حالها حال باقي الجمعيّات الصغرى «الهاوية»، حسب تسميتها لكرة القدم لكنّها في المقابل «مهمّشة» إن لم نقل «منسيّة»، رغم أن مثل هذه الجمعية وأخواتها عريقة في تاريخها وقديمة في نشأتها وعميقة في تكوينها. نحن نتحدث في هذا التحقيق عن جمعية محصّنة بقلعة ضخمة وعتيقة هي جمعية الأهلي الأندلسي الواقعة بمنطقة قلعة الأندلس ببنزرت. عراقتها تنعكس كذلك في ثقافة وثراء تكوينها للاعبين، حيث يعدّ «الأهلي الأندلسي» مدرسة تتلمذ في ملعبها عديد اللاعبين البارزين الذين عزّزوا في وقت ما تشكيلة وصفوف المنتخب الوطني نذكر منهم حارسي المرمى هيكل قزمير وصالح بن فرج... نشأة الجمعية يعود تأسيس أول جمعيّة للأهلي الأندلسي إلى أوائل السبعينات وتحديدا سنة 1972 وتتزامن نشأة الجمعية مع انجاز الملعب البلدي الذي تداولت على التدرب فيه أجيال وأجيال كرويّة، فالجمعيّة تدرب حاليّا عددا كبيرا من المجازين ومن جميع الأصناف منذ النشأة الأولى من مدارس وأداني وأصاغر وأواسط وصولا الى فريق الأكابر. وعانت الجمعية منذ نشأتها الأولى من التهميش والحرمان وكانت تعدّ بأبسط الامكانيّات أقداما كروّية ممتازة ناشئة هي الآن تعزز صفوف أداني الترجي الرياضي التونسي والنادي الافريقي. وقد نجح أكابر الأهلي الأندلسي في اثبات مكانتهم الكروّية في قسم الهواة ومن صعود سلم الترتيب ليكونوا في الموسم الفارط ضمن الفرق الخمسة الأوائل رغم أن وتيرة الموسم شهدت عدّة اضطرابات وقطيعة مع التمارين وعدم إجراء البعض من مباريات الروزنامة نظرا للوضع المتردّي الذي عاشه ولايزال فريق الأهلي الأندلسي. هيئة جديدة متطوّعة أمسكت زمام تسيير الفريق منذ أشهر هيئة جديدة برئاسة جلال قزمير، مع اطار فني متطوّع لخدمة الجمعيّة ويتولى تدريب الأكابر المدرّب أشرف بن محرز وبرغم الامكانيات الماديّة الضعيفة إن لم نقل منعدمة، فإنّ كل صنف يتولى تدريبه مدرب خاصة به هو الآخر متطوّع دون مقابل مالي خدمة للجمعيّة باعتبار أنّ جلّ المدرّبين هم من محبي الأهلي ومن قدماء اللاعبين بالفريق حتى أن الأزمة المادّية وصلت الى حدود العاملين بالادارة فحافظ الأثاث محمد الحنافي هو الآخر متطوّع لخدمة الفريق الذي عزّز صفوفه لسنوات مضت. حالة مزرية للملعب مساحة شاسعة يُمكن استغلالها لبناء واحد من أكبر المراكز الرياضية، إلا أنها مهمّشة وتحيط بها جدران آيلة للسقوط. أما الملعب الرئيسي الذي يتدرب به مختلف فئات الفريق فهو عبارة عن بطحاء ترابيّة تسكوها الحجارة وتحيط بها الأعشاب من الجهات الأربع، حتى شباك المرمى ممزّقة وكأنه ملعب مهجور منذ سنوات طويلة. كما تنعدم به منافذ لخروج مياه الأمطار ليتحول الملعب في فصل الشتاء الى «مسبح» وتنقطع بذلك التمارين والتدريبات حتى تجف المياه. الملعب البلدي: سوق أسبوعية تزامنت زيارة «التونسية» الى الأهلي الأندلسي لاجراء التحقيق مع اقامة السوق الأسبوعية للجهة التي استغلت مساحة الملعب ليتحول جانب منه الى مكان لبيع المواشي