لم يعد نشاط السياحة الصحراوية مقتصرا على فصلي الشتاء والخريف بل يشهد هذا القطاع حركية دؤوبة على مدار السنة لاسيما في فصل الصيف الذي كانت الحركة خلاله تركد أو تكاد. فالسائح لم يعد يخشى ارتفاع درجات الحرارة بل أصبحت عنده رغبة في زيارة الجريد في ظل المرافق العصرية التي تتوفر عليها الوحدات الفندقية بالجهة والسيارات الميدانية المكيفة وغيرها من المرافق الأخرى جعلت السائح يقبل على استكشاف خصوصيات المنتوج السياحي الصحراوي في كل الفصول وهو ما انعكس إيجابيا على الدورة الاقتصادية والمسيرة التنموية بولاية توزر وشهر رمضان هو الآخر بات يساهم في توافد العديد من السياح على ربوع الجريد وغايتهم التعرف على عادات وتقاليد الجهة في هذا الشهر المبارك لتذوق الأكلات الشعبية ومعايشة الأجواء الرمضانية والسهرات التنشيطية حتى أن العديد منهم أصبحوا يزورون توزر ونفطة خصوصا خلال شهر الصيام ولو أن عدد الوافدين قد شهد تراجعا ملحوظا خلال الثلاث سنوات الأخيرة مقارنة بالسنوات الفارطة. البريك والكسكسي في المقام الأول ففي الشهر الذي يقاطع فيه الصائم الملعقة والشوكة نهارا ليعود إليها عند الإفطار يعتبر استثناء وتضحية بالنسبة للسياح الذين يزورون الجريد لأول مرة رغم علمهم بأن للمسلمين شهرا يمسكون خلاله عن الشرب والأكل نهارا إلا أن الفضول جعلهم يتحولون بين ظهرانينا لمعايشة أجواء هذا الشهر حتى أن البعض ممن تعودوا على المجيء والإقامة بالجهة يحاولون الصوم بعد أن تأكدوا من فوائده الصحية فكانت للبعض تجربة مفيدة جدا وللبعض الآخر شاقة لعدم القدرة على مواصلة الصيام يوما كاملا كما يشد السائح لزيارة بلادنا تنوع الأطعمة التي غالبا ما يقبل عليها الأجنبي بكل شراهة فالخدمات الجيدة المقدمة من قبل أعوان الفنادق والنزل هي الأخرى كفيلة بجلب السياح واستقطاب اهتمامهم وإغرائهم بالرجوع وهو ما يساهم بشكل أو بآخر في دفع عجلة التطور بالنسبة إلى القطاع السياحي. وعن سؤال توجهنا به إلى رئيس مطعم بأحد النزل حول الأطباق التي يقبل عليها السائح أجابنا بأن الأطعمة المطلوبة في المقام الأول هي الكسكسي بمختلف أنواعه ثم البريك وأضاف محدثنا قائلا: البعض من السياح يطلب منا الكشف عن طريقة طبخ أكلة أعجبته ويلح على تدوين مكوناتها فنمده بذلك وغالبا ما يتعلق الأمر بكيفية إعداد الكسكسي أو المطبقة. الليل أغراهم بالخروج كل سنة وتونس أجمل وكل سنة والأجواء الرمضانية تتطور وليالي رمضان تشجع على الخروج ليلا ومعايشة هذه الأجواء والتأقلم معها هذا ما أكده عدد من السياح الفرنسيين العائدين إلى تونس لاسيما توزر للاستمتاع بهذه الأجواء وخصوصا فترة ما قبل الإعلان عن الإفطار ودوي المدفع فزيارة المدينة العتيقة واستنشاق روائح المأكولات التي تنبعث من المنازل تنعش القلوب وتسيل اللعاب ففي تلك اللحظات يود الانسان أن يطرق باب منزل ما ويستأذن بتذوق تلك الأكلات الشعبية كما أن أجواء الأسواق المنتصبة خلال رمضان تجعل السائح يشعر بأنه يستهلك منتوجا فريدا من نوعه خاصة وأن مدينة توزر تعيش حركية تجارية هامة وكل شيء يلفت الانتباه في سوق رمضان ومن ذلك أنواع الخبز ولحم الرأس والفول والغلال بجميع أنواعها وغيرها من المواد الأخرى التي يقبل عليها الصائم ليشهد الفضاء اكتظاظا ملحوظا يقول عنه بعض السياح أنه مشهد جميل يخول لنا الاحتكاك بعادات وتقاليد الجهة تجاريا وأكد العديد منهم أنهم يفضلون التجوال بالأسواق والجلوس بالمقاهي الشعبية لشرب الشاي الأخضر ومتابعة ما تقدمه الفرق الصوفية والفلكلورية من لوحات تشد إليها الانتباه وترغم السائح على مغادرة النزل والتأقلم مع هذه الأجواء. شعب مضياف ومنتوج سياحي متنوع وقد حاولنا في هذا الطرح رصد انطباعات بعض السياح الوافدين على الجهة حول المنتوج السياحي الصحراوي وتقول السيدة لوزير في هذا الإطار: «هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها تونس فقد كنت أحمل صورة ممتازة عنها من خلال ما علمته من بعض صديقاتي اللاتي زرن توزر وقبلي وجربة والحمامات وقد تدعمت هذه الصورة بعد إقامتي بهذه المناطق وأعجبتني رحابة صدر المواطنين والأجواء الرمضانية المتنوعة وأبهرني الطابع المعماري للمدينة العتيقة بتوزر» أما فيليب الذي زار بلادنا ثلاث مرات فيرى أن جهة توزر تتطور نحو الأفضل من زيارة لأخرى إذ كان يعتقد أنه بلد صحراوي وفقير وشعبه منغلق لكنه فوجئ بكونه بلد عصري وشعبه متفتح كذلك السيدة دومينيك التي تزور البلاد لأول مرة تقول أن الصورة اكتملت لديها عن هذا البلد في هذه الزيارة وأجمل ما لاحظته طيبة أهله واستعدادهم التلقائي لتقديم الخدمات لكل زائر وهذا الدفء في المجتمع التونسي مفقود في وقتنا الحاضر أو يكاد وأضافت أنها استمتعت بسحر الواحات الجبلية والشلالات وكثبان الرمال بنفطة كما زارت شط الجريد وانبهرت بسرابه وتجولت على «الكاليس» بواحة توزر ولم تنس زيارة عنق الجمل.