وراء كل فريق ناجح هيئة تسيير ناجحة ووراء كل هيئة ناجحة رئيس ناجح.. في الوقت الذي تشهد فيه بعض الفرق الكبري أزمات غير مسبوقة تمر سفينة الترجي بين الأمواج بسلاسة وكأنها خارج المدار الكروي الحالي .. قبل الثورة وبعدها.. ولأننا لا نعتقد ان ما يحققه الترجي مجرد صدفة أو ضربة حظ سعينا الى معرفة سر نجاح هذا الفريق وطنيا ودوليا.. وبالكاد التقينا ربان السفينة السيد حمدي المدب لسبب بسيط فالرجل كتوم، لا يتكلم كثيرا ولا يحبذ كثرة الظهور ليترك النجومية للاعبين والمؤطرين الذين يحققون طموحات أحباء الترجي.. عندما زرت موقع «ويكبيديا» لم أتفاجأ فهو لاعب كرة قدم في سنوات الشباب ومازال أترابه يحكون عن مهاراته في المراوغة والتسديد من بعيد كرات من نار.. رجل الأعمال اليوم يعرف «البطحة» و«الحومة»...ولذلك بقي قريبا من الرياضة وقريبا من عامة المواطنين..لعب في الترجي .. وبقي وفيا للفريق عائلته الثانية.. ورغم كل ما تحقق من نجاحات فترة رئاسته فإنه لم يركز الا على كيفية مزيد تطوير الترجي بل وتحول الحوار الى مزيد تطوير كرة القدم عندنا في كل الفرق.. تحدث عن النقائص التي تعوق المسيرين لأنه لا يحلم للترجي وحده وإنما للفريق الوطني باعتباره سفيرنا في العالم ويحلم بمنتخبنا في كل النهائيات الاقليمية والعالمية.. تونس قبل كل شيء.. سرّ نجاحات الترجي في السنوات الأخيرة.. ماهي الوصفة.. ليس هناك سر ولكن هناك وصفة تعتمد على تجانس أعضاء الهيئة وتناغم مع المؤطرين.. جمهور الترجي طموح ولن تتحقق طموحاته الا بالمناخ السليم وتوفير الظروف الملائمة للاعبين والسهر على توفير القدرات البشرية لدعم هذا الزخم.. السقف المحدد عال ويحتاج الى متابعة وتضحيات لتحقيق هذه الأهداف.. تضافر جهود المجموعة هو أساس النجاح. مادام السقف عاليا فما هو الهدف القادم سأعبر لك عن رغبة الجمهور.. البطولة والكأس لم تعد هي الفاصل. جمهور الترجي يطمح الى الإشعاع خارجيا.. همهم رابطة الأبطال الافريقية والعربية والعالمية.. كيف يمكن تحقيق هذه الأهداف الطموحة؟ بصراحة الحلم مشروع ولكن الامكانيات هي التي تشكل عائقا..ورغم ان الترجي لا يشكو من أزمات فان هذا الطموح يحتاج الى تمويلات ضخمة.. وانتدابات من الحجم الثقيل.. ولكن في ظروف غياب الجمهور أي غياب المداخيل فان هذا الوضع سيؤجل هذا الحلم حتى لا أقول إنه يعطل الحلم.. تصوروا عندما سمح للجماهير بعد 14 جانفي بالحضور في الملاعب فإننا اتفقنا في احدى المباريات 35 الف دينار ولم نجن الا 24 الف دينار فحسب، في حين اننا في السابق كان نحصل في جل المقابلات على مداخيل محترمة تساهم في دعم ميزانية الفريق.. جلّ الفرق وحتى الفرق الكبرى تعاني من أزمات، سواء في مستوى التمويل أو في مستوى التسيير والأداء.. فعلا وهذا ليس في مصلحة الترجي.. لماذا؟ لأن هذا الوضع يؤثر على مستوى الأداء والترجي في حاجة الى بطولة قوية تنمى قدراته على المنافسات الدولية وهذا مطلب كل الفرق الكبرى.. الاشعاع خارجيا لفرقنا أساسه بطولة قوية وضخ مالي كبير.. وهذا ليس متيسرا الآن.. هناك فرق لا تقدر على دفع أجرة اللاعبين.. كيف إذن نتحدث على الاحتراف في بلادنا؟ هو شبه احتراف، لأن الاحتراف منظومة متكاملة، تبدأ من العائلة.. الى التكوين النفسي والبيداغوجي والفيزيولوجي.. الاحتراف ثقافة ودربة وأنا حريص جدا على أن يتمتع اللاعب بروح المسؤولية وخصوصا بالأخلاق الحميدة لأن الرياضة تروض الروح والجسد معا.. وهذا أساس النجاح في الملعب وفي الحياة.. كما أني حريص على رعاية المواهب لدى الصغار بالاحاطة الجيدة من قبل مؤطرين شبان جيدين. بهذا الشكل نصنع نجم الغد.. مسؤولية وتوازنا وتألقا.. ولكن هل هذا يكفي؟ لا طبعا هناك مشكلة غياب الفضاءات «البطاحي» وهي التي تصنع اللاعبين في البداية.. ملعب واحد لا يكفي لكل الأصناف.. لا بد من توفير عدة ملاعب لكل فريق ولكن هذا ليس في مقدور الفرق والمرجو هو أن تساهم الدولة في تمويل الملاعب في كل الجهات وبالتالي تساهم في احتضان الأطفال لممارسة الرياضة التي تحميهم من كل المزالق وتكون منهم رجالا صالحين.. وهذا ما يسهل دور الفرق في احتضانهم للمواهب.. لأن البنية التحتية مكلفة جدا والاستثمار في هذا المجال هو خير للمجتمع وللرياضة معا. في الفترة الأخيرة أصبحت رئاسة النوادي الرياضية مغامرة.. فعلا.. وهذا أمر مؤسف.. وقد يزيد في تدهور الرياضة... النتائج لا تأتي من فراغ ولا بد من توفير مقومات العمل وتوزيع المسؤوليات..اللاعب محترف والمسؤول متطوع.. هل تتدخل في صلاحيات الممرن؟ بحكم تجربتي الكروية من حقي إبداء الرأي ولكني لا أفعل ذلك..حتى عندما اقترح شيئا ولا يقبله الممرن فإني لا أغضب ولا أعاتب ..لأن المسؤوليات محددة.. مشاكل التحكيم تتكرر.. وكثيرا ما يقال إن الفرق الكبرى هي المنتفعة من هذه الأخطاء.. البشر يخطئ.. ولا نحبذ جلب حكام أجانب .. في اكثر من مرة كان الترجي ضحية غلطة ولكننا لا نشهّر ولا نهاجم الحكام والأكيد ان التصريحات النارية ضد الحكام تؤلب الجماهير وتزرع بذور الشك.. والعنف.. وفي أحيان كثيرة يتحول الحكم إلى شماعة لتبرير النتيجة.. ما الجديد بخصوص الدراجي وهل تقبلون بعودته إلى حضيرة الفريق؟ الدراجي متعاقد مع فريق «سيون» السويسري.. ولو لم يكن هذا العقد فان الترجي سيقبل بعودته شريطة الاعتذار.. الدراجي ابننا الذي رعيناه وهو من الشبان الذين حرصت شخصيا على إعطائه فرصة زمن المدرب كابرال.. وماذا عن خالد القربي؟ أنا احترم اختيارات المدرب.. وعلى القربي ان يتحلى بالانضباط وروح المسؤولية.. ليستعيد مكانه في الفريق.. بعيدا عن الرياضة.. كيف ترى تونس بعد الثورة؟ أنا متفائل.. وعلى كل تونسي غيور على هذا الوطن أن يسعى لما فيه خير البلاد، كما أني مطمئن على المستقبل والدليل هو اننا شرعنا في انجاز مصنع للحليب والعصير في سيدي بوزيد مساهمة منا في توفير مواطن شغل ل400 عامل بتكلفة 30 مليون دينار.. وسيدخل المصنع طور الانتاج في 14 جانفي 2014