نحن ممثلون في اتحاد الشغل من المكتب التنفيذي إلى النيابة النقابية كشف فيديو مسجل من اجتماع عام لحزب «الوطنيون الديمقراطيون» انعقد بتونس العاصمة تصريحا مثيرا للأستاذ شكري بلعيد الناطق الرسمي باسم «الوطنيون الديمقراطيون» كشف فيه - في لحظة مصارحة مع إطاراته- أن «الوطد» وحزب «العمل الديمقراطي» يملكان عددا كبيرا من المنتسبين إليهما داخل الاتحاد العام التونسي للشغل. وكشف بلعيد أن «الوطد» عمل على أن تكون لديه قاعدة نقابية كبيرة تنتمي للاتحاد العام التونسي للشغل وذلك عموديا وأفقيا أي من المكتب التنفيذي الوطني إلى أصغر مسؤولية نقابية وهي النيابة النقابية. وقد عمدت صفحات اجتماعية قريبة من حركة «النهضة» إلى نشر هذا الفيديو بشكل واسع لكشف علاقة «الوطد» باتحاد الشغل وللتأكيد على الاتهامات الصريحة الموجهة لاتحاد الشغل بهيمنة اليسار على نقاباته. ويعتبر تصريح بلعيد الأوضح في الإعلان عن وجود عدد هام من المنتسبين لحزبه ينتمون إلى أكبر منظمة وطنية وهو ما قد يقوي من وزن «الوطد» على الساحة السياسية والنقابية. واعتبرت جهات نقابية هذه التصريحات عادية باعتبار أن اتحاد الشغل كان دوما فضاء لكافة الحساسيات الفكرية والسياسية بعيدا عن التوظيف الحزبي الضيق مشيرة إلى أن الاتحاد يريد أن يبقى الخيمة التي تلتقي فيها كافة الأحزاب والتونسيين بجميع أفكارهم بعيدا عن الإقصاء والتوظيف. واعتبرت مصادرنا أن قوة اتحاد الشغل تكمن في تعدد الحساسيات السياسية داخله مما يجعله صعب الترويض من طرف أية جهة سياسية مهما كان ثقلها حتى تصعب الهيمنة عليه من طرف أي سلطة ملاحظة أن الاتحاد كان دوما في كر وفر مع بورقيبة وبن علي. ويبين تصريح شكري بلعيد مدى حرص الأحزاب على التواجد داخل اتحاد الشغل مع العلم أن كافة الحركات السياسية كانت دوما تحتمي بالاتحاد في زمن القمع والكل يتذكر الصورة الشهيرة لزعيم حركة «النهضة» وهو معتصم مع ثلة من الإسلاميين بنهج محمد علي من أجل رفع مظلمة طرده من التعليم. وتوجه دوما انتقادات لاتحاد الشغل من قبل كل سلطة كانت بتوظيف المنظمة لفائدة شق سياسي خاصة بعد ثورة 14 جانفي وللتذكير فإن أكثر الجهات التي وجهت أصابع الاتهام للاتحاد كانت الجهات التي تعبر الآن عن مساندة اتحاد الشغل وهنا نقصد الحزب الجمهوري والتجديديين الذين شنوا هجوما شرسا على الاتحاد بسبب دعمه لاعتصام القصبة حيث رأينا شخصيات سياسية على غرار مية الجريبي ونجيب الشابي وأحمد إبراهيم وغيرهم يشنون حملات على الاتحاد العام التونسي للشغل مثلما شنت حركة «النهضة» حملة عليه والكل يتذكر إضراب أعوان البلديات ومواقف عدد من قيادات «النهضة» من المنظمة النقابية الأولى في البلاد حيث اعتبر نجيب الغربي أن الاتحاد مثله مثل كل الجمعيات. علاقة اتحاد الشغل بالأحزاب كانت دوما علاقة يصدق عليها مثلنا الشعبي الشهير «لا نحبك ولا نصبر عليك» لذلك ترى كل الأحزاب تريد كسب وده لكنها تخشى تمرده. كل المعارضات كانت تساند الاتحاد ولكنها لما تصل إلى السلطة تصبح المنظمة النقابية في عيونها عدوا ويتم اتهامها بأنها تضع « العصا في العجلة». وتصريح شكري بالعيد يؤكد كذلك أن الاتحاد هو معقل اليسار بامتياز رغم أن كل الأحزاب تحاول اليوم وضع موطئ قدم داخل المنظمة. فلمن ستكون الكلمة الأخيرة وكيف سيتعامل التيار النقابي المستقل مع هذه التجاذبات مع العلم أن الاتحاد يعمل حاليا على تحصين قلعته ليحميها من التجاذبات السياسية وقد يفرز مشروع الهيكلة الذي من المنتظر أن يرى النور بعد المجلس الوطني القادم الذي سينعقد خلال السنة القادمة، هيكلة تمنع وجود مسؤولين سياسيين في مكاتب سياسية لأحزاب ضمن الهياكل النقابية من أجل إضفاء نجاعة على العمل النقابي وعدم تأثر القرار النقابي بمواقف الأحزاب من يمينها إلى يسارها. ويذكر هنا أحد المتابعين للشأن النقابي أن نقابة التعليم الثانوي شهدت شبه شلل في عملها جراء وجود عدد من أعضائها في مسؤوليات سياسية عليا ، من ذلك أن مكتب النقابة العامة يضم السيد محمد الحامدي النائب الحالي في المجلس التأسيسي عن الكتلة الديمقراطية والسيد زهيرالمغزاوي الناطق الرسمي باسم حركة الشعب وعبد الرحمان الهذيلي عضو الهيئة المستقلة للانتخابات. هذا المثال الحي يكشف صعوبة التوفيق بين مسووليات سياسية وأخرى نقابية تحتاج حيزا كبيرا من التفرغ والاهتمام .