لقد استطاع الاستعمار الفرنسي ان يتسلط على الشعب التونسي لمدة تزيد عن سبعين سنة كاملة ناهبا لثرواته مستغلا لعرق عماله قامعا لتحركاته بالنار والحديد عبر كل محطات الاحتجاج والانتفاضات من الاحتلال العسكري سنة 1881 الى منتصف القرن العشرين عندما تهيأت ظروف اندلاع الثورة المسلحة وحرب التحرير. لقد خاض تلك المعارك آلاف المقاومين الأبطال متنقلين من جبل جرادو بالكاف الى جبل وسلات بالقيروان الى جبل برقو بسليانة الى جبل سمامة بالقصرين الى جبال السطح وعرباطة وسيدي عيش بقفصة الى الثقل الحقيقي وكثافة المقاومة المسلحة بجبال سيدي بوزيد كقبرار والخشم وقولاب وقارة حديد وفائض والجباس وقطرانة وهداج والمالوسي وسيدي خليف وبوهدمة وقصر الحدادة.. وامام اشتداد هذه المعارك في صيف وخريف 1954 والخسائر التي تكبدها العدو أجبر منداس فرانس على الرضوخ وعرض التفاوض مقابل ايقاف المعارك وتتابعت المحطات والاحداث من الاستقلال الداخلي الى تحرير بنزرت واسترجاع الاراضي الفلاحية. لكن الجزاء مع الاسف لم يكن على قدر العطاء. وقد تم تحقير كثير من أبطال التحرير والاستخفاف بدورهم ونعتهم ب «الفلاقة» كما تم تهميش جهاتهم وحرمانها من التنمية فصبر أهلها ورضوا قانعين بجرايات هزيلة ومذلّة لا تليق بهم كأصحاب فضل على هذا الوطن. واليوم بعد ان قضى منهم اكثر والنصف مازال الباقون على قيد الحياة يكابدون هموم الشيخوخة والأمراض والإعاقات والخصاصة والفقر ولا أحد يلتفت اليهم او يذكرهم بخير. وقد ازداد غبنهم وشعورهم بالظلم خاصة بعد ثورة الحرية والكرامة ثورة 17 ديسمبر 2010 والجميع يتحدث عن التعويض بعد إزاحة منظومة الفساد والاستبداد التي من أهم ضحاياها هؤلاء الشيوخ الذين ازاحوا استعمارا حطّ بكلكله جاثما علي تونس لمدة 75 سنة كاملة. لذلك أرى من واجب كل التونسيين بحكامهم ونوابهم وأحزابهم وجمعياتهم واعلامييهم رفع هذه المظلمة بأقصى سرعة والمناداة ب: ردّ الاعتبار المعنوي لهم وتكريمهم كأبطال تحرير. صرف تعويضات مالية تخفف معاناتهم بأقصى سرعة وقبل تفعيل قانون العدالة الانتقالية. الرفيع في جراياتهم الشهرية بما يتماشى والمستوى المعيشي الحالي ومصاريف الشيخوخة المتزايدة. منحهم بطاقات علاج وتنقل مجانين. استقبالهم قبل غيرهم ومجانا بالمراكز الاستشفائية النموذجية والحمامات المعدنية. تشغيل أبنائهم وتمتيعهم بالمنح الجامعية. تكفل الدولة في الموسم القادم بحجّ كل مقاوم قادر صحيا ولم يسبق له الحج. هذا ندائي للجميع من اجل تسريع القرارات وفاء واعترافا بالجميل لهؤلاء المتبقين من أبطال حرب التحرير قبل فوات الأوان خاصة وأن عددهم لا يشكٌل أيّ ارهاق لميزانية الدولة. محمد العربي زريبي