و«الفريب» ويصبح مصبّا للفضلات علاوة على الروائح الكريهة وما شابهها. ونظرا لكل هذه الأعراض وهذه الحالة المزرية، امتنع لاعبو الفريق عن العودة للتمارين الى حين تهيئة الملعب واصلاحه ليكون صالحا للعب وخاضعا لأبسط المقوّمات والمواصفات. وتبعا لذلك لم تعدّ الجمعيّة روزنامة موسمها المقبل وهي في حالة احتجاج وإضراب. حجرات الملابس... حدث ولا حرج من الأصحّ أن يطلق عليها «حجرات الفئران» فهي لا تتجاوز مساحتها بعض الأمتار ولا تتوفر بها أبسط المقوّمات وهي نائية وبعيدة عن أرضيّة الملعب وعددها لا يتجاوز الحجرتين مقابل الكمّ الهائل من المجازين الذين يُضطرّون لتغيير أدباشهم في الهواء الطلق صيفا وشتاء، هذا علاوة على حالة الأدواش المهمّشة والهشّة «أدواش بلا ماء ساخن». أما مغازة الجمعيّة فهي عبارة عن مغازة «للخردّة» و«الفريب»، أكد لنا المسؤول عنها وحافظ الأثاث أنّ تجهيزاتها لا تصلح حتى للعب «في الحومْ». المقاول... يقطع الأشغال عيّنت البلديّة مقاولا لتهيئة جانب من الملعب وبناء مدارج وحجرات للملابس إلاّ أن أشغال البناء لم تكتمل وأوقفت وبقيت المدارج معلّقة منذ سنة 2003 زيادة على أنها غير مطابقة مع الحجرات للمواصفات القانونية، فحتى الأمل الوحيد في بداية الاصلاح لم ير النور!! منح الكلمة... والمصاريف على الهيئة أغلب مصاريف الجمعيّة ينفقها المشرفون عليها بالتعاون بينهم، فالهيئة الحاليّة تتولى مصاريف النقل والتجهيز وشراء المعدّات والأزياء الرياضيّة. فالمنحة المخصّصة للجمعية لا تتعدى 10 آلاف دينار لجميع الفئات اضافة الى أنها تسند على أقساط ولم تتحصل على نصفها الجمعية بعد وقد انتهى موسمها منذ مدة وشارف الموسم الجديد على البداية. والكل يعرف أن «المال قوّام الأعمال» فالمادة الخام موجودة والمواهب متوفرة، لكن تنقصها بعض الحوافز والماديات لتستطيع مواكبة ركب الرياضة «التكنولوجية» وتصعد من الهاوية ولمَ لا الى المحترفة فمثل هذه الجمعيّات الصغرى لا تقلّ أهميّة ومهارة على أخواتها الكبرى وقد يُوجد في النهر ما لا يوجد في البحر». ومازاد الطين بلّة هو أن مبلغ 150 ألف دينار محسوب على الجمعية إلاّ أنها لم تتحصل على دينار منها وهنا توجّه الهيئة المديرة للأهلي الأندلسي دعوة الى السلط المعنية لتحريك ملف هذه المنحة والالتفات الى النادي لإنقاذ ما تبقى منه. اللاعبون يهدّدون بوقفة احتجاجية ونتيجة لكل هذه المشاكل والنقائص طفح الكيل باللاعبين وقد زاد في اشعال فتيل غيظهم وغضبهم تجاهل معتمد المنطقة لهم ولحال الملعب رغم أنه منذ توليه المنصب قام بزيارات ميدانية لمختلف المرافق والمنشآت ما عدا الملعب البلدي الذي لم يلتفت إليه أساسا حتى أنهم لم يجدوا سبيلا لايصال أصواتهم وعلّقوا كل آمالهم على زيارة «التونسية» لهم وهي الوسيلة الاعلامية الوحيدة التي أكدّوا لنا أنها دقّت باب ملعبهم وبحثت في تفاصيل مشاكله وشواغله راجين أن تكون هذه الزيارة بوادر خير وأن تحمل الأمل في الاصلاح والتجديد.