ناقشت أمس اللجنة التأسيسية حول الهيئات الدستورية مقترحا تقدمت به كتلة حركة «النهضة» حول إدراج مجلس إسلامي أعلى ضمن الدستور، وهو مقترح تحفّظ عليه نواب من الكتلة الحليفة ل «النهضة» والمعارضة لها، باعتبار أن هذا المجلس يمكن أن يقود، وفق تقديرهم الى اقامة سلطة دينية موازية للسلطة المدنية التي تعد محل اجماع بين القوى الحية في البلاد. وقد استمعت لجنة الهيئات الدستورية بشأن الموضوع الى آراء المفكر الدكتور حميدة النيفر، الذي يعد من رموز ما أطلق عليه «الفكر الإسلامي التقدمي» في تونس. وقد دافع النيفر، في مداخلته عن فكرة دسترة المجلس الاسلامي الأعلى وتمكينه من الاستقلالية عن السلط السياسية وضمان تمثيليّته لكافة قوى المجتمع، ليتولى مهمة «تطوير الخطاب الديني ونحت فكر إسلامي تونسي معاصر وبناء التعايش بين المسلمين أنفسهم وبين المسلمين وغيرهم». وبعد أن أشار الى أن الفصل الأول من الدستور التونسي ينص على أن تونس دولة دينها الاسلام، مضى حميدة النيفر يقول «نحن ليست لدينا مرجعية اسلامية في تونس ويؤكد هذا (ما جاء في الفصل الأول) وليست لدينا كذلك سلطة علمية دينية تاريخية»، مضيفا ان «السلطة الوحيدة التي وجدت هي الطاهر بن عاشور» وهي سلطة «أجهضت سياسيا» علي حد تعبيره. وأيّد أعضاء اللجنة بعث مجلس إسلامي أعلى يرعى الجوانب الدينية في حياة التونسيين، الا أن النقاشات بينت عدم اتفاق على دسترة هذا المجلس بين نواب حزب «النهضة» من ناحية وحلفائها في ترويكا الحكومة والمعارضة من ناحية ثانية. وقال رئيس لجنة الهيئات الدستورية جمال الطوير (حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) ان «دسترة المجلس الاسلامي الأعلى تخلق تنافسا يطرح مشكلة دستورية» بينه وبين هيئات أخرى مثل المحكمة الدستورية كما يجعله في «تنافس مع السلطة التشريعية»، مضيفا ان «الأفضل هو أن يبقى المجلس في مرتبة ما تحت دستورية وأن يظل الخطاب الديني بعيدا عن التجاذب». وقالت النائبة نادية شعبان (الكتلة الديمقراطية) إنها تخشى أن يحمل المجلس الاسلامي الأعلى «سلطة موازية ويتغول بشكل لا يمكن التحكم فيه مما يمس من مدنية الدولة»، حسب تقديرها. وأشار النائب كريم كريفة (حزب المبادرة الكتلة الديمقراطية) الى المشاكل التي تثيرها التيارات السلفية باسم الدين معربا عن «مخاوف» من أن «تصبح هذه المؤسسة (المجلس المقترح) وسيلة لتغيير نمط المجتمع التونسي ومرجعية سابقة للمرجعيات الأخرى السياسية والاقتصادية وان تصبح هيئة تشريعية تقريرية». وسعى نواب «النهضة» الى طمأنة النواب الآخرين حول دسترة المجلس بالتأكيد على أنه سيدافع عن «الاسلام الوسطي المعتدل بعد سنين من المقاربة الاستئصالية التي عانينا منها»، على حد قول النائبة حبيبة التريكي، التي اقترحت ان تكون للمجلس «سلطة استشارية وجوبية وليست تقريرية». وقالت النائبة آسيا النفاتي (النهضة) «كلنا واعون بالمخاوف من التطرف الديني ومن خلق هيكل لا نتحكم فيه»، داعية الى التوافق حول الهيئة المقترحة قبل «الوصول الى الجلسة العامة لتفادي الهجمات عبر وسائل الاعلام»، على حد تعبيرها.