أثارت روزنامة عمل المجلس الوطني التأسيسي لصياغة الدستور وصياغة القوانين التي تقدم بها المقرر العام للدستور «الحبيب خضر» محددا خلالها تاريخ 8 سبتمبر 2013 كموعد للانتخابات القادمة ، الكثير من وجهات النظر و ردود الأفعال المتباينة، حيث أبدت أطراف سياسية عدة عن اعتراضها على هذا المقترح، معتبرة إياه «دليلا فاضحا على ازدواجية خطاب تميّز عمل الحكومة الحالية ومحاولة للتملص من الالتزام الأخلاقي والسياسي للأجل الذي حدّدته حكومة الجبالي في أكثر من مناسبة للانتهاء من صياغة الدستور» كما جاء على لسان عدد من الرافضين لهذا المقترح . «التونسية» رصدت آراء بعض الناشطين على الساحة السياسية فكانت انطباعاتهم و مؤاخذاتهم كما يلي: محمد الكيلاني رئيس (الحزب الاشتراكي اليساري): هذه الروزنامة...حقيقة أم منامة؟ أعرب محمد الكيلاني، رئيس «الحزب الاشتراكي اليساري» عن شعوره بالدهشة و الاستغراب اللذين اعترياه لحظة علمه بالاقتراح الذي تقدم به المقرر العام قائلا: «لا أدري أهذه الروزنامة حقيقة أم منامة؟»، معتبرا إياها محاولة لذر الرماد على العيون و لاخراس الأفواه الداعية للعمل على سن الدستور في الوقت المحدد، مضيفا «لقد استشعر أعضاء التأسيسي الممثلين ل«الترويكا» الحاكمة قلقا كبيرا أبداه الرأي العام التونسي بخصوص استحقاقاته وتحركه المطالب بتحقيق الأهداف التي ثار من أجلها، فما كان منهم (أعضاء التأسيسي الممثلين ل«الترويكا») إلا وأن سارعوا للتقدم بهذا المقترح بطريقة اشبه برمي عظم لكلاب جائعة»، متسائلا «هل يحدد الحبيب خضر الروزنامة كما يحلو له؟ و من استشار ليقوم بذلك؟». وأشار « الكيلاني» الى أنه كان حريّا بالمجلس التأسيسي أن يعمل على التقيد بالموعد الاول الذي التزموا به للانتهاء من صياغة الدستور وأن يسعى(المجلس) إلى «معالجة كم هائل من القضايا الجوهرية العالقة بدل التمويه و الاستهزاء بالرأي العام وعدم الاكتراث بمطالبه الحقيقية من خلال التقدم بروزنامة فارغة المحتوى و لا تحترم إرادة الشعب» على حد تعبيره ، مردفا: «إن التضارب الذي نشهده على مستوى التصريحات الحكومية بشأن مواعيد الانتخابات قد يخلق ضبابية في تصور الدولة ويؤسس لدولتين مختلفتين يتيه المواطن في زقاقهما و يزيد من حدة التوترات التي صارت تشهدها الساحة السياسية و الاجتماعية». كما حمل «الكيلاني» الحكومة الحالية مسؤوليتها الكاملة عما يتعرض له المواطن مما وصفه بالمغالطة و التمويه، مطالبا إياها بالالتزام السياسي و الاخلاقي بالموعد الذي حددته سابقا وبعدم التنكر للوعود التي قطعتها. محمد مزام عن (حزب العمال الشيوعي): الائتلاف الحاكم يحاول أن يرصد روزنامة على مقاسه! بدوره وصف عضو القيادة الوطنية في حزب العمال الشيوعي محمد مزام، التصريحات الصادرة عن مسؤولين بالمجلس التأسيسي بخصوص أجل إتمام صياغة الدستور وتحديد موعد الانتخابات القادمة ب«المتضاربة»، مشيرا الى أن الروزنامة التي تقدم بها المقرر العام لم تكن محل نقاش واسع ولم يقع تشريك مختلف القوى الفاعلة في البلاد، مضيفا «انه لأمر ينبئ بأن العديد من الأطراف وخاصة منها أحزاب الائتلاف الحاكم الذي تقوده النهضة تسعى إلى رصد روزنامة على مقاسها، متجاهلة تصاعد