أكد شكري بلعيد، في مداخلة أمس الأول بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد، أن ما حدث في تونس منذ 15 جانفي 2011 هو تغيير حكومة وليس تغيير حكم، مشيرا إلى أنها كانت بقيادة «التجمع» فأصبحت بزعامة حركة «النهضة». وهما يمثلان والكلام له «التحالف الرجعي الطبقي العميل المعادي للوطن والشعب» مضيفا أن «النهضة» لم تتمكن من التحكم في الوضع إلى الآن لأن الحراك الشعبي ما زال مستمرا، ملاحظا أن العنف الكبير الذي واجهت به مظاهرة الخميس في سيدي بوزيد دليل على حسن قراءة النهضة للواقع. فهي تعرف أن التراكمات التي تحدث الآن ستؤدي إلى موجة ثورية ثانية، فالموجة الأولى أسقطت الدكتاتورية السابقة دون أن تنتصر في تقديم بديل للشعب بما عجلت بالتفاف قوى اليمين على المسار الثوري. وأضاف شكري أن «النهضة» تدرك وجود استنهاض وحراك شعبي في الجهات التي انتفضت سابقا لذلك كان قمع الحكومة لمظاهرة سيدي بوزيد السلمية كبيرا ومدروسا ورمزيا لتكسير الموجة الثورية الثانية التي قال عنها أنها معركة وطنية لابد من تعميمها. وفي هذا الصدد أعلن أن الجبهة التقدمية التي سيتم الإعلان عنها هذا الأحد ستعتبر أن أول أولوياتها تأطير النضال وتسليح الشعب بالبرامج والأدوات. واستطرد بلعيد في الحديث قائلا أن «الدكتاتورية الجديدة تختفي بتخبطها وراء الشرعية ولكن الشارع لم يقتنع بها ومازال يعتبر نفسه المصدر الوحيد للشرعية ما لم ير تماثلا بين البرامج والانجازات مع أهداف الثورة». وقال حرفيا «هذه الحكومة تتبنى بالكامل ميزانية حكومة السبسي التي كرست الاستغلال والتفقير وهيمنة القوى الأجنبية على طاقات البلاد، الثورة المضادة كشرت عن أنيابها ونحن مستعدون للامتحان». واعتبر بلعيد أن من حق الناس التنظم داخل مدنهم وقراهم وأحيائهم لحماية ممتلكاتهم وأرزاقهم وأبنائهم من العنف الممارس ضدهم مؤكدا على أن الهبّة السلمية المنظمة قادرة على تغيير الواقع ودليله في ذلك ارتباك الحكومة أمام رؤيتها الحشد الكبير في مسيرة الخميس وتلك نقطة قوة الشعب مقابل نقطة ضعفها الممثل في القمع المفتوح والمليشيات. كما نبّه إلى ما أسماه مسارا ممنهجا من «النهضة» لاستدراج الشعب إلى العنف لأنه يخدم مصلحتها محذرا من الوقوع في فخ لعبة العنف لان «قوتنا تكمن في التحركات السلمية الواسعة وفسح المجال أمام مشاركة كل القوى في القرى والمدن». وعن الحكومة، قال بلعيد أنها حكومة الفشل بامتياز. وعن اتهام «النهضة» بانتماء متظاهري سيدي بوزيد لحركة «نداء تونس»، حذر بلعيد من هذا الترويج مؤكدا أن «النهضة» و«نداء تونس» تريدان خلق استقطاب ثنائي مغشوش داخل قوى اليمين والاستقطاب الرجعي ل«شرعنة» قمع القوى الحقيقية الثورية، مبينا أنه من الممكن تكسير هذا الاستقطاب بالنضال الشعبي السلمي واتحاد القوى الوطنية لتقديم برامج واضحة تنتصر إلى مطالب الثورة. وختم بلعيد بالقول أن بن علي حكم الشعب بالخوف و«النهضة» تعيد نفس التوجه لكن لا أحد سيقدر على منع تواجد بديل وطني مشيرا إلى أن المسار الثوري سيتواصل ما لم تتحقق الأولويات الشعبية، معرجا على تجربة جبهة 17 ديسمبر في سيدي بوزيد التي أكد وجوب تعميمها على كل البلاد من أجل تحقيق العدالة والكرامة الوطنية.