لاول مرة منذ تفجر الأحداث يوم الاربعاء الماضي قضّت معتمدية الحنشة ليلة السبت هادئة نسبيا بلا مصادمات ومواجهات ولا اعتقالات وكان الامر كذلك يوم أمس حيث قامت «التونسية» بزيارة الى هذه المنطقة وكان الهدوء واضحا ولكنه هدوء حذر باعتبار أن «النفوس»' مازالت منقبضة والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات في ظل الحاجة الى التعقل ومعالجة المشكل بروية في اطار علوية القانون. وقد لاحظنا انتشارا أمنيا غير مكثف ظهر أمس بحوالي 5 سيارات أمن بلور بعضها الامامي مهشم وكلها موجودة قرب مركز الأمن الذي تعرض الى الحرق وإتلاف محتوياته وحرق سيارة امنية فيما كانت هناك سيارة تابعة للجيش متمركزة قبالة مقر المعتمدية وفيما عدا ذلك فان الدكاكين والمقاهي والمحلات التجارية كانت مفتوحة. مؤتمر الجمعية التنموية ولد شرارة العنف وكما ذكرنا في عددينا السابقين فإن الموقف من عقد المؤتمر الانتخابي للجمعية التنموية بالجهة شكل الشرارة الأولى لفتيل العنف بين من يرى تأجيل المؤتمر الانتخابي متهما «النهضة» بأنها تريد السيطرة على الجمعية والاستئثار بالمشاريع التنموية لفائدة منخرطيها فقط وفريق قرّر قطع الطريق على الحركة حتى لا تستفيد من عملية منح المشاريع الصغرى والقروض التي تشرف عليها الجمعية في حملتها الانتخابية القادمة ورغب هذا الفريق في إلغاء الانتخابات وتأسيس هيئة جديدة بالتوافق تكون فيها كل الحساسيات السياسية موجودة وممثلة في حين أن الفريق الثاني يرى ان اعتماد التوافق يعتبر حجة مضحكة لأنها تتعارض مع النظام الاساسي للجمعية وان افساد المؤتمر كان بتخطيط من أزلام «التجمع» المتحالف مع قوى اليسار بالمنطقة وأنه تمّ فتح باب الانخراطات من يوم 1 الى 29 فيفري الماضي وأن عدد المنخرطين بلغ 183 منخرطا وأضاف هذا الفريق ان 23 كمن المنخرطين ترشحوا لعضوية الهيئة المديرة الجديدة ولم يقع في النهاية قبول سوى17 واضاف هذا الفريق انه تم تعليق الاعلانات عن ذلك في 5 مقاه. وجاء إلغاء عقد المؤتمر الانتخابي ليؤدي الى تبادل العنف بين الفريقين أسفر في النهاية عن ايقاف 3 اشخاص ليل الاربعاء ثم تطور الاحتجاج يوم الخميس للمطالبة باطلاق سراح الموقوفين وحدثت مواجهات مع أعوان الأمن أسفرت عن حرق المركز وحرق سيارة شرطة وإلحاق أضرار بالوثائق ليتم طلب تعزيزات أمنية تمّ خلالها استعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وإلقاء القبض على عدد آخر من أبناء المنطقة ثم تواصل الوضع المتأزم يوم الجمعة بملاحقات ومداهمات ليلية وتواصل استعمال القنابل المسيلة للدموع من جانب الامن وقنابل «المولوتوف» من جانب المحتجين إلى جانب تسجيل ايقافات جديدة. اليوم وقفة احتجاجية قبالة مقر ولاية صفاقس «التونسية» حضرت أمس بالحنشة لقاء جماهيريا دعت إليه بعض القوى والفعاليات بالمنطقة وكان اجتماعا بدار الشعب قبالة مقر المعتمدية حضره عدد من أبناء المنطقة من الجنسين ومن مستويات عمرية مختلفة وبعض من تعرضوا الى اصابات في الاحداث الاخيرة الى جانب حضور اثنين من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي هما جلال بوزيد وشكري يعيش الى جانب نقابيين ممثلين عن الاتحاد الجهوي للشغل وبعض نقاباته الجهوية وأيضا ممثلين عن بعض القوى السياسية والمدنية مثل «حزب العمال» وحزب «البعث» و«حركة الوطنيين الديمقراطيين» والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وناشطين سياسيين ومدنيين مثل محمد القرقوري وقد انتشرت على جوانب القاعة معلقات تحمل بيانات لعدة قوى وأحزاب سياسية وعيّنات من القنابل المسيلة للدموع التي تمّ استعمالها ليلتي الخميس والجمعة وقد تم تعليقها بطريقة ساخرة على أساس لوحة تحمل «اسم انجازات الحكومة». وبجانب احدى عبوات القنابل المسيلة للدموع كلمة «الستاغ» أي شركة الكهرباء وبجانب ثانية كلمة «الصوناد» أي شركة المياه وبجانب ثالثة كلمة مكتب تشغيل وبجانب رابعة كلمة «كنام» أي صندوق التامين على المرض وبجانب خامسة