التونسية ( مكتب الجنوب الغربي ) على ضفاف أكبر صحاري العالم (الصحراء الكبرى) وحذو أكثر مناطق البلاد انبساطا (شط الجريد) تنتشر بجنوب تونس الغربي مجموعة من الواحات الخلابة حول مجموعة من ينابيع المياه الطبيعية وسط كثبان رملية تضفي عليها أشعة الشمس عند شروقها وغروبها ألوانا ذهبية جذابة وتصبغها الحرارة المستمرة على طول السنة بطابع يجعل منها قبلة أعداد غفيرة من السياح من مختلف أصقاع العالم. ركود واضح إلا أن المتأمل في وضعية السياحة الصحراوية بالجريد يلاحظ انطلاقة طيبة لهذا القطاع في الستينات وركودا واضحا منذ منتصف السبعينات. ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى اختلال واضح متزايد بين تطور السياحة الساحلية في تونس وتطور السياحة الصحراوية التي ظلت تفتقر إلى التجهيزات الهيكلية الأساسية من طرقات سياحية ونزل متعددة الخدمات ووكالات أسفار وحملات دعائية منتظمة ومفيدة حتى أن السائح في هذه الربوع قد يعجز عن مناجاة الكثبان الرملية المتناثرة لعدم توفر الطرقات المعبدة المؤدية لها. وقد لا تتاح له فرصة الإقامة داخل شط الجريد والتمتع بالسراب الذي طالما سمع عنه. بل وقد لا يتسنى له برمجة رحلات استطلاعية انطلاقا من منطقة الجريد وبالتالي فإن إقامة السائح بالجريد تظل محدودة زمنيا إن لم نقل تقتصر على العبور السريع الذي لا يتجاوز الليلة أو الليلتين في أقصى الحالات لاسيما أن نشاط المطار الذي كان حلما يراود الجميع ظل محدودا. ارتباط وتظل المنطقة مرتبطة عضويا بمناطق سياحية أخرى (سوسة – جربة – الحمامات...) وتابعة في سياحتها إلى المناطق السياحية الأم إن صح التعبير وهذا من شأنه أن يفقد المنطقة إشعاعها ويجعل منها عربة مجرورة لا غير. ونتيجة لهذا الاختلال الواضح والمتزايد يعيش النشاط السياحي الصحراوي ذوبانا في صلب السياحة الساحلية وينعكس ذلك على مستوى الأنشطة الهامشية للسياحة مثل الصناعات التقليدية التي أخذت في الاندثار والتراجع جرّاء تناقص عدد السياح وعدم إقبالهم عليها إلى جانب تراجع عدد الرحلات المحلية على ظهور الجمال أو الأحمرة بالمقارنة مع السبعينات. نهاية مطاف ونتيجة لهذا الاختلال أيضا تبقى منطقة الجريد «نهاية مطاف» ومنطقة عبور يغلب فيها عدد الواصلين إليها على عدد المقيمين فيها ويبقى فيها القطاع السياحي موسميا ضحلا لا يتعدى حدود النشاط الهامشي الثانوي ويستوجب وقفة تأمل حقيقية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة وتسعى إلى تركيز هياكل تحتية في مستوى ما يتوفر بالمنطقة من إطار طبيعي وبشري: طرقات تغطي كامل المناطق السياحية – وكالة أسفار محلية وجهوية – نزل – تنشيط المطار – الدعاية) حتى نبوّىء السياحة الصحراوية المكانة التي تليق بها. لا غنى عنها فالسياحة اليوم هي ثاني ركائز الاقتصاد بالجهة بعد فلاحة النخيل حيث شيدت النزل الفخمة في كل من توزر ونفطة وتم بناء مطار دولي لتنشيط الحركة الداخلية والخارجية وتم تركيز بعض المرافق الأساسية إلا أنها ليست كفيلة بإنجاح هذا القطاع مادامت طاقة الاستيعاب ضئيلة وضئيلة جدا حيث لا تتعدى في جميع الحالات 6300 سريرا. ورغم ذلك فإن السياحة أصبحت صناعة جهوية لا غنى عنها في الدورة الاقتصادية الجهوية ومصدر رزق لكثير من العائلات وأصبح السائح جزءا من الحياة اليومية لمتساكني هذه المنطقة غير أن المتتبع العادي للحركة السياحية للجهة يلاحظ أنها تنشط في فصل الخريف لتموت أو تكاد ما تبقى من السنة.