على ضوء التجاذبات السياسية التي تشهدها المنظومة القضائية وما أفرزته الجلسة العامة السنوية لنقابة القضاة وما خلفه موضوع الهيئة المؤقتة التي ستعوض المجلس الأعلى للقضاء وبعد إعفاء 82 قاضيا من مهامهم توجهت «التونسية» بمجموعة من الأسئلة إلى القاضي السابق مختار اليحياوي لمعرفة موقفه مما تشهده المنظومة القضائية من ظرفية صعبة وبعض المسائل الأخرى المتصلة بالشأن العام على غرار مبادرة السبسي والحراك السياسي في البلاد بصفة عامة. وقد أكد القاضي السابق مختار اليحياوي ان المقاربة التي تم اعتمادها في المنظومة القضائية مقاربة خاطئة بالأساس لأن القضاء هو سلطة في نهاية الأمر مشيرا إلى أنّ النظام الديمقراطي يقوم على فصل السلط وأننا اليوم أمام نظام بلا سلطة. وأضاف ان المنظومة القضائية تزخر بعدد كبير من القضاة المناضلين الذين يمثلون تيارا كبيرا ونواة السلطة القضائية إلا أنه تم وللأسف تهميشهم وعدم الاستئناس بخبرتهم. وحول تأخر سَنّ قانون الهيئة المؤقتة التي ستحل محل المجلس الأعلى للقضاء قال اليحياوي ان إقرار مشروع هيئة شكلية تحت وصاية السلطة التنفيذية جعل القضاة يصابون بصدمة وأضاف: «هي نفس الصدمة التي أشعر بها اليوم» . وفي ما يتعلق بالاشكاليات التي يعيشها السلك القضائي بعد إعفاء 82 قاضيا من مهامهم وما تتعرض له المنظومة القضائية يرى اليحياوي انه للخروج من هذا المأزق يجب التوافق مع جمعية القضاة التونسيين التي من الممكن ان تكون الطرف المباشر الذي يمثل القضاة ويخدم مصلحة البلاد واعتبر ان أية سلطة وجدت قبل أو بعد ثورة 14 جانفي هاجسها الوحيد هو الهيمنة على القضاة وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل عديدة وإخلالات متنوعة مثل الخلل الذي نعيشه اليوم في معالجة العدالة الانتقالية . وأشار اليحياوي إلى أننا نسير في نفس التمشي الذي انتهجه الرئيس المخلوع عندما كان المجلس الأعلى للقضاء هيكلا شكليا تحت وصاية السلطة التنفيذية وكان القضاة يمارسون مهامهم وإجتماعاتهم بتعليمات من رئيس الجمهورية، وقال: «في صورة استبدال المجلس الأعلى للقضاء بالهيئة فإن الهيئة يجب ان تكون مستقلة ومنتخبة ومتفرغة وتتمتع بموارد مالية ولها مقر وجهاز إداري ولها من الصلاحيات ما يمكنها من إدارة شؤون القضاة بشكل منتظم ومستمر .كما ان هذه الهيئة يجب أن تكون همزة الوصل بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية. وفي ما يتعلق بمبادرة السبسي حذر اليحياوي من عودة ما أسماه «العصابة التجمعية» من جديد والتي لم تقبل السلطة الحالية وأضاف أن هذه المبادرة ليس لها أي مستقبل سياسي لأنها تضم وجوها تجمعية تطمح لإعتلاء السلطة ودعا إلى تطبيق قانون الإقصاء وعزل التجمعيين عن الحياة السياسية ورأى في ذلك ضرورة خاصة في مثل هذا الوضع والظرف . وعن تقييمه للمشهد السياسي الحالي قال اليحياوي «اننا نعيش مرحلة انتقالية ولا بد أن نقبل باللعبة الديمقراطية والنتائج التي أفضت إليها إنتخابات 23 أكتوبر ولكن رغم نجاح الحكومة في بعض المسائل فإنها اخفقت في أخرى لذلك لا بد من توسيع دائرة الشرعية حولها لكن بقي المطلب الوحيد هو ان تحدد الحكومة فترة بقائها بتاريخ رسمي».