تسليم المحمودي أصاب الرئيس بصدمة (الناطق الرسمي باسمه)، لا لا بل هي «طعنة في الظهر» لكن ستبقى «الترويكا» متماسكة (مدير ديوانه)..، من حق الرئيس أن يغضب ولكن لا للتهويل (المعطر من حزب الرئيس وصاحب نظرية وزارة التشغيل ليس لها دور التشغيل)، قانونيا من حق الحكومة تسليم البغدادي إلى طرابلس (رئيس حزب الرئيس)، الشارع يقول أن السبب في ما حصل هو الرئيس وتحديدا المرزوقي، محترفو السياسة يسألونه أين أنت يا حقوقي؟ حزبه (و إن باستحياء)و الشارع والساسة قد انقلبوا عليه وهاجوا وماجوا مع أنه ما كان ليتعرض لربع هذا السيل من النقد لو كان أمضى وسَلَّم لِيَسْلَم! و بعيدا عن لعبة الصلاحيات والمبيحات والمحظورات أو كما قال وزير العدل «الحلال بيّن والحرام بيّن» في تفسيره لتسليم وزير القذافي!، لماذا أصبح الرئيس عندكم مثل لحمة «الكرومة»، «تاكلها بالهناء الحكومة وتسيّبها مذمومة»؟ ،لا أحد التفت إلى صاحب قرار موعد التسليم. لماذا لا أحد تساءل كيف يمكن أن تحدث ممارسات خلناها مضت مع النظام السابق : مباراة كرة قدم حامية الوطيس تخفي وراء الاهتمام بها زيادة في الأسعار وثقبا جديدا لجيب المواطن التعيس. نفس السيناريو، الأحد 24 جوان العطلة الأسبوعية والناس يقضون حوائجهم ويتابعون نتائج الانتخابات المصرية. يُسلَّم المحمودي صباحا، تعلن وكالات أجنبية عن الخبر أما الوطنية فلها الله! هواتف أعضاء الحكومة مغلقة وأخيرا بيان حكومي في العشية وإعلام الرئاسة الرابعة مساء... هكذا التوافق أو لا يكون! ليست الخطورة في تسليم المحمودي من عدمه بل في الاستنتاج الأهم: لا تحالفات سياسية استراتيجية راشدة ولا هم يحزنون، ولا قيم جديدة تؤسس للمؤسسات الحق، فأن تجلس «الترويكا» يوم الجمعة دون التطرق للموضوع ثم يفاجئ طرف منها بأحداث الأحد دليل على أن التوافق ما دام في صالح طرف ما فهو ملتزم به أما إذا تعارض مع مواقفه فهو غير ملزم «يا أنا أو لا أحد». وعليه فإن انعدام الثقة في الشراكات السياسية حتى وإن تواصلت «الترويكا» لن يكون إلا إعادة لمشهد سياسي قديم عماده الحزبية المفرطة واستعراض القوة وفرض الأمر الواقع . الغريب أننا مازلنا في مرحلة تأسيسية هشة تفترض إعطاء إشارات أمل للمواطن العادي لاستعادة ثقته في النخب السياسية وخاصة الاعتقاد في أخلاقية العمل السياسي بعد الثورة. أما أنت يا سي عتيق القائل بأن المسألة الحقوقية تصبح ثانوية أمام المصلحة الوطنية العليا فنذكرك بأن بن علي كان يقول نفس الكلام لتبرير قمعه لمعارضيه ولو جارته الدول في كلامه لما رأينا بعضكم في الحكم لأنه كان يغطي جرائمه بقضايا حق عام. والآن وقد حدث ما حدث فإن التوجه للمجلس التأسيسي يعتبر خطوة متأخرة كان من المفروض المرور بها قبل التسليم لا بعده. ولعلّ إدراك الحكومة لهذه الامكانية قبل التسليم هو الذي قادها إلى القيام «بعملها التقني والاداري» كما تقول يوم الأحد ودون إعلام الرئيس ولا أطراف الترويكا .يحدث هذا في مرحلة تأسيسية فماذا إذن سيحدث حين ننتقل إلى شرعية دائمة؟