الإنجازات الكبرى تبدأ بأحلام صغرى... كلنا نحلم بمشاريع وبرامج وأشياء تهدهد خيالنا وتدغدغ أفكارنا.. ومع مرور السنين نكتشف أن الكثير من تلك الأحلام تبخرت وأن القليل القليل منها عرف طريقه إلى الإنجاز على أرض الواقع. والنجاح كما الفشل يبقى مرتبطا وثيق الارتباط بعوامل متعدّدة ومتنوعة.. منها ما يتعلق بالشخص ذاته ومنها ما يعود إلى أسباب خارجية. فالمرء مسؤول بدرجة أولى عن تحديد مشاريعه (أحلامه) وفي الآن مدعوّ لضبط الوسائل والطرق الموصلة إلى الهدف المنشود... وفي زحمة الأيام واختلاط الأحلام والأوهام قد يجد الواحد منا نفسه في مفترق طرق يتطلّب الحسم السريع والعقلاني لانتهاج السبيل الصّواب. وهنا وفي هذا المفصل بالذات يأتي دور البيئة والمحيط وبدرجة أولى دور الوالدين باعتبارهما الأقرب إلى الفرد والأقرب نصحا وتأثيرا. فإذا ما تلاقت الرغائب وتلاقحت الأفكار لدى الابن الحالم وأهل الحكمة يتحقق المطلوب، أما إذا اختلفت الطرق أو غابت الكلمة النّصوح فإن المآل هو الخسران. هذه التوطئة الطويلة تصل بنا إلى وضعية بعض اللاعبين عندنا ممّن أضاعوا طريق الرّشاد في غياب العقل المدبّر والمرشد المفكّر. وعلى سبيل الذكر.. أعود إلى مثال أسامة الدراجي الذي تنبأ له أهل الاختصاص ومتابعو كرة القدم بالمستقبل الوهّاج بالنظر إلى موهبته التي جلبت الأنظار. هذا اللاعب اعتقد أنه بلغ القمّة بمجرد أن حقق بعض الإنجاز وتغنّت باسمه بعض الحناجر النشاز، فركب فرس الغرور واندفع خارج السّور معتقدا أنه سيُخضع الجميع لمشيئته وأن الجمهور سيأتيه خاضعا جاثيا على الرّكب... وفاته أن هذا الجمهور الذي دلّله قادر على لفظه خارج الذاكرة في أي لحظة. وهذا ما حدث فعلا.. فأين الدراجي الآن في الذاكرة الترجية؟ وهل شفعت له إنجازاته السابقة؟ وهل.. وهل؟ لقد خرج من القلوب بالسّهولة التي دخلها بها بعد أن ردّد الجمهور أغنية الناصر صمّود «مثلما دخلت القلب تخرج منه». أسفي على هذا الشاب الذي لم يجد المؤطّر الذي يعيده إلى سكّة المجد.. وأسفي أكثر على من أخذ الطريق نفسه أمثال.. القربي والذوادي! أتمنى أن يعود الرشد إلى هؤلاء وغيرهم حتى لا يخسروا مستقبلهم وتخسر كرتنا تلك المواهب المهدّدة بذهاب ريحها وحرق أوراقها قبل الأوان.