بدعم من المندوبية الجهوية للثقافة بتونس وبمشاركة اتحاد الممثلين والمعهد العالي للفن المسرحي انتظمت أمس بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة فعاليات تظاهرة «الشعب يريد مسرحا 2» وشهدت التظاهرة حضورا أمنيا مكثّفا تحسبا لإعادة سيناريو 26 مارس تظاهرة الشعب يريد مسرحا 1 عندما عمدت مجموعة من السلفيين إلى تعنيف بعض المسرحيين والفنانين أمام المسرح البلدي. افتتاح التظاهرة كان من خلال كرنفال الشارع وحمل عنوان «المسرح لمن أراد الحياة» وهو من إخراج حاتم دربال وإنتاج الجمعية التونسية لخريجي معاهد الفنون الدرامية والمعهد العالي للفن المسرحي والمسرح الوطني. وتميز العرض بحمل كل المشاركين فيه للشارة السوداء احتجاجا منهم على الاعتداءات التي طالت زميلهم المسرحي رجب مقري إثر الأحداث الأخيرة التي عرفتها مدينة الكاف. وفي تصريح ل«التونسية» أفادنا مخرج العرض أن الاعتداء على زميلهم كان فظيعا إذ خلف له ارتجاجا في الرأس وغيره من الأضرار، ووجه دربال أصابع الاتهام إلى السلفيين وقال في هذا الصدد: «هم أناس لا يؤمنون بالحوار ولا بالديمقراطية»، وعن مضمون عرضه الفرجوي الذي حمل اللونين الأبيض والأحمر لونا العلم الوطني - تحدّث دربال قائلا: «الإطار العام للعرض مستوحى من مسرحية «روميو وجوليات» لشكسبير ويتناول العرض قضية الخطيئة والجريمة والصراع الحاصل بين «عرشين» لكن في الأخير يتغلب العقل على الشقين، ليفهموا أن الحياة تتسع للجميع رغم اختلاف اللون والدين والفكر»، وهذا ما ترجمه أحد المسرحيين المشاركين في المسرحية عندما قال «من الليلة، الليل ليلنا الكل والسماء سماؤنا الكل». وعن مدى تطابق أحداث العرض خاصة الصراعات الفكرية ونزعة «العروشية» مع ما يحدث في مجتمعنا اليوم قال مخرج العمل: «صحيح هناك تطابق كبير بين النص المسرحي وبين الواقع السياسي، وكل ما نتمنّاه أن نحصد نفس المصير أي أن نؤمن جميعا بضرورة العيش تحت سقف واحد رغم ما يفرقنا من اختلافات». دموع منال عبد القوي في اختتام العرض الأوّل وعلى إيقاعات «الدبكة» اللبنانية اختلط المسرحيون ببعض المواطنين الذين كانوا يتابعون بشغف كافة العروض، هذا المشهد أثر كثيرا في المشرفة على تنظيم التظاهرة الممثلة منال عبد القوي ولم تتمالك نفسها عن البكاء، وحول مشاركتها في التظاهرة قالت عبد القوي: «المسرح لا يجمع فقط «العائلة» الفنية وإنّما يجمع شتات المجتمع، فالمسرحي لا يتحدّث عن همومه وإنّما يعكس مشاكل ومشاغل الشعب لهذا أردنا أن تكون هذه التظاهرة شعبية فرجوية يشارك في تأثيثها الجميع». تواصلت فعاليات التظاهرة خاصة بعد إطلاق «الصافرات» من قبل المشاركين استعدادا للعروض المسرحية وكان أوّلها عرض «المتمرّدون» لمجموعة من المسرحيين الهواة تلاه عرض مسرحية «سيّبني نحلم» بطولة فيصل الحبيب ورمزي الحمراوي إذ استعرض البطلان موهبتهما في فن التقليد كما قدما وصلات غنائية مشتركة لكلّ من صابر الرباعي وأم كلثوم ورضا القلعي. وخلال العرض التقينا بالممثل جمال المداني الذي برّر لنا غياب العديد من الوجوه المسرحية في مثل هذه التظاهرة بالتزاماتها المهنية خاصة وأنّ البعض منها كان يستعدّ لتقديم أعماله المسرحية مساء أمس، من ناحية أخرى أكّد لنا المداني أن تظاهرة «الشعب يريد مسرحا 2» لا تمثل تحدّيا للسلفيين وإنّما هي تعكس حاجة المجتمع إلى الفن والمسرح والسينما. هذا وتواصلت العروض المسرحية من خلال عرض مسرحي مدرسي حائز على جائزة العمل المتكامل من المندوبية الجهوية للتربية بمجاز الباب وحمل عنوان «يوميات تلميذ» تلاه عرض لمسرحية «سنجار» ثم «أنشودة الحياة» و«ثورة الموتى» للمعهد العالي للفن المسرحي. تغطية راوية السالمي صور شرف الدين