دخان في المنصف باي.. دخان في جندوبة.. دخان في مقر قناة الحوار.. دخان كثيف يحجب الرؤية.. ومنه تتسرب أخبار.. بل قرارات.. عزل 81 قاضيا.. تعيين عشرات السفراء الجدد في مختلف العواصم.. دخان في الديوانة.. ودخان يمر فوق البنك المركزي.. مؤسسة الرئاسة، تحرك مستشاروها وكتبوا مقالات نارية طالت الكل.. بدء بالحكومة وانتهاء بالقضاة.. الحكومة لم ترد.. الحكومة تفعل.. ولكن المشكلة لدى المتابعين هو أن القرارات لم تسبقها بوادر.. ولم يتم التعاطي معها من قبل الإعلام أو النخبة السياسية.. التعيينات على المؤسسات الكبرى وفي الدواوين والوزارات تنزل بالجملة.. وبشكل مقتضب.. وفي غالب الأحيان يكتفون بالاسم فقط ولا نعرف من أين أتى ولماذا؟ قد يكون هؤلاء أكفاء، لكن لا بد أن يعرف الرأي العام من هم.. وبقدر ما نتقدم في الزمن يزداد تسارع هذه القرارات.. هل كانت النقابة وجمعية النقابة على علم بالقرار.. وأن تحفظت الوزارة عن ذكر الأسماء في قائمة المقالين لعدم التشهير بهم فإن غدا قريب وسيعرفون.. وماذا عن التعيينات الدبلوماسية؟ هل كان أساسها الكفاءة والخبرة أم الولاء وحده؟.. هل سيكون نصيب الأسد للنهضة وقلة قليلة للشريكين في الترويكا.. وماذا عن الكفؤين دون تحزّب؟.. وعودة إلى الدخان الأسود الذي يحجب الرؤية.. إلى متى يخيم الخوف على هذا الشعب الذي تعب.. وهو يريد أن يفهم.. إلى أين نحن ماضون وماذا نحن فاعلون.. المجهول هو الخوف ولا بد من شفافية الخطاب وإيصال المعلومة الصحيحة.. نحن في حاجة إلى وضوح الرؤية حول القضايا المطروحة الآن سواء في الشارع أو في الاقتصاد أو التشغيل.. لضمان الاستقرار النفسي قبل الاستقرار السياسي.. لا يجب أن تعبأ الساحات العامة بقرارات مفاجئة لا تجيب عن أسئلته وإنما تخلق أسئلة أخرى أشد وأكثر تعقيدا.. السياسة لا تنجح إلا عندما تهيء أسبابها وتشرحها وتأنت لها بالحوار وحسن التبليغ.. وعندها يطمئن المواطن ويقتنع وإذا اقتنع صار شريكا في القرار وشريكا في إنجاحه..