عاشت تونس مؤخرا على وقع حظر التجول الذي فرضته وزارتا الداخلية والدفاع بسبب تردي الأوضاع الأمنية على خلفية وقوع أعمال شغب وتخريب أفضت إلى اندلاع مناوشات بين الأمن ومتظاهرين احتجاجا على احتواء معرض العبدلية بالمرسى لوحات اعتبروها مسيئة للاسلام. ولمزيد التعرف على ردود أفعال التونسيين ووجهات نظرهم تجاه هذا القرار الذي تزامن مع حلول فصل الصيف الذي يعتبر متنفسا للتونسيين للترويح عن أنفسهم التقت «التونسية» ثلة من المجتمع التونسي وأصحاب المحلات... فكان لنا الريبورتاج التالي: بدت آراء التونسيين متشابهة إلى حد التطابق وأجمعوا على أن قرار حظر التجول لا يستجيب إلى تطلعاتهم خاصة مع دخول فصل الصيف الذي ينتظره أصحاب المحلات التجارية والمطاعم... وفي هذا الإطار أعرب شمس الدين صاحب مقهى عن سخطه إثر صدور قرار حظر التجول وقال: «حظر التجول قطع أقسامنا» وأضاف أن العاملين بالمحل يشتغلون 4 ساعات فقط ومع ذلك فهو مطالب بتسديد رواتبهم كاملة كما أكد أن القرار ليس في محله نظرا لحساسة الظرف الآني لما يتميز به من نزعة سياحية تحتم على الجميع إظهار صورة ناصعة لبلادنا لإعطاء تطمينات للسياح قصد القدوم إلى تونس لتنشيط الدورة الاقتصادية التي تعتمد في أغلب الأحيان على السياحة خاصة في فصل الصيف، و من جانبه أفاد عم علي وهو صاحب مطعم أنه اتلف كميات كبيرة من الأطعمة و المواد الغذائية و العصير عقب صدور القرار الذي وصفه بالمفاجئ وهو الأمر الذي أيده حسين سائق تاكسي الذي قال إن قوت يومه أصبح مهددا نظرا لكونه يشتغل بالليل وأضاف أن بعض المواطنين وجدوا صعوبة كبيرة في التنقل إلى منازلهم عقب صدور القرار وقال إن معظمهم لم يجد وسيلة نقل تقلهم بسبب الازدحام الذي شهدته وسائل النقل العمومية والخاصة وأبرز صاحب حانة طلب عدم الإفصاح عن اسمه أن حظر التجول يقف عقبة أمام تحصيل قوت يومه بحكم نشاطه الليلي ... وصمة عار أعرب جلّ المواطنين الذين التقتهم «التونسية» عن انزعاجهم من فرض حظر التجول واعتبروه قرارا جائرا يقف حاجزا أمام التسلية و الترفيه بعد ساعات من العمل وأكد عدد منهم انهم ينتظرون فصل الصيف للترفيه عن أنفسهم والاستمتاع بأوقاتهم وإقامة السهرات الليلية والذهاب الى المسارح والمقاهي والمطاعم والتمتع بالبحر وفي هذا الإطار أكد مبارك أن القرار هو وصمة عار على جبين الثورة التونسية مضيفا أن تونس أعطت درسا لجميع البلدان في الديمقراطية وأكد أن سياح العالم أصبحوا ينظرون إلى تونس على أنها وكر للمجرمين والمشاغبين... وهو ما يجعلهم يقصدون بلدانا أخرى وكذلك الأمر بالنسبة إلى ليلى التي قالت إن حظر التجول غير أسلوب عيشها وجعلها تلازم البيت في ساعة مبكرة ويحرمها من الالتقاء بصديقاتها ودعت الحكومة إلى إيجاد حلول عاجلة لضمان أمن التونسيين ولإنقاذ الموسم السياحي الذي بدا مهددا أكثر من أي وقت مضى. أما مروى فقالت مبتسمة: «الناموس وحظر التجول ياسر علينا» معربة عن أملها في تحسن الوضع الأمني وعودة الاستقرار إلى المدن التونسية. أي مستقبل للسياحة؟ أكد السيد « لطفي المصباحي» مدير عام نزل «أفريكا» بالعاصمة أن مصطلح «حظر التجول» يثير الرعب في قلوب التونسيين وأضاف أن القرار يؤثر مباشرة على السياحة خاصة مع غياب الأمن والاستقرار وتساءل: «أي مستقبل للسياحة التونسية في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد؟» وأوضح المصباحي أن أنظار العالم تتجه إلى تونس هذه الأيام وأكد أن ما يجري في تونس لا يظل طي الكتمان و الاخفاء مؤكدا ان سياح العالم يراقبون المشهد التونسي وما يدور فيه من أحداث. وأعرب المصباحي عن أمله في أن تتوحد جميع الأطراف الوطنية لخدمة مصلحة البلاد وأضاف أنه لا ينتمي إلى أية جهة سياسية سوى حبه للوطن , ودعا إلى تطبيق القانون بصرامة على جميع المخالفين مهما كانت خلفياتهم السياسية و الفكرية . و قال المصباحي نحن مع الأمن ونقف إلى جانبه لفرض الاستقرار لكن حظر التجول لا يخدم السياحة مؤكدا أن السياح لن يطيقوا حبسهم داخل غرفهم في النزل, وستصيبهم حالة من الأرق و القلق تجعلهم يغادرون تراب الوطن باتجاه وجهات سياحية أخرى أكثر أمنا و استقرارا. مفاجأة كبرى و من جانبه أعرب السيد « عز الدين العجمي» صاحب مطعم سياحي عن تفاجئه عقب صدور قرار بفرض «حظر التجول» قائلا : «كنا نتصور أنه لا داعي لفرض حظر التجول خاصة في هذه الفترة التي تتميز بصبغتها السياحية...» و دعا العجمي كافة المسؤولين الى التصدي لمن أسماهم المخربين والمجرمين لفرض الأمن وإلغاء العمل بقرار حظر التجول في أسرع وقت ممكن الذي لا يتماشى مع مصالح العباد والبلاد. و بخصوص العمل داخل المطعم اكد العجمي ان المداخيل ضعيفة جدا نتيجة ما تعيشه البلاد من تدهور أمني خاصة بعد صدور قرار حظر التجول الذي زاد الطين بلة واضطر على إثره أهل القطاع إلى إغلاق المحلات وملازمة بيوتهم وهو ما لا يخدم مصلحتهم على اعتبار وجود التزامات مع البنوك. تعثر توزيع الخبز وأشار سمير وهو صاحب مخبزة إلى أن حظر التجول عطل عمليات توزيع الخبز التي من المفروض أن تنطلق في وقت مبكر من صباح كل يوم, وأضاف أن هذا القرار له تأثيرات سلبية نظرا لصعوبة إيصال الكميات المطلوبة من الخبز للمحلات وهو ما سيسبب نقصا في هذه المادة الغذائية الرئيسية. « ضربة قاضية للسياحة» أكد السيد « حبيب تستوري» رئيس جامعة الحرف والمهن التابعة للاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية أن قرار حظر التجول يمثل ضربة قاضية للقطاع السياحي نظرا لما حظي به من اهتمام إعلامي في الصحف الاجنبية وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على قدوم السياح للاصطياف في تونس سيما وأننا في ذروة الموسم السياحي مشيرا إلى أن هذا القرار قضى نهائيا على منظومة اقتصادية كاملة بدءا من باعة الياسمين في الشوارع مرورا بأصحاب المقاهي ومحلات الصناعات التقليدية ووكالات الأسفار وأصحاب سيارات الكراء وصولا إلى خزينة الدولة . من جهة أخرى قال رئيس جامعة الحرف والمهن إنه كان على الحكومة أن تتريث في إصدار القرار وأن تحاول احتواء الأمر بطريقة تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. كما أشار مصدرنا إلى أن قرار حظر التجول أغلق باب الاستثمار الأجنبي وحتى المحلي في تونس وهو ما سيعمق مشكلة البطالة وما ينجر عنها من ضغوطات على الحكومة لتفتح مرة أخرى الباب لمزيد من التوتر والاحتقان. وفي اتصال هاتفي أكدت المسؤولة عن المكتب الإعلامي للشركة التونسية للخطوط الجوية أنه لم يقع أي تغير على توقيت الرحلات في حين قال المكلف بالإعلام في ديوان الطيران المدني والمطارات أن أغلب المسافرين يحلون بالمطار قبل توقيت الرحلات بثلاث أو أربع ساعات أما بالنسبة للقادمين إلى تونس فهذا يبقى رهين تفهم عناصر الأمن والجيش وقد صنفت هذه الحالات في اغلبها ضمن الحالات الطارئة .