وتيرة التحركات الاحتجاجية والتلاعب بالاستحقاقات المتعلقة بالانتقال الديمقراطي من صياغة دستور توافقي و الإعداد لانتخابات حرة و شفافة و نزيهة....». كما ندد «مزام» بما أسماه سياسة التمطيط، حيث يرى أنه لا مبرّر من اعتماد هذه السياسة وأن الحزب الحاكم يسعى الى احكام قبضته على مختلف مؤسسات الدولة و الادارة و المجتمع لترسيخ «دكتاتورية ناشئة» على حد تعبيره . محمد الحامدي (رئيس كتلة العريضة الشعبية للعدالة و التنمية): مهما حدّد التأسيسي من مواعيد...فلن يلتزم بها أما محمد الحامدي فقال: «لم يقع تشريكنا على الاطلاق في هذا الموضوع...ان الشعب متعطش لانهاء موضوع الدستور ولخوض الانتخابات و لكن مثل هذه المقترحات الفردية و تخلق تجاذبات كبيرة بين الأحزاب وتوحي بأن المسألة قد تطول و تطول». كما أعرب «الحامدي» عن شديد أمله بمراجعة التواريخ المحدّدة لموعد انطلاق الانتخابات القادمة حتى يتسنى للتونسيين ان يخوضوا الانتخابات في «موعد قريب بدؤوا يملون انتظاره». وأوضح «الحامدي» ان المشكل ينحصر في أن أحزاب عدّة تريد تأخير موعد الانتخابات في حين أن أحزابا أخرى تنادي بالتعجيل لملاقاة الصناديق، مطالبا بإعادة ترتيب الروزنامة من جديد و الأخذ برأي كل الحساسيات السياسية الفاعلة على الساحة، مشددا على ضرورة ايجاد صيغة توافقية بحلول تاريخ 23 اكتوبر «لانني على يقين بأن المجلس التأسيسي لن يحقق الهدف الذي تأسس من أجله قبل حلول موعد 23 اكتوبر كما ادعى البعض..كما أنني على يقين بأن التأسيسي مهما حدد من مواعيد فلن يلتزم بها !». ياسين ابراهيم عن (الحزب الجمهوري): كلام الليل مدهون بالزبدة !!! في ذات السياق، أكد ياسين ابراهيم ان « الحزب الجمهوري» لا رغبة له في المشاركة في الطرح الذي تقدم به «الحبيب خضر» شريطة ان تتوصل أحزاب التأسيسي الى صيغة توافقية تحول دون ما اعتبره بالجدل العقيم و المضيعة للوقت،مطالبا كل الاحزاب السياسية بتحمل مسؤوليتها في فتح قنوات نقاش تستطيع من خلاله ان تجد حلولا عملية تخص الروزنامة وبقية المواضيع الطارئة ،تمررها الى التأسيسي بشكل يسوده الوفاق و ينأى بالمجلس عن هدر الوقت في ما لا يعني. كما أعرب «ابراهيم» عن عميق تمنياته بأن يلتزم المجلس بهذا الموعد وألاّ يكون «كلام الليل مدهون بالزبدة» حسب قوله . لزهر العكرمي عن (نداء تونس): إذا دخلنا مرحلة العمل الجدي...فَلمَ لا؟؟ بيّن لزهر العكرمي انه ما من داع الى التخوف من الروزنامة التي تقدم بها «خضر» في صورة ما إذا كان المجلس قد دخل مرحلة العمل الجدي، مؤكدا أن الانتهاء من صياغة الدستور «لا يمكن ان يتم دون توفير البيئة الانتخابية و تطهيرها من كل مظاهر العنف و ارجاع الاستقلالية للقضاء و تحييد الادارة و الاجهزة الامنية... نجيب الغربي عن حركة «النهضة»: مقترح «خضر» لا يعدو ان يكون تصورا أوليّا! من ناحية أخرى، اكتفى الناطق الرسمي لحركة «النهضة» «نجيب الغربي» بالقول «أن المقترح الذي تقدم به الحبيب خضر لا يعدو أن يكون تصورا أوليا لم يطرح داخل الكتلة النيابية بالمجلس» حسب قوله ، مشيرا الى ان الكتلة تعمل على مناقشة المواعيد المناسبة للانتهاء من صياغة الدستور مع كل الحساسيات السياسية و الكتل البرلمانية.