أثارت الرسالة التي توجّه بها رئيس الدولة المنصف المرزوقي لموقع «الجزيرة. نت» والتي حملت عنوان «تونس... إلى أين ؟» عديد الردود خاصة أن البعض اعتبرها موجهة ل«النخبة» ورأى آخرون أنها لا تجيب عن التساؤلات الجوهرية التي كانت طرحتها الأحزاب ورجال السياسة وحتى الشارع التونسي حول الأوضاع الحالية في تونس والتجاذبات الأخيرة بين الرئاسة والحكومة والإختلاف حول إقالة محافظ البنك المركزي أو توقيت تسليم البغدادي المحمودي. كما لم يخف كثيرون «خيبة» أملهم مما ورد في هذه الرسالة لأنهم كانوا ينتظرون «خطابا» مطمئنا من رئيس الدولة لا تساؤلات ورسالة زادتهم حيرة على حيرة، كما قالوا. «التونسية» استقصت ردود بعض الأحزاب وكيف تفاعل أصحابها مع مضامين هذه الرسالة. فوجئ إسكندر الرقيق رئيس المكتب السياسي لحزب «الأمان» باختيار الرئيس نشر هذه الرسالة في موقع «الجزيرة .نت» وقال: «عنوان الرسالة خطأ وتوقيت نشرها خطأ فالمرزوقي لا زال يتصرف وكأنه مناضل سياسي لا رئيس دولة فجميعنا يعرف انه كان يكتب لموقع «الجزيرة» وشخصيا كانت تعجبني كتاباته لكن ان يتوجه بهذه الرسالة لموقع «الجزيرة» فهذا قمة الاستهزاء بذكاء الشعب التونسي! لقد كان عليه نشرها في موقع رسمي كوكالة تونس إفريقيا للأنباء، لا على موقع أجنبي». وأضاف: «كان الأجدر بالمرزوقي توجيه «كلمة « للشعب لأن من حق الشعب التونسي عليه الحصول على إجابات حول الوضع الحالي و«تذبذب» المواقف حول إقالة محافظ البنك المركزي وليس تشخيص وضع نعرفه وكلام نعرفه والحديث بطريقة «فلسفية» موجهة فقط للنخبة. لقد كنا ننتظر تحليل وتشخيص الوضع والخطوات العملية لتحقيق الاستقرار والتوافق». وأضاف الرقيق: «هذا الخطاب محبط وهو مختلف عن اللقاء الذي جمعنا به مؤخرا حيث لمسنا خلاله الصدق والعزم على تجاوز الأزمة وقدمنا مقترحاتنا بأن يتواصل مع الشعب بصفة دورية... صحيح أن صلاحياته محدودة وقبل برئاسة قبل تحديد «الصلاحيات» ولكن ما دام قبل بقواعد اللعبة عليه «التواصل» مع الشعب فلا يعني ظهوره بالبرنس ثم بمظلة أن ذلك كفيل بتقريبه من الناس». واضاف: «سبق وطلبنا من المرزوقي التوجه بخطاب وإطلاع الناس على حقيقة الوضع في البلاد وهو ما يحصل في الدول المتقدمة فهل يعقل ألاّ يدخل الرئيس المجلس التأسيسي ولا يتواصل مع النواب منذ تنصيبه رئيسا ؟». وقال الرقيق: «ان الرئيس تمخض.. فنشر رسالة». أمّا بوجمعة الرميلي عضو الهيئة المؤسسة لحركة «نداء تونس» فقال ان توجيه رسالة إلى وسيلة إعلامية عربية للتخاطب مع الشعب التونسي مسألة محيرة وتبعث فعلا على الاستغراب. وقال: «شعرنا من خلال هذه الرسالة وكأن المرزوقي في المعارضة. ففي حديثه عن الأزمة والمشاكل يبدو وكأنه ليس في نفس الفريق الحاكم وكان الأجدى به الحديث عن الأسباب التي أدت لعدم النجاح وتكون الأجوبة مقنعة وتزيح الغموض عن الصورة التي قدمتها حاليا «الترويكا» وما يكتنفها من تضارب وإرتباك. وقال الرميلي : «ما حدث من تضارب في التصريحات أمر خطير وله إنعكاسات على البلاد ولذلك نادينا بالحوار الجدّي لتلافي المشاكل المطروحة وتقديم حلول متصلة بالشأن الإقتصادي لأن أوضاع الإقتصاد خطيرة وأيضا الأوضاع الإجتماعية خطيرة وكذلك الشأن