(من مبعوثنا ببغداد- حافظ الشتيوي) بدعوة من وزارة الثقافة العراقية تنقل وفد تونسي ضم 30 عنصرا للمشاركة في الدورة الاولى للمهرجان الدولي لمسرح الشباب ببغداد. وتعتبر المشاركة التونسية من اهم المشاركات العربية في هذه الدورة التأسيسية باعتبار تواجد الممثلة القديرة زهيرة بن عمار والإعلامي احمد عامر في لجنة تحكيم المسابقات الرسمية والمسرحيين جمال مداني ومنير العرقي وخالد بوزيد وفوزية ثابت كضيوف شرف والاعلاميين السادة صلاح القريشي وهادية درويش وكاتب هذا المقال لمواكبة هذا الحدث. استقبال بالورود لا أبالغ إذا قلت إن العراق كانت ومازالت وستظل بلد الحفاوة والكرم وحسن الاستقبال والوفادة ، وقد كان الاصرار على اقامة الدورة الأولى لمهرجان بغداد لشباب المسرح العربي بمثابة المغامرة والتحدي والإيمان من قبل مجموعة من الفنانين والمثقفين والمؤمنين بريادة الثقافة العراقية ودورها في خلق التوازن على المستوى العربي. ومنذ اللحظات الاولى لوصولنا تم تسخير حافلات وحراسة مشددة من الامام ومن الخلف لترافقنا إلى النزل حيث فوجئنا بالاستقبال الحميمي والحفاوة الكبرى والورود المهداة إلى جميع أفراد الطاقم. العراق تكرم تونس على طريقتها تعتبر هذه الدورة الاولى بمثابة الدورة التأسيسية باعتبارها تمهد لسنة 2013 باعتبار العراق عاصمة الثقافة العربية ومن خلال هذه الدورة الاولى وايمانا بريادة المسرح التونسي تم اختيار عرضين للمشاركة العرض الاول مسرحية «طواسين» في اطارالمسابقة الرسمية والعرض الثاني مسرحية «قصر الشوك» التي حظيت بشرف اختتام المهرجان وهذا الاختيار هو تكريم في حد ذاته إلى المسرح التونسي إضافة إلى ان الوفد المرافق هو اكثر الوفود عددا يحضر فعاليات هذا المهرجان. حماية أمنية مشددة في يوم الافتتاح تم تسخير قرابة الخمس حافلات لنقل الضيوف القادمة من مختلف الدول العربية وهي سوريا والمغرب والأردن والجزائر والامارات وسلطنة عمان والسودان ومصر وطبعا تونس. وعند التوجه نحو المسرح الوطني مكان الحفل الافتتاحي تم فرض حماية امنية مشددة على جميع الحافلات بتسخير مدرعة امامية ومدرعة خلفية مدججتين بجميع انواع الاسلحة إلى جانب السيارات المرافقة ثم انطلقنا في شوارع بغداد بسرعة مذهلة بعد ان فتح الطريق على مصراعيه لنصل إلى المسرح الوطني حيث تم بسط السجاد الاحمر احتفاء بالضيوف على طريقة المهرجانات العالمية. كلمات معبرة في حفل الافتتاح قبل انطلاق الحفل الرسمي لهذه التظاهرة دشن وزير الثقافة العراقي الدكتور سعدون الدليمي معرضا للصور الفوتوغرافية للفنان عمار علي عيسى الذي ضم خمسين صورة فوتوغرافية لأبرز الاعمال المسرحية الشبابية العراقية والعربية. ثم انطلق الحفل بالنشيد الرسمي العراقي في عزف راق للاوركستر السنفوني العراقي ليفتتح هذه الدورة بكلمة اكد على ان هذه اللحظة هي تاريخية مؤكدا ان فكرة احتضان شباب المسرح هي فكرة راودت الجميع منذ فترة لان الشباب يمثل الحياة مضيفا بكلمة معبرة اهتزت لها القاعة بقوله « ان المسرح البناء هو الذي يبني العقول والافكار لا كما يتصور البعض هو مكان لتقديم الرقص والفن فقط والبعض يعتقد انه حرام فهؤلاء يريدون أن يعم الظلام على الثقافة ولكن اقول لكم باننا سنوقد الشموع في كل الزوايا المظلمة لننير درب الادب والثقافة والادب والفن». وتلى كلمة الوزير كلمة رئيس المهرجان الدكتور شفيق المهدي الذي اكد على ان الشعوب العربية تعود من جديد لتجتمع والمسرح هو السبب فلا يمكن بناء مجتمع متفتح ديمقراطي ينعم بالحرية بدون مسرح وأعقبت كلامه مداخلة حيدر منعثر بكلمة شاعرية حول المسرح وجمال بغداد الجامعة بين المحبة والافكار المجنحة والمحبة للجميع ثم انطلق الاحتفال بفرقة الاوركسترا السنفوني وبأوبرات بغداد ثم عزف على العود لفرقة سامي نسيم. حافظ خليفة (تونس) «شيء مبهر هذا الافتتاح.. 