فيما يلي تعليق على الابعاد المستقبلية لقرار اللجنة الوطنية للاستئناف عدد 34 الصادر في 2008/5/12 والمنشور بجريدة الصباح ليوم 2008/5/16: هل حان وقت كرة القانون لاصلاح قانون الكرة؟ ان أهم استنتاج من خلال قراءة قرار اللجنة الوطنية للاستئناف عدد 34 الصادر في 2008/5/12 هو اصرارها وتأكيدها على «حقها في السلطة التقديرية» عند تطبيق احكام المجلة التأديبية رغما عن وضوح العقوبات الموضوعة في قالب جداول. ان هذا التطبيق لا سند قانوني له من خلال النصوص الموضوعة حاليا غير انه يعكس ربما نظرة مستقبلية لقانون الكرة الذي اصبح في حاجة ماسة للمراجعة والتحيين والمواكبة على جميع الاصعدة. ان اللجنة الوطنية كانت جازمة ومصرة في «حقها في السلطة التقديرية» اذ اكدت بالقرار المشار اليه اعلاه انه «حيث طالما ان المشرع نص على عقوبة المخالفة موضوع هذا الطعن بمقابلة واحدة مع تأجيل التنفيذ ورغم ان جمهور المستأنفة ارتكبت خلال نفس الموسم نفس المخالفة في مباريات اخرى الا ان ذلك لا يمنع هذه اللجنة من دراسة كل حالة على حدة للتثبت من الظروف التي ادت الى ارتكاب تلك المخالفة وامكانية تطبيق ظروف التخفيف والاسعاف تبعا لذلك بتأجيل التنفيذ استئنافيا بالقواعد العامة للقانون الجزائي المتعلق بتطبيق العقوبات خصوصا وان النص القانون المنطبق على المخالفة موضوع هذا الطعن ينص صراحة على الاسعاف بتأجيل التنفيذ». يبدو لنا من خلال قراءة القرار عدد 34 الصادر عن اللجنة الوطنية للاستئناف انها اقرت بأحقيتها في النظر في كل حالة على حدة وهو ما يجرنا الى طرح التساؤل التالي: لماذا حاولت اللجنة الوطنية للاستئناف التمسك «بحقها في السلطة التقديرية» لدراسة كل حالة على انفراد في ظل انعدام الاجتهاد حسب النصوص القانونية الواردة في المجلة التأديبية؟؟ ان اللجنة الوطنية للاستئناف ومن خلال قرارها اكدت بصورة قطعية ان «المشرع نص على عقوبة المخالفة موضوع هذا الطعن بمقابلة واحدة مع تأجيل التنفيذ» غير انها اقرت بحقها بالنظر في كل حالة بصورة مستقلة. ان الامر محسوم من الناحية القانونية بخصوص مسألة الاجتهاد عند تطبيق العقوبات. ان المجلة التأديبية اعدمت كل مجال ووجه للاجتهاد وبتالي لا يجوز الحديث عن السلطة التقديرية عند التطبيق ولكن رغما عن النصوص الصريحة والعقوبات المجدولة والمضبوطة بطريقة لا تفسح المجال لهذا الاجتهاد فان اصرار اللجنة يخفي في نظرنا ابعادا لاَبُدَّ من اخذها بعين الاعتبار مستقبلا وهي: الاعتبار الاول: ان اللجنة الوطنية وباصرارها على حقها في السلطة التقديرية لاسناد العقوبة تأكيد على انها ليست بآلة لتطبيق القانون والجدول المصاغة في اطار المجلة التأديبية وهي تكرس بذلك فقه قضاء جديد مختلف اختلافا كليا على النصوص القانونية. الاعتبار الثاني: ان اللجنة الوطنية للاستئناف شرعت لنفسها وخلقت مجالا للاجتهاد لا يمكن لها التنازل عنه مستقبلا عند النظر في الطعون القادمة خصوصا وان كل جمعية ستتمسك بهذا المعطى وسوف تستشهد بمثل هذا القرار الذي ربما يكون مبدئيا وليس واقعيا في ظل اصرار اللجنة على حقها في النظر في ملابسات وظروف المخالفة رغماعن وضوح النص القانوني المنطبق. الاعتبار الثالث: ألا يعتبر قرار اللجنة الوطنية للاستئناف دعوة اكثر من ضمنية الى تنقيح النصوص القانونية الموجودة والمنطبقة ومطالبة بمجال اوسع للاجتهاد تكون مؤسسة الى سند قانوني. ان مجمل هذه الاعتبارات تجرنا الى دعوة اهل القرار الى مراجعة النصوص القانونية المنطبقة في المجال الرياضي وذلك بصياغة نصوص قانونية مسايرة لتطور الرياضة وكرة القدم خصوصا وانه لا سبيل الى كرة متطورة دون قانون واضح وصريح يحدد الاختصاص والحقوق والواجبات لكل المتدخلين في المجال الرياضي ان هذه الدعوة تتزامن مع اختتام الموسم الرياضي الذي كثرت فيه الاشكاليات القانونية من خلال التطبيقات المتعددة لقانون الكرة والذي طغت عليه التشكيات والاحتجاجات. ان قانون الكرة في حاجة للمراجعة الفعلية والعميقة من خلال مزيج بين اهل الاختصاص في الكرة وأهل اختصاص في القانون لنفسح المجال لكرة القانون حتى يستقيم حال قانون الكرة.