بالنسبة للإعلام والقضاء». واضاف: «كرئيس عليه تقديم حلول لا تساؤلات وحديثه عن الإتحاد المغاربي لا يستقيم لأن المسألة لن تحل بعصا سحرية فالاتحاد مسألة صعبة ومعقدة جدا وموقف الجزائر جعلنا في موقف محرج وأعطى صورة سلبية عن تونس لأن مثل هذه القرارات لا تكون إرتجالية». واعتبر بوجمعة ان هذه الرسالة نوع من التنصل من المسؤولية ولكن الشعب عند المحاسبة سيحاسب «الثلاثي الحاكم» ولن يستثني أحدا. وقال «كنا ننتظر خطابا للمرزوقي على القناة الوطنية يكون واضحا ويتحدث عن حلول لا تحاليل». واعتبر علي الجلولي القيادي في حزب العمال الشيوعي ان رئيس الدولة ومن حيث الشكل كان من المفروض ان يخاطب الشعب مباشرة وبصفة دورية ومنتظمة وليس برسالة وهو ما يحصل في أغلب النظم الديمقراطية.. وقال الجلّولي «من حيث المضمون فإن أعين التونسيين متجهة نحو الأحداث والصراع حول الصلاحيات بين الحكومة والرئاسة وعديد القضايا مثل تسليم البغدادي المحمودي وإقالة محافظ البنك المركزي واستقالة محمد عبّو من مهامه وكلها مواضيع شدت إنتباه الرأي العام في المدة الأخيرة». ورأى الجلولي أن إعلام التونسيين بوجود خطاب ثم إلغاءه في مرة أولى وثانية... مسائل أرجعتنا للتذبذب وغذت الإشاعة. وقال : «تم التطرق للأزمة بصفة عامة ولم يتم الحديث عن الأزمة الفعلية بين الرئاسة والحكومة». وأضاف : «من حيث المحتوى إن هذه الرسالة أقرب منها إلى التأملات الفكرية والفلسفية وهي لا تهم النسبة الغالبة من الشعب بإستثناء النقاط الأخيرة من حيث حديثه عن مقاومة الفقر وجدولة ديون تونس». وتساءل الجلولي: «ما المقصود بهذه المقترحات؟ هل هي تمهيد لحملة إنتخابية مبكرة ؟ فإن كانت مقترحات قابلة للتطبيق فلماذا لا يأذن الرئيس بتطبيقها بحكم كونه رئيس الدولة ؟». وقال: «لقد مرت هذه الرسالة مرور الكرام ولم ننتبه لوجودها ومن المفارقات ان يتم الحديث في كل شيء ما عدا الأزمة الحقيقية وهذا على حساب القضايا الأساسية ف«الترويكا» لازالت تصرّ على انه لا وجود لأزمة تماما كمثلنا الشعبي «العزوزة هازها الواد وهي تقول العام صابة». وقال محمد براهمي المنسق العام لحركة الشعب «إن الرئيس عندما إستقبلنا وإستقبل الأحزاب كان يتكلم على أساس «إلقاء» خطاب وتقريبا كان محتوى الرسالة هو نفس مضمون الخطاب والذي إختار نشره في شكل رسالة». وأضاف : «الرئيس تحدث عن أزمة وهناك فعلا أزمة في البلاد ورهانات بين قوى تريد أن يستمر الوضع على ما هو عليه وقوى سياسية وإقتصادية لها مصالح «جيو سياسية». وقال : «أعتقد ان المرزوقي يضع نفسه ضمن القوى المنتصرة لقيم كالحق والعدل والكرامة... صحيح ان الثورة قامت من أجل العدالة وقامت ايضا من اجل الديمقراطية فالشعار المرفوع في سيدي بوزيد كان «التشغيل إستحقاق يا عصابة السراق» والثورة كانت سياسية وإجتماعية لكن لا يمكن الحديث عن ذلك دون الحديث عن حريات فردية وعامة». وقال «حديث المرزوقي عن الوحدة المغاربية لم يفاجئنا فقد سبق ودعا المرزوقي للوحدة العربية وهذا الكلام لا ينكره أحد وكنا نتمنى ان تكون هذه الدعوة ثمرة جهد وعمل مشترك لا فقط في المغرب العربي بل من المحيط إلى الخليج وان تكون المعاملة بالمثل، ساعتها ستكون المبادرة أفضل وأجمل».