تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراه حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات، رغم حلوها ومرها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. .ضيفتنا اليوم هي السيدة آمنة منصور القروي رئيسة الحركة الديمقراطية للإصلاح والبناء، متزوجة وأم لثلاثة أطفال، عن ذكرياتها الجامعية تحدثت فقالت: «دخلت جامعة سترازبورغ سنة 1982 ودرست الاقتصاد والتصرف وحصلت على الأستاذية في الاختصاص المذكور سنة 1986 ثم عدت إلى تونس وكنت أرغب في دراسة المرحلة الثالثة إلا أن الالتزامات العائلية حالت دون ذلك. كنت طالبة ذكية ونشيطة، لذلك اجتزت الأربع سنوات بنجاح ولم أجد أي عراقيل أو صعوبات. كان الطلبة والأساتذة يعتبرونني أختا لهم لذلك لم أشعر أبدا بالعنصرية، ويكفي أن تكون طالبا منضبطا ومواظبا على الحضور حتى تنال ثقة المدرّسين. وأذكر أني كنت مدللة من طرف أستاذتي «Françoise» وأستاذي «Vincnet» وأني كنت أعشق مادة الاقتصاد بالرغم من تفوّقي في مادة الرياضيات. كنت من عائلة محافظة جدا لذلك خيّر والدي ألاّ أقيم بالمبيت الجامعي وأن أقيم حذو أخي المتزوج من فرنسية. كنت مجبرة على الحديث باللغة الفرنسية في البيت وفي الشارع وفي الجامعة باعتبار أن المحيطين بي لا يفقهون اللغة العربية، لذلك كنت أفتقد سماعها من حين إلى آخر، كما كنت أحنّ إلى سماع صوت أمي وصوت الأذان أيضا. لم أحصل على منحة جامعية وكان الوالد، رحمه الله، هو من يزوّدني بالمال، كما كان أخي أيضا يتكفل ببعض مصاريفي فقد كنت البنت المدللة في العائلة باعتباري الأصغر سنّا. ولأن علاقتي بأخي كانت وطيدة جدا، فقد كان يساعدني على تجاوز كل الأزمات وكان يوفر لي كل أسباب الراحة والنجاح. وكان يعينني على فهم الدروس وإذا استعصى عليه شيء كان يستعين بأستاذ متخصص يأتي في غالب الأحيان معه إلى البيت. عموما كانت الأجواء متميّزة ولم أجد صعوبات تذكر غير أنني كنت أشعر ببعض القلق عندما ينتابني شعور بالغربة، لذلك كنت دائمة التنقل بين تونس وفرنسا. وأصبحت في سنواتي الأخيرة لا أحضر الدروس وأكتفي بالحضور لاجتياز الامتحانات». وعن علاقتها بالطالبات قالت آمنة: «كانت علاقتي بهنّ جدّ متميزة وأذكر أنهن كن ينادينني ب«IMA»، وقد صادف أن طالبة بلجيكية كانت تسرق بعضا من نقودي باستمرار دون أن أتفطن إليها وقد لفتت انتباهي صديقة فرنسية وحذّرتني منها وأصبحت ألتزم الحيطة ولا أترك حافظة نقودي في أي مكان».