كلمة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبجانب سادسة كلمة المستشفى المحلي بالحنشة وتحت جميعها كلمة «نصيب الحنشة من التنمية» في إشارة واضحة الى ان هذه المعتمدية تفتقر الى مكاتب لهذه المرافق الادارية والحيوية. وقد كان الجو داخل القاعة صاخبا وتميّزت تدخلات الحاضرين بنبرة غضب عالية إزاء الاحداث التي جرت بالمعتمدية والتدخل الامني الذي تم وصفه من جانبهم بالفظيع والقوي والمروع والذي لم يستثن أحدا منهم ورُفعت عديد الشعارات ضد الحكومة وضد حركة «النهضة» مع الاشادة بالاتحاد العام التونسي للشغل وبالقوى السياسية والمدنية التي تساند تحركاتهم من اجل اطلاق سراح الموقوفين ومن الشعارات التي تمّ رفعها. وخلال الاجتماع تحدث عدد من أبناء المنطقة معتبرين ان معالم المعركة واضحة بين المجتمع الوطني الديمقراطي التقدمي والقوى التي تريد الاستيلاء على كل شيء وبمثل ما طالبوا بضرورة إحداث مشاريع تنموية بالمعتمدية التي عانت من التهميش والتجاهل رغم تاريخها النضالي فإنهم شددوا على ان المطلب العاجل وهو اطلاق سراح الموقوفين مع تحميل والي صفاقس ووزير الداخلية المسؤولية لمحاسبتهما على سياسة العصا الغليظة التي تم انتهاجها. كما أعلموا الحاضرين بان عديد ابناء الحنشة سينظمون في العاشرة من صباح اليوم وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية صفاقس يساندهم فيها اتحاد الشغل والقوى التقدمية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وحمل الحاضرون بالاجتماع حركة النهضة مسؤولية تأزم الوضع بالحنشة. شهادات عن ليالي رعب وجحيم في ذلك الاجتماع تحدث ايضا عدد من ابناء المعتمدية ومن المصابين في الاحداث وقالوا ان قوات الامن تعاملت معهم بوحشية كبيرة وباستفزازات وبمطاردات ومداهمات ليلية طالت منازلهم وأرعبتهم. وقال الحاضرون في الاجتماع أن قوات الأمن بالغت في استعمال القوة والقنابل المسيلة للدموع بكثافة كبيرة وصلت الى حد اختناقهم في بيوتهم وجلبت احدى السيدات رضيعتها وقالت انها تعرضت الى الاختناق جراء الغاز وتحدثت نزيهة السلامي فقالت انها عاشت ليالي رعب وتم القبض على زوجها وبعض أقاربها. وتحدث معتوق خديم الله وهو متزوج واب ل 3 أطفال ويشتغل بليبيا فقال انه تعرض للاعتداء في منزله من طرف عدد كبير من أعوان الأمن وأصابوه على مستوى العين إلى جانب اختناق ابنته الصغيرة بالغاز كما تحدث أيضا فيصل بن خليفة وهو طبيب فقال انه في حدود الثامنة ليلا من يوم الخميس كان في طريقه للقيام بزيارة طبية الى احدى المريضات فاذا به يتعرض الى التعنيف من اعوان الامن وسيل من الكلام البذيء مع كدمات بدت جلية على مستوى ظهره. واشتكى عدد كبير آخر من الافراط في استعمال الغاز الى حد قال فيه البعض انهم عاشوا احدى ليالي «الفلوجة» أو غزة وأنهم غير متعودين على ذلك. تفاوت في أعداد الموقوفين ما ينبغي أن نؤكد عليه هنا اننا ننقل الشهادات كما هي وكما وردت على السنة اصحابها وما ينبغي ان نؤكد عليه ايضا انه في الاجتماع الذي انعقد بدار الشعب لم يكن هناك وجود للفريق الثاني اي المحسوبين على حركة «النهضة» ولم نلتق بأي واحد منهم وكنا نتمنى لو كانوا موجودين هناك لنستمع الى إلى آرائهم في ما قيل لكن من ناحية اخرى نشير الى ان تقديرات أعداد الموقوفين كانت متفاوتة بين ابناء المنطقة فهناك من تحدث عن 59 موقوفا وهناك من تحدث عن 60 وعن 65 موقوفا مع صدور برقيات تفتيش ضد بعض آخر بلغ عددهم 100 حسب كلام نزيهة السلامي. لكن حسب مصادر أمنية فإن عدد الموقوفين هو 21 لا غير 3 منهم تم القبض عليهم ليل الاربعاء على خلفية أحداث العنف التي تلت إلغاء المؤتمر الانتخابي للجمعية التنموية وهم من الطرفين أي من أنصار «النهضة» ومن معارضيها و16 تمّ القبض عليهم ليل الخميس من أجل أحداث الشغب والاعتداء على ممتلكات عامة وخاصة منها حرق مركز الأمن وسيارة امنية و3 تم القبض عليهم ليل الجمعة وهم متلبسون بحمل قنابل المولوتوف وتحدى المصدر الأمني أي شخص يقدم غير هذه الأرقام من أن يدلي بأسماء من يشتبه في إيقافهم.