمة المجلس الوطني التأسيسي والحكومة ورئاسة الجمهورية، كهيكل استشاري لا يتدخل إلا بطلب من السلط للإدلاء بالتوضيحات اللازمة وللاستفادة من خبرته في المجال القانوني حول المسائل المعروضة من قبل السلط العمومية.
لماذا لم تتم معالجة ملف شهداء الثورة بشكل نهائي إلى حد اليوم؟
إن تأخر المحاسبة تعود إلى مواجهة كل من «حكومة السبسي» و«حكومة الجبالي» لعدة صعوبات وتعقيدات، وهذا الموضوع ليس بالأمر الهيّن..
ما هي السيناريوهات المحتملة، حسب رأيكم؟
إن القاسم المشترك بين جميع الأطراف القائمة على شؤون الدولة هو الحفاظ على مكتسبات الدولة (المدنية، الاستقلالية...) مع ضرورة الوفاء بالوعود التي سبق أن وعدوا بها الشعب التونسي، خاصة إعلان 15 سبتمبر 2011 المتعلق بإعلان المسار الانتقالي بإنجاز الوعد الدستوري وتنظيم انتخابات السلط العمومية والسلط القارة للخروج من هذه المرحلة الهشة التي تتسم بالضبابية وعدم الاستقرار في أسرع وقت ممكن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.