بعد مرور أكثر من ستة أشهر على إصادر المرسومين 115-2011 و116-2011 بشأن الصحافة والقطاع الإعلامي على التوالي، وبالرغم من النداءات المتكررة التي أطلقتها عدة جمعيات من المجتمع المدني، والهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال (INRIC)، النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والعديد من المنظمات المضطلعة بالدفاع عن حرية الإعلام، بما في ذلك «مراسلون بلا حدود»، فإنهما لم يطبقا بعد. وقد أعربت الحكومة عن رغبتها في تعديل المرسومين الجديدين قبل تطبيقهما فنظمت، في 27 و28 أفريل الماضيين استشارة وطنية حول الإطار القانوني لقطاع الإعلام في تونس. ولكن هذا الاستفتاء لم يؤد إلى أي اقتراح أو إلى اتخاذ قرارات ملموسة. لقد توقفت حركة الإصلاح التي بدأت مباشرة غداة الثورة. ولا شك في أن عدم تنفيذ المرسومين يعرقل مسار تجديد المشهد الإعلامي السمعي البصري، ويمنع ظهور تعددية إعلامية حقيقية في هذا البلد. بالإضافة إلى ذلك، يسود فراغ قانوني خطير كفيل بأن يهدد حرية الصحافة، فيما يستمر القضاة في استخدام المجلة الجنائية لتكميم أفواه الإعلاميين، ولا سيما الفقرة (3) من المادة 121 من المجلة الجنائية التي تعاقب «انتهاك الآداب العامة». وفي ظل غياب التشريعات التي تحكم الانترنت، يبقى اللجوء إلى المجلة الجنائية منهجيا للحكم على الكتابات المنشورة على الانترنت. في هذا الإطار، أعلنت «مراسلون بلا حدود» أن الاضطرابات التي أعقبت الهجوم على قصر العبدلية في المرسى، «عززت قلقنا إزاء فرض رقابة دينية دائمة في تونس، مستنكرة ظلم المحاكمة وعواقبها المحتملة على مستقبل حرية الصحافة في البلاد». وأضافت المنظمة: «لا يمكن لعقوبة فادحة بهذا القدر سوى أن تشجع عودة الرقابة الذاتية ومنذ بدء محاكمة «نسمة» وسجن نصر الدين بن سعيدة، مدير «التونسية»، ترتفع خطورة العقوبات في القضايا المتعلقة بالأخلاق. ويعتبر غياب التكافؤ بين الأحكام وانعدام الأمن الذي يتعرض له الإعلاميون علامات مثيرة للقلق بالنسبة إلى المستقبل». في موازاة القضايا، يستهدف الصحافيون بأعمال العنف في جو من الإفلات التام من العقاب. وبحجة الإخلال بالآداب أو الدين، يهاجم الإعلاميون باستمرار من أعضاء الحركات الإسلامية والسلفية. وفي هذا السياق، تدعو «مراسلون بلا حدود» السلطات التونسية إلى التعامل بكل حزم مع المعتدين، بغض النظر عن هويتهم وخطابهم، وتذكير الجميع بأنه ما من شيء قد يبرر العنف الممارس لأنه يجب ضمان حرية التعبير وحرية الحصول على المعلومات وحمايتهما في تونس في عهد ما بعد بن علي.