1200 متفرج جالسين إلى جانب الذين لم يتمكنوا من الحضور والحضور التونسي متكون من 30 فردا ومن فرقتين وتونس هذه ضيفة شرف.. حقيقة العراق هي مدينة الضيافة واشعر ان هذا المهرجان بمثابة الفانوس الذي اشعلوه في هذه الظلمة ومن واجب أي فنان ان يكون موجودا في بغداد ليشاركهم الفرحة ويبني معهم ولو حجرة صغيرة في صرح المحبة لاعادة البريق إلى بغداد وبغداد ليست بترول فقط او إجراءات امنية او سيارات مفخخة بل هي ايضا بلد للثقافة والفنون الجمال». جمال المداني (تونس) «المهرجان ينبئ بأن يكون ضخما وكبيرا، حفاوة كبرى واستقبال غير عادي وظروف امنية مشددة مما يطمئن الناس للمشاركات المستقبلية.. والعراق احببنا ام كرهنا «لازم انو يعود إلى الريادة في الثقافة العربية» لأنه بلد الثقافة والشعر والابداع». جواد الشكرجي ( العراق) «هذه هي بغداد التي نريدها ان تكون العراق مركزا للفنون والمسرح وهذا المهرجان هو فرصة للالتقاء من جديد بالأشقاء العرب ومرحبا بكم في بلدكم الثاني ونتمنى ان نرى مزيد ا من الوفود العربية والاجنبية في سنة 2013 وبغداد عاصمة للثقافة العربية». محمد سامي طاهات ( الأردن) «لقد عشنا افتتاحا جميلا وبالرغم من الاجراءات الامنية المشددة فقد استطاع الاخوة العراقيون ان يقدموا عرضا متميزا وهذا ليس غريبا على بلد مثل العراق وأتمنى ان يدعم هذا النجاح في سنة 2013 كعاصمة ثقافية في العالم العربي». تعرض اليوم بالمسرح الوطني العراقي:مسرحية «طواسين» من تونس تطرح واقع الحكام العرب بعد ربيع الثورات العربية في إطار فعاليات الدورة الأولى لمهرجان بغداد لشباب المسرح العربي تشارك تونس في المسابقة الرسمية بمسرحية «طواسين» للممثل والمخرج حافظ خليفة وذلك اليوم بالمسرح الوطني العراقي بداية من الساعة الثامنة مساء. وتعتبر مسرحية «طواسين» من المسرحيات التي استقطبت اهتمام الساحة المسرحية والإعلامية في تونس ومتحصلة على جوائز عربية بالمغرب وبالجزائر وهي مسرحية تحاول الغوص في فترة من فترات تاريخ الأدب العربي القديم من خلال استحضار رموز التصوف آنذاك ومدى تفاعلهم مع المستجدات السياسية والاجتماعية مثل ابن عربي والحلاج وقرمط والسهرودي. وقد اعتمد المؤلف ابراهيم بن عمر على نص يجمع بين اللغة العربية ولهجة الجنوب التونسي في عملية إسقاط ذكي ومباشر لواقع العالم العربي والحكام العرب بعد ربيع الثورات العربية. وفي العملية الاخراجية ارتكز حافظ خليفة على خطاب يراوح بين الفكري والنخبوي وبين الشعبي والشعبوي في إطار إخراجي غير مسبوق من حيث السينوغرافيا المتحركة والإنارة الركحية والإبهار المشهدي. والمميز في أحداث هذه المسرحية التقاء الشخصيات المذكورة في مكان وزمان غير معروف ويطلب منهم ابليس تشكيل نواة دولة مع الاتفاق على تأسيس كيان يجمعهم ومن هنا تنطلق الصراعات بين الشخصيات وعملية عرقلة كل طرف في سبيل عدم نجاح الطرف الآخر في تشكيل ملامح الدولة التي يريدها وبالرغم من ذلك فهم يعيشون مواقف مؤلمة أحيانا ومضحكة أحيانا أخرى، تضطرهم إلى التآمر والتهكم من بعضهم البعض إلى جانب استحضار ماضيهم. وما يميز العرض أيضا أنه يقدم الحكام بطريقة هزلية ناقدة، حيث يقومون بتعرية واقع الشعوب العربية التي عانت الأمرّين من السلطة الجائرة لحكّامها، ويشارك في هذا العرض كل من حافظ خليفة ممثل ومخرج ومنذر العابد وفرحات دبش وعبد الباسط الشاوش ونادر بلعيد.