عاجل/ سياسي جديد يدخل في إضراب جوع    عاجل/ فنزويلا تقرّر الرد على "الإمبريالية" الامريكية    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    صفعة عمرو دياب لشاب مصري تعود للواجهة من جديد    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    مشروع كبير في مطار قرطاج: يتكلّف 3000 مليار وخط مترو يوصل العاصمة    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    عاجل: ليفربول تفتح ملف رحيل محمد صلاح!    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    كريستيانو رونالدو: كأس العالم 2026 .. سيكون الأخير في مسيرتي    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    عاجل/ في عمليتين نوعيتين للديوانة حجز هذا المبلغ الضخم..    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عاجل-وزارة الدفاع الوطني: انتدابات وزيادة في الأجور    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    المحكمة الابتدائية بتونس تحجز ملف المحامية سنية الدهماني لتحديد موعد الجلسة القادمة    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    نابل: توافد حوالي 820 ألف سائح على جهة نابل - الحمامات منذ بداية السنة الحالية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    نائب رئيس النادي الإفريقي في ضيافة لجنة التحكيم    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    المنتخب التونسي يفتتح الأربعاء سلسلة ودياته بمواجهة موريتانيا استعدادًا للاستحقاقين العربي والإفريقي    من فصول الجامعات إلى مجال الاستثمار والتصدير : كيف تستفيد تونس من تعاونها مع الصين؟    عاجل: اضطراب وانقطاع المياه في هذه الجهة ..ال sonede توّضح    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    حاجة تستعملها ديما...سبب كبير في ارتفاع فاتورة الضوء    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    بنزرت: إنتشال 5 جثث لفضتها الأمواج في عدد من شواطئ بنزرت الجنوبية    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    طقس اليوم؛ سحب أحيانا كثيفة مع أمطار مُتفرقة بهذه المناطق    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الأحداث: انتقال ديمقراطي بلا ثقافة ديمقراطية
نشر في التونسية يوم 28 - 08 - 2012


يكتبها: منير بو رمضان
تشهد الفترات التي تعقب حصول انتفاضات أو ثورات شعبية، المرور بمرحلة انتقالية يغلب عليها عادة وضع يتسم بغياب الاستقرار، بسبب ما يرافقها من حصول مظاهر «تمرد» على كل ما يحيل على النظام السابق، من رموز وحتى مؤسسات. ما يجعل قيام نظام جديد على أنقاض النظام المنهار، عملية ليست باليسيرة كما يتصور البعض.
بل إن تاريخ الشعوب والانتفاضات الكبرى، التي حصلت يعيننا على فهم السيناريوهات المستقبلية في الحالة التونسية، هذا طبعا إلى جانب الاستحضار الواعي للتطور التاريخي والاجتماعي لبلادنا، وهو ما يعطي خصوصية لما ستكون عليه محصلة الانتقال الجاري في المجتمع والدولة بعد ثورة 14 جانفي 2011.
بعد مرور سنة ونصف على قيام الثورة التونسية، ظهرت كتابات –وخاصة صحفية – تتحدث عن «انهيار محتمل للوحدة المجتمعية والسياسية الوطنية»، و «تفكك لتراث الدولة» و «عودة لصراع الاثنيات والطوائف»....وهي كتابات أقل ما يقال فيها أنه يغلب عليها الارتباط بالحدث، ومشدودة بخلفيات «سياسية» و«حزبية» وأيضا ايديولوجية، ولا تستند لعمق فكري وتنظيري، ولا إلى فهم للتاريخ السوسيولوجي لتونس.
في توصيف لأداء «النخبة»، يقول الجامعي قيس سعيد « ان الطبقة السياسية الحالية بمختلف توجهاتها أضاعت ثورة التونسيين المجيدة وذلك لصالح إيديولوجيات ومصالح مختلفة»، مشيرا الى «ان الأحزاب التونسية فضلت مصلحتها الذاتية على حساب مصالح الوطن الذي يضم الجميع». واشار سعيد الى «أن الحرية في تونس بدأت في التراجع فليس يوم 14 جانفي 2011 كهاته الأيام»، ويستنتج بأن «السياسيين أهدروا حرية الشعب التونسي ولم يفكروا في سمعة وهيبة البلاد».
لا يمكن تصور انجاز انتقال ديمقراطي حقيقي لا يستند إلى عمق فلسفي، كما لا يمكن ممارسة السياسة دون عمق ثقافي/ تنظيري، وإلا فإنها مهددة بالتحول إلى «فرقعة سياسية» و «لغو نضالي» على حد تعبير المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي، وهذا هو جزء مما وصلت له الممارسة السياسية في تونس بعد الثورة بسبب ضعف أداء النخب وافتقاد البلاد إلى قيادات فعلية وكاريزمية. بل نلاحظ وجود «ردة» عما تحقق من منجزات –خاصة في المجال السياسي-، تمثلت في تبني البعض لمقولة «نهاية الشرعية بعد 23 أكتوبر القادم»، بل إنها دعت صراحة «لتدخل المؤسسة العسكرية»، وما يعني ذلك من إدخال البلاد في «أزمة سياسية ومؤسساتية»، وإعادة إنتاج لما حصل في الجزائر بعد الانقلاب على انتخابات أكتوبر 1991، والذي أدخل البلاد في أتون سنوات سوداء ما تزال تعاني منها، ولم تشف منها إلى الآن.
ان الترويج «لأزمة شرعية» بعد 23 أكتوبر القادم، يمثل تراجعا عن مكاسب الثورة، فمثلما فاجأ التونسيون العالم بانجاز أول ثورة في القرن الواحد والعشرين، فقد تمكنت النخب السياسية التونسية، وبفضل الاستناد الى تراثها الاصلاحي الذي يعود الى النصف الثاني من القرن 18، الذي أسس لقيام تراث دولة وطنية مركزية، اضافة الى وجود وحدة ترابية وتجانس مجتمعي من ادارة الشأن العام و«الحالة الثورية» التي دخلت فيها البلاد على قاعدة التوافق بين كل التيارات والحساسيات الفكرية والسياسية. وهو ما مكن من الوصول الى تنظيم انتخابات ديمقراطية ونزيهة أعادت تونس في أقل من سنة الى الشرعية المؤسساتية للدولة من خلال انتخاب مجلس وطني تأسيسي، قام بدوره بانتخاب رئيس للبلاد الذي كلف الكتلة المتحصلة على أغلبية المقاعد بتشكيل الحكومة.
كل هذه الحلقات تمت بطريقة سلسة، وأعطت مؤشرا على أن النخب التونسية قادرة على تأسيس «أنموذج» ديمقراطي يقوم على التداول السلمي على السلطة، وأن التراث التحديثي المتجذر يمثل خير ضمانة أو بالأصح حصانة ضد اعادة انتاج الاستبداد تحت أي «يافطة» كانت، سواء باسم «الحداثة» أو باسم «الدين».
ما يفسر أيضا، نجاح الانتقال الديمقراطي التونسي، هو «حياد» و«عقيدة» المؤسسة العسكرية التي قامت بحماية أمن البلاد منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في ديسمبر 2010. واستمرت في تأمين أسباب الاستقرار والأمن وحماية الدولة من الانهيار إلى اليوم، وحتى بعد قيام مؤسسات شرعية منتخبة وفق اخراج تونسي «فارق» وغير مسبوق، من أبرز سيماته كون «الجيش صامتا لكنه حاضر بقوة في المشهد الأمني والسياسي التونسي بعد الثورة». ولعل تمديد «حالة الطوارىء» تجعل المؤسسة العسكرية هي المعنية بمتابعة ادارة شؤون البلاد الأمنية.
بعد الثورة، وبرغم سنوات «التهميش» الطويلة التى تعرضت لها المؤسسة العسكرية، فانها كانت في الموعد، وتحركت لحماية الأمن والحفاظ على استمرارية المناشط والمرافق الحياتية. فحرس جيشنا الوطني مؤسسات الدولة، وأشرف على حسن سير الامتحانات الوطنية (الباكالوريا)، وصابة القمح والشعير والزراعات الكبرى، وكذلك انتخابات 23 أكتوبر 2011. وبرغم محورية ومركزية الدور الذي لعبته فقد حافظت المؤسسة العسكرية على حياديتها لكن في هذه المرة كان «حيادها ايجابيا». وأكدت أنها لا ترغب بل «زاهدة في السلطة» ,وان تحركها أملته «عقيدتها الوطنية» في المقام الأول وأن «السياسة للسياسيين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.