يتواصل اليوم كلامنا في الشأن الكلامي لدى أصحاب الأقدام المكورة.. أشرت في حلقة الأمس إلى ما جاد به علينا لاعب الترجي وجدي بوعزي ومحبة الإفريقي نورة الطرابلسي من درر تكشف ضعف زادهما في مجال التخاطب والتواصل مع الآخرين. وأعود اليوم إلى ما يسود الوسط الرياضي وخاصة لدى اللاعبين من ضعف فادح وانحدار جارح على مستوى التعبير.. لعلكم تابعتم مثلي تلك التصريحات الصادرة عن اللاعبين في مناسبات مختلفة ولاحظتم ما يعتريها من تدن على مستويي المبنى والمعنى. فجلهم- وإن لم أقل كلهم- لا يحسنون تركيب جملتين مفيدتين ويغرقون في تراكيب مُقَوْلبة يرددونها كالببغاوات «والله.. وإن شاء الله.. وربي معانا..». وفعلا «ربي معانا» أي مع كل من يتابع تلك «المصائب» اللغوية المصاحبة بكوارث قصرية وبنيوية! قد يتساءل المرء عن أسباب هذا الهبوط المفزع للأداء اللساني للاعبينا مقارنة بما يصدر عن لاعبي الفرق الأوروبية وحتى العربية من تصريحات تنم عن رفعة الفكر والقول. يبدو واضحا أن لاعبينا يشكون فقرا مدقعا في المحصول الثقافي لديهم.. فهم مكتفون بزاد الأقدام ولا يهتمون بشؤون الحياة الأخرى باستثناء الماديات منها طبعا.. إنهم يعيشون في إطار مغلق ودائرة ضيقة لا تتسع إلا لمدونة التكوير والدنانير، أما ما تبقى فلا يهمهم من قريب أم من بعيد. وهذا يؤكد القصور في النظرة لدى «الكوارجية» بصفة عامة ولكنه يكشف أيضا عن استقالة الحاضنين لهم سواء عائليا أو رياضيا. فما ضر أن يهتم المشرفون على هذا الصنف من مسيرين وفنيين بالجانب التثقيفي لدى منظوريهم.. وهذا لا يعني تحويلهم إلى تلاميذ لتلقي دروس خصوصية، ولكن بالإمكان تكوين حلقات- خلال أوقات الفراغ طبعا- تفتح الآفاق أمام اللاعبين عبر النقاشات والحوارات حول مستجدات الحياة بصفة عامة وما يجري في بلادنا وحولنا من البلدان القريبة والبعيدة؟ إن الثقافة على مرمى نظرة منا.. وهي على قارعة الطريق وفي متناول الجميع.. لذلك فإنه بالإمكان التزود منها بأبسط الوسائل، وبأقل الامكانيات والتكاليف. فالثقافة العامة من مشمولات الفرد ولا تحتاج إلى معلم أو أستاذ بقدر ما يحتاج صاحبها إلى رهافة الحس وحب البحث والتزود بما يفيد. وفي غياب هذا الحس لدى أهل الكرة فإن من واجبات الساهرين عليهم توعيتهم وإنقاذهم من «جهلهم» حتى يدركوا واجباتهم تجاه أنفسهم والمجتمع في الآن. علّموهم كيف يتثقفون وخاصة.. كيف يتكلمون ولألسنتهم يصونون وأجركم حاصل بإذن الله!.. .. وبالصدق ألاقيكم وأشد على أياديكم..