ظاهرة خطيرة تفشت منذ سنوات بربوع الجريد لاسيما بمدينة توزر بدايتها كانت سرية تعلقت بإقدام بعض الأجانب على شراء عقارات بالمدينة العتيقة «أولاد الهادف» وراجت أخبار وقتها مفادها أنهم جاؤوا تحت غطاء الاستثمار الخاص. لكن بعض الألسن قالت أنهم اقتنوا هذه العقارات لاستعادة أملاك الأجداد حيث كانت عديد العائلات من جنسيات مختلفة قد استوطنت خصوصا بالمدينة العتيقة ولا سيما بزنقة سيدي علي بن طالب. ثم ما لبثت أن أصبحت هذه الظاهرة شيئا مألوفا وعاديا لتعدد عمليات التفريط في الممتلكات بالنسبة لبعض متساكني المدينة العتيقة. وقد شملت هذه الظاهرة أيضا المستغلات الفلاحية. ولئن بادر هؤلاء الأجانب بتوفير فرص شغل لأبناء الجهة فإن ما يخشاه العديد من المتساكنين هو طمس هذا المعلم المعماري وتحويله إلى معمار دخيل على عادات المنطقة باعتبار أن «أولاد الهادف» تتميّز بطابع معماري شيد بالآجر المحلي ويؤمها مئات السياح يوميا للتعرف والإطلاع على هذا المعلم المعماري (المدينة العتيقة) ويخشى الجميع من أن يتخوصص هذا الإرث المعماري أمام الإغراءات التي يقدمها الأجانب لمالكي بعض الأحواش والذين يفرطون في محلاتهم السكنية بأسعار خيالية ويلجؤون إلى الكراء أو بناء منازل جديدة خارج المدينة العتيقة. بين مؤيد ورافض وتجدر الإشارة إلى أنه تم بناء المدينة العتيقة منذ أكثر من 6 قرون مضت وتعتبر بذلك الذاكرة الشعبية لربوع الجريد وهي بذلك ثاني أقدم الأحياء الشعبية بمدينة توزر ولها مكانة خاصة تاريخية ومعمارية وهي الرئة التي يتنفس بها القطاع السياحي وهي شذى الماضي وعطر الحاضر: لذلك حظيت ظاهرة التفريط في بعض المحلات السكنية أو الخرب التي أقدم أصحابها بعد شرائها على تحويلها إلى مشاريع سياحية بتأييد من عدد المتساكنين لكونها توفر مواطن شغل إضافية في حين أبدى البعض رفضه التام لمثل هذه الظاهرة خوفا من تحوّل المدينة العتيقة إلى ملك للأجانب بتعلة الاستثمار الخاص. أسعار خيالية وتفريط في التراث بالرجوع إلى عدد المباني أو الخرب التي تم التفريط فيها لفائدة الأجانب يشار إلى أن حوالي 25 مواطنا تقدموا بمطالب رخص تخول لهم إتمام مثل هذه العمليات وقد حظي 17 منها بالموافقة كما يشار إلى أن 12 رخصة تم تسليمها و5 ملفات لم يتم تنفيذها جراء تراجع أصحابها عن إتمام الصفقة رغم الموافقة التي حظيت بها من المصالح المعنية كما أن هناك 8 عمليات تنتظر الموافقة أمّا عن الجنسيات التي أصبح أصحابها يملكون عقارات بالمدينة العتيقة فأغلبها فرنسية وإيطالية وكل هذه الرخص خاضعة لأوامر ومراسيم ومناشير وقوانين منظمة لها منها ماهو مؤرخ سنة 57 ومراسيم تعود تاريخها إلى 77 وقانون صادر سنة 2005 وكلها تتعلق بالعمليات العقارية وتنصّ كل هذه القوانين على أحقية وأولوية الدولة في اقتناء مثل هذه العقارات وعلى هذا الأساس تتولى الجهة في مثل هذه الحالات التنسيق مع عديد المصالح أو الوزارات التابعة لها على غرار البلدية أو السياحة أو الثقافة أو أملاك الدولة قبل إحالة أي ملف للتفويت في أي عقار. لكن المؤسف أن هذه المصالح لم تبد رغبتها في اقتناء مثل هذه العقارات لتوظيفها في مجالات متعددة أو التخلص من معضلة الكراء حيث أن العديد من المصالح الجهوية ترزح تحت وطأة الكراء وخصوصا المصالح الصحية. فباستثناء دار بن عزوز التي اقتنتها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث منذ سنوات وبقيت مغلقة دون استغلالها في الشأن الثقافي إلا بصفة ظرفية فإن المصالح الأخرى لازمت الصمت ليتم التفريط في أجزاء هامة من المدينة العتيقة للأجانب بأسعار خيالية. إلى ذلك يذكر أن ظاهرة بيع العقارات للأجانب أنعشت عمليات السمسرة وتبعا لذلك اقتنى أحد المتساكنين محلا متداعيا للسقوط بمبلغ 7 آلاف دينار ليفرط فيه بعد ذلك إلى أجنبي بأكثر من 140 ألف دينار والأمثلة في هذا المجال عديدة حيث يشار إلى أن أحد الأحواش لا يفوق ثمنه 20 ألف دينار أقدم أحد الأجانب على شرائه ب120 ألف دينار وتعطّلت بعض العمليات الأخرى بسبب تشتت